وصل المشاركون في المسيرة التي تنظمها “حملة بدنا نحاسب”، للمطالبة بالنسبية، والتي انطلقت من البربير، إلى منطقة البسطا وسط تزايد في أعدادهم، بمواكبة من القوى الأمنية.
وأطلق المشاركون شعارات تطالب بإلغاء قانون الستين وإقرار قانون النسبية، إضافة إلى شعارات تنتقد تعامل الحكومة مع الملفات الحياتية.
إلى ذلك، نصب ناشطو حملة “بدنا نحاسب” عددا من الخيم في ساحة رياض الصلح في وسط بيروت، معلنين أن “اعتصامهم فيها سيستمر حتى نهار الخميس 4 آب تزامنا مع موعد انتهاء جلسات الحوار في مقر عين التينة”.
وقال الناشط في حملة “بدنا نحاسب” هاني فياض، في كلمة ألقاها باسم الحملة: “إن الحل الوحيد لتغير حياة اللبنانيين هو بتغير الطبقة السياسية الحالية من خلال إجراء انتخابات على أساس قانون النسبية”، مؤكدا أن “الأنظمة والقوانين يجب أن تكون بخدمة الشعب”، مشيرا إلى أن “السلطة الحالية في لبنان لا تؤخذ منها الحقوق إلا بقوة الشعب”، لافتا إلى أن “الحراك المدني لن يتوقف بعد الآن”، موجها تحية إلى “مؤسسة الجيش اللبناني”، داعيا إلى “الوقوف مع اهالي العسكريين المخطوفين لدى الجماعات الارهابية في تحركهم غدا”.
وقال: “المسيرة التي سرنا فيها اليوم، مسيرة عدنا من خلالها إلى الساحات، إلى ساحة الحراك الأولى هنا، إلى حيث يلتقي البرلمان، مقصدنا اليوم، مع السراي، مقصدنا في تظاهرات العام الفائت، إلى حيث سالت دماء المعتصمين والمتظاهرين للمرة الأولى منذ عام، مسيرة ابتدأت منذ عام تؤكد أن في هذا البلد مواطنين ومواطنات يؤمنون بالعمل الجاد والموحد، ضمن حراك جامع يبدأ من هموم الناس ولا ينتهي بالتغيير السياسي”.
أضاف “أنتم اليوم تؤكدون أن هذه السلطة لا تؤخذ منها الحقوق إلا بقوة الشعب، بعرق جبين المناضلين الصادقين. تؤكدون أننا شعب لا ييأس، لا يرهبنا قمع، ولا يثنينا تعنت من في هذه المباني، أولئك التجار والمقاولون وأصحاب المصارف والعائلات الإقطاعية الذين خلفهم الاستعمار كحكام لهذا البلد، لا بل كممثلين عنا جميعا”، معتبرا أنه “لن يكون لنا خيار آخر”.
وتابع “لأننا مواطنون، ولأن الشعب هو صاحب السلطة، لنا الحق بأن نتمثل في مجلس النواب، في مجلس الشعب لا مجلس التجار، فقد جئنا اليوم مطالبين بقانون انتخاب عصري على قاعدة النسبية الكاملة، قانون يعتمد المواطنة مقياسا، قانون يتضمن سلة الإصلاحات اللازمة لضمان صحة التمثيل”.
وإذ سأل “لماذا النسبية؟، هل لأننا نؤيد ما يطلبه البعض من أركان السلطة لمنفعة هنا أو مكسب هناك؟ هل نصدق أولئك الذين يبشرون بالنسبية ويحضرون للستين المشؤوم؟”، قال: “لا تصدقوا أحدا منهم، فإن أرادوا أمرا، لن يكون ذلك سوى لتحقيق المزيد من المكاسب والمغانم. أما بالنسبة لنا، فالنسبية هي المدخل الوحيد والخطوة الأولى لتحقيق المطالب المحقة، التي طالب بها كل منكم في يوم من الأيام”.
أضاف “فبعد عام على نزولنا للمطالبة بحقوقنا في التظاهرات المطلبية، يأتي اليوم هذا التحرك وهو سياسي بامتياز، ليتوج هذه المسيرة. فكما توحدوا جميعهم في وجهنا، إن كان بالقمع أم بالمسيل للدموع أم بالاعتقالات أم بالانتخابات النيابية، ها نحن هنا موحدون، مترفعون عن الخلافات الضيقة، مصممون على خوض المعركة سويا، كلنا يعني كلنا، لا نعرف كللا ولا نرضى بالهوان. خياران لا ثالث لهما، إما البقاء تحت عباءة الفاسدين المتسلطين، والرضى بالذل والتهجير والإفقار وحكم السفارات ونير المصارف، وإما المطالبة بخرق هذه المنظومة الحديدية المتكتلة على نفسها”.
