كتبت ثريا شاهين في صحيفة “المستقبل”:
يزداد الوضع السوري تعقيداً على الارض. الأمر الذي دفع في اتجاه تكثيف الاتصالات الاميركية مع الروس من اجل ترتيب المواقف وتنسيقها والضغط في مجال القيام بشيء ما، لا سيما وان القرار الدولي حول الحل هناك 2254 نص على ضرورة حصول العملية الانتقالية السياسية قبل الاول من آب.
والموفد الدولي للحل ستيفان دي ميستورا يدعو الى استئناف جلسات التفاوض السوري لكنه يدرك صعوبة ذلك. وتؤكد مصادر ديبلومسية، ان الاتفاق الاميركي الروسي هو الذي يمكنه ان يحرك المساعي السلمية، او ان يوفر المخرج الملائم للتعاطي مع الوضع السوري في مرحلة ما قبل الانتخابات الرئاسية الاميركية.
من خلال زيارة وزير الخارجية الاميركي جون كيري لموسكو اخيراً، جرى التفاهم، وفقاً للمصادر، على تنسيق العمليات العسكرية ضد “داعش”، شرط ان تتوقف العمليات العسكرية من الجو التي يقوم بها النظام، وان توقف المعارضة المعتدلة عملياتها ايضاً. هذا الاسبوع هو امتحان للاتفاق الاميركي الروسي، والنظام حالياً لا يزال يعمل على استكمال حصار حلب. اقصى ما يمكن ان يفعله الاميركيون والروس هو التهدئة لأشهر قليلة، لانه ليس من مؤشرات تدل على امكان احراز تقدم في الحل السياسي. انها آخر محاولة للادارة الاميركية الحالية، وهذا الاسبوع حاسم وهو يدل على ما اذا كانت لدى روسيا رغبة بحصول تنفيذ فعلي قبل الاول من آب لما اتفق بشأنه مع الاميركيين.
الازمة السورية ليست موضوعة على نار قوية لمعالجتها، وفقاً للمصادر. والموفد الخاص للأمم المتحدة لحل هذه الازمة ستيفان دي ميستورا كان يأمل ان تستأنف المفاوضات قبل نهاية هذا الشهر. الا انه لم يحدد موعداً لذلك. فهو يريد ضمانات قبل ان تبدأ، ومؤشرات فعلية بأنها ستنتج نوعاً من الاختراق الايجابي في الحل. فالمعارضة لم تقدم ضمانات لذلك. وهذا ما ينطبق ايضاً على النظام. لا بل ان الاوضاع متجهة الى التصعيد الميداني. وتعزو المصادر ذلك، الى ان طبخة الحل لم تنضج، وكل فريق يعمل في هذه الاثناء على تحسين مواقفه على الارض، في انتظار لحظة الوصول الى التفاوض. ولم يقل الرئيس الروسي إن الامور في سوريا طويلة الامد من لا شيء، بحيث ان المخرج الوحيد للحل هو سياسي وهو لا يزال بعيد المنال. الازمة السورية ازمة تتداخل فيها المصالح الدولية والاقليمية، ولم يحصل بعد تفاهم اميركي روسي على التصور النهائي للحل. ويستحيل وجود الحل السياسي من دون هذا التفاهم، وحيث ان الكلمة لهاتين الدولتين، ويبدو انهما لم تصلا الى تفاهم حول مصالحهما واقتسام النفوذ، في حين ان الشعب السوري يستمر في دفع الاثمان. وبالتالي، فان ما يحكم الارض الآن هو الموازين الدولية، وارادة الدول العظمى. والولايات المتحدة قدمت اسلحة متطورة الى المعارضة السورية، فاستطاعت اسقاط عدد من طائرات النظام. روسيا ترفض توفير تغطية جوية للعمليات التي يقوم بها النظام في حلب، الامر الذي ادى الى استياء ايران. ولا تتجاوب موسكو في فتح معركة حلب، التي تشكل قيمة استراتيجية كبرى للنظام. وهذا يعود الى التنسيق الروسي الاميركي، كما انه يشكل رسائل الى ايران، انه من دون الدعم الروسي لا يمكن لايران ان تقوم بالغرق في الوضع السوري. تماماً كما حصل في خان طومان وكاسانيا في ريف اللاذقية، حيث كانت مناطق تابعة للنظام، وتتقدم فيها المعارضة، روسيا تغض النظر، وفقاً للمصادر، عن دعم فعلي بالطيران للنظام، من جهة لافهام ايران وجماعاتها بمن فيهم “حزب الله”، انه من دون الدعم الروسي لا يمكن ان يحققوا النصر. ومن جهة ثانية، تساهم روسيا في الابقاء على “الستاتيكو” السوري قائماً في انتظار أوان الحل السياسي.
وبين الولايات المتحدة وموسكو اتصالات شبه يومية حول الوضع السوري. وفي العديد من النقاط، لا تتقاطع المصالح الروسية مع تلك الايرانية. روسيا كدولة باتت “عظمى” لديها طموحات ابعد من المنطقة، لا بل تمتد الى العالم كله، ولها رؤيتها التي لا تتناغم دائماً مع سياسة ايران ومصالحها.
لكن ما يخيف، انه في مرحلة الانتخابات الرئاسية الاميركية، ليس واضحاً بعد المسار الذي يجب ان يسلكه الحل السياسي السوري وفق القرار 2254. ويبرز بالتالي السؤال عن دور موسكو في هذه المرحلة، فهل ستستمر في تأمين توازن القوى على الارض وعدم تغطية المعارك الكبرى التي من المتوقع ان يلجأ اليها النظام لتحسين شروط وضعه على الارض، والتفاوض؟ يبدو ان الحلول الفعلية للازمات في المنطقة ستنتظر الانتخابات الاميركية.