Site icon IMLebanon

حمّانا ترزح تحت وطأة سد القيسماني… أخطار كارثية والبلدة متروكة!

 

“بلد المياه بلا مياه”.. ربما اصبحت هذه الجملة لازمةً يريددها اللبناني بكل أسى بعدما تحولت مشاكل المياه متجاورةً مع ظروفه الصعبة تقريبا في كل المجالات الى معضلة مستعصية في بلد يفترض أن يكون مكتفياً مائياً.

ولملف السدود حصة الأسد من هذه المشاكل حيث تحوم على الأقلّ أسئلة استفهام كثيرة على عدد من السدود ليس سد جنة آخرها فسد القيسماني مشكلة أخرى تطرح حولها العشرات من الأسئلة. فأهالي البلدة رفعوا وما زالوا يرفعون الصوت عالياً بوجه هذا السد الذي لوث مياههم الجوفية بمياه الصرف الصحي وأدى الى شح كبير في المياه. فما حقيقة ما يجري في حمانا وما هي خفايا الموضوع؟!

“صهريج واحد.. والأغلى بين السدود”!

القصة تبدأ بعد أن تفاجأ أولاد حمانا أنّ السدّ بقي تحت اسم القيسماني على الرغم من نقله الى منطقة المغيتة في أدنى نقطة في سهل المغيتة. ففي العام 2001 قامت وزارة الطاقة بحرم لمياه نبع الشاغور الذي يغذي ضيعة حمانا، فقامت بنقل سد القيسماني الى سهل المغيتة والتي هي عقاريًا تعتبر فالوغا وليس حمانا، ولكن وزارة الطاقة قامت بهذا الحرم بمنطقة فالوغا لحماية المياه الجوفية وتحديدا نبع الشاغور، الا ان هذا المشروع لم يفِ بالغرض المطلوب. مع أنّه تجدر الاشارة الى أنّ البنود الاساسية من الخطة العشرية لانشاء السدود هي أوّلا الحفاظ على المياه الجوفية وتجميع المياه التي تذهب هدرًا الى البحر وليس المياه التي تغذي المياه الجوفية.

وفي معلومات خاصة لموقع Imlebanon، فإنّ مدير عام وزارة الطاقة الدكتور فادي قمير اعترض على نقل المشروع، معتبرًا أنّ المنطقة الجديدة التي سيتمّ انشاء المشروع فيها لن توفي بالغرض المطلوب، مشيرًا الى انه تمّ نقله بحجة أنّ في الموقع الجديد سيخزن كمية اكبر من المياه، بدل 650 ألف متر مكعب فسيخزن مليون متر مكعب، ولكن إذا قمنا بحسابات دقيقة، وحسبنا نسبة تبخر المياه والكمية التي ستبقى في داخل السدّ فلن يبقى اكثر من 650 الف متر مكعب، وإذا قمنا بتوزيعها على 35 ضيعة فلن يصلوا الى حد صهريج مياه واحد لكل ضيعة، ما يعني أنّ المشروع ليس منتجا اقتصاديا، فضلا عن أن قمير أكّد أنّ المشروع سيكلف أعباء مالية كبيرة بالنسبة لصيانة المنشآت، قائلا إنه من بين أغلى السدود كلفة.

الأخطار بين الهزات والجفاف

رئيس بلدية حمانا بشير فرحات يؤكّد عن أسباب الاعتراض الحاد على المشروع في حديث لـIMLebanon  أنّه “عندما اعترضنا على انشاء المشروع اخذنا كل الدراسات الى الجامعة الاميركية وتمّت مراجعتها من قبل 7 دكاترة، وصدر التقرير انه بأفضل سيناريو ممكن فإن مياه الشاغور تتأثر بالكمية والنوعية، وبأسوأ سيناريو يصبح هناك جفاف تام وتلوث بنسبة مرتفعة جدًا، وما حصل هو أنّ الأضرار ظهرت، فالمياه أصبحت ملوثة وكمية المياه انخفضت كثيرًا”.

ويضيف: “من ناحية أخرى، أخذنا استشارة من الدكتور اليكسندر سرسق المسؤول عن مركز بحنس للهزات الارضية، حيث أكد ان المنطقة التي يقام فيها السد يوجد فيها فيلقين من أكثر الفيالقة التي هي بحركة دائمة ومعرضة للهزات الارضية، وأعطى مثلا أنه تمّت استشارته بشأن سد شبروح ولم يعط اي سبب لمنع انشائه من ناحية خطورة الهزات الارضية، لأن الفيلق هناك غير خطر ووضعه سليم اكثر من منطقة ضهر البيدر”.

القرار سياسي.. والبلدة وحيدة

فرحات يلفت الى أنّ “حمانا معروفة بالمياه التي تتمتع بها، فحمانا من دون نبع الشاغور لم تعد حمانا لذلك قدمت البلدية دعوى لمجلس الشورى ولكن لا تزال عالقة، وأنّ قرارًا بوقف تنفيذ الاعمال صدر إنّما خرق هذا القرار والاعمال استمرّت بقرار سياسي بامتياز”. ويشدد على ان “البلدية لم توفر وسيلة ولكن لم تستطع القيام بشيء، واليوم من الضروري وقف الاعمال والحد من تفاقم الاضرار وايجاد حل للأزمة والتعويض عن الاضرار التي نشأت جراء هذا المشروع”.

“الاهالي اشمأزّوا من الوضع كثيرا لأنّ البلدة لوحدها تحارب ضد هذا القرار”، هكذا يتأسف فرحات على وضع مع انه يذكر ان “المسؤولين وعدوا بأن السد سيؤمن المياه لحمانا لكن الحقيقة ان السد لن يؤمنها بسبب مشاكل فنية كبيرة جدا ومتعددة”. ويتابع: “يريدون عزل السد بمواد زفتية مسرطنة، وحتى لو تم تكرير المياه فستبقى المواد المسرطنة موجودة لان تركيبتها خطيرة جدا على صحة الانسان”.

“وعدونا بالمن والسلوى”

وككلّ مشروع تقريبًا يراد تنفيذه في لبنان، يوضح رئيس البلدية أنّ “المسؤولين وعدوا البلدة بالمن والسلوى الا أنّ الامر لم يكن صحيحًا ومن يتابع الموضوع بشكل جدي يرى أنّ الموضوع “تنفيعة” أكثر ممّا هو حاجة”، مؤكدًا أنّ “هناك آبارًا كثيرة تعطي المنطقة تلوثت كلها بمياه الصرف الصحي”.

وعن امكانية ايجاد حلول، يذكر “اننا قدمنا حلا بديلا للمشروع وهو ان المياه التي تمرّ بالنهر وتنزل الى البحر حسب مقايس نهر الليطاني تصل الى نحو الـ500 ألف متر مكعب سنويًا لذلك يمكن الاستفادة من تلك المياه وأخذها من النهر وليس من فوق منطقة ولكن لم يستجب أحد”.

من جهة أخرى، يؤكّد فرحات أنّه “على الرغم من كل الظلم بحق حامانا، البلدية تسعى دائما الى اعادتها على الخريطة السياحية على جميع الصعد”، لافتا الى أنّ “العمل جار على اعطاء البلدة موقعها السياحي الرائد عبر اقامة المهرجانات، ووضع حجر الاساس لمشروع بيت الفنان، وإحياء مهرجان الكرز”.

هل ستلتفت الدولة الى معاناة حمانا وتضع حدًا لهذا المشروع أم ستغض النظر عن هذا المخطط الظالم بحق البلدة لغايات في نفس يعقوب وغيره كثر؟!