وتابع “فلا تحلموا مثلا أن يأتي يوم في ظل هذه السلطة، ونرى نور الكهرباء ساطعا في منازلنا معززا مكرما. لا تتأملوا أن تطرح سلطة المقاولين هذه، حلا مستداما لأزمة النفايات، فقطع أرزاقهم من قطع أعناقهم. لا تتأملوا مثلا أن تقر لنا سلطة أصحاب المصارف سلسلة رتب ورواتب عادلة، فيتحرر الموظفون من عوزهم إليهم. كما لا تتأملوا من سلطة تجار الطوائف أن تحفر قبرها بيدها عبر تطبيق اتفاقهم في الطائف وإلغاء الطائفية السياسية. لا تنتظروا من سلطة أمراء الحرب أن تذهب الى إيجاد حلول جدية لتسليح الجيش اللبناني، وفي عيد الجيش ألف تحية ووردة لأبطاله القابضين على الجمر المرابضين على الحدود. لا، لا تنتظروا منهم شيئا من هذا، فهذه السلطة لا تعنيها همومكم، ولا يعنيها تحسين سبل عيشكم، بل لا تعنيها حياتكم من الأساس، وليست مأساة الجنود المخطوفين لدى المجموعات الإرهابية سوى دليل جلي على تقصيرهم تجاه من قرروا الانخراط في السلك العسكري وخدمة وطنهم، فبادلهم أركان هذه السلطة بالإهمال الذي يصل إلى مستوى الجريمة”.
وأردف “بالمناسبة، ندعوكم جميعا لمشاركة أهالي العسكريين المخطوفين في صرختهم، عشية عيد الجيش، قبيل ذكرى الاختطاف في 2 آب، لإطلاق سراح جنودنا العسكريين التسعة، غدا عند الثانية عشر ظهرا في هذه الساحة بالذات. الحل الوحيد للحصول على مطالبنا المحقة، أيا كانت، القديمة منها وما قد يطرأ اليوم، هو بتغيير هذا الطاقم السياسي…قولا واحدا”.
وسأل “كيف السبيل إلى ذلك؟ هل نذهب إلى نموذج التغيير الدموي؟ أم نذهب إلى خيار الانقلابات العسكرية؟ مجيبا “لا يا سادة…السبيل الوحيد هو الذهاب إلى صناديق الاقتراع، والجميع يعلم أن لا سبيل للتمثيل الصحيح سوى بالقانون النسبي، وهنا نعني النسبية الكاملة، وليس القانون المسخ المسمى بالمختلط، والذي يزيد من هيمنة أولئك الفاسدين. يقولون لكم، وهل النسبية حل سحري لجميع المشاكل؟ نجيب: وهل بغيرها نستطيع البدء بالتغيير؟ يقولون لكم، هذا قانون لن يدخل سوى عدد قليل من النواب الجدد إلى الندوة البرلمانية…نقول: وهل من قانون آخر يضمن تمثيلا أفضل؟ يقولون لكم: وهل نحن شعب واع يستطيع أن يفهم هذا النظام المعقد؟ نجيب: وهل نحن شعب قاصر غبي لا يفقه أبسط المفاهيم الديمقراطية؟ وهل بذلتم مجهودا جبارا، لتلقين رعاياكم قانون الستين يوم أقريتم ما كان اسمه يومها قانون غازي كنعان؟ إسمعونا جيدا: نحن معلمو هذه المعمورة من شرقها إلى غربها، من قدموس إلى البستاني إلى جبران! ونحن من سيعلمكم أنتم كيف تكون القوانين والأنظمة في خدمة الشعوب، ولن تكون الشعوب في خدمة الأفكار البالية”.
وختم “لأولئك الذين سيتحاورون الأسبوع المقبل لتقرير ماهية القانون، لأركان تلك الطاولة، التي ألغت مؤسساتنا الدستورية، نحن هنا! باقون هنا! في هذه الساحة! حتى اللحظة الأخيرة من حواركم! فاحذروا من الضرب بعرض الحائط بأماني الشعب وتطلعاته، وخذوا العبر من التاريخ، فلا سلطة استمرت بالدوس على آمال المواطنين! نحن هنا في اعتصام على مدى أيام الحوار، باقون، موحدون، مستمرون!”.