كتبت صحيفة “الأخبار”: عادت إلى الواجهة قضية التعيينات العسكرية، مع إعلان نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل، احتمال التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي، سنة جديدة. وعشية عيد الجيش في الأول من آب، وفي موازاة الحملة الترويجية الإعلامية التي أطلقتها قيادة الجيش، لا يزال بند التمديد لقهوجي بنداً خلافياً، على غرار ما حصل العام الفائت. وإذا كان مقبل يريد أيضاً هذه السنة التفرد بقرار التمديد، على قاعدة أن هذا الأمر يدخل من ضمن صلاحية وزير الدفاع وحده، فإن ارتباط مصير التمديد بقرار تعيين رئيس الأركان الجديد الذي يفترض أن يبته مجلس الوزراء، لا يزال يضع الموضوع على بساط البحث مجدداً .
حتى الآن، لم يفصح التيار الوطني الحر بوضوح عن الاتجاه الذي يسلكه إذا قرر مقبل توقيع قرار تأجيل تسريح قهوجي، وسط رأيين داخل التيار. الأول يعتقد أن التمديد أصبح أمراً واقعاً، وأنه ما دام التيار لن يسلك حالياً مسلك إنقاذ المؤسسة العسكرية وإحداث نهضة فيها، لأن أي قائد جديد للجيش لن يكتب له البقاء في منصبه إذا انتخب رئيس جديد للجمهورية، وتبعاً لذلك فلا لزوم للقيام بمعركة داخل الحكومة أو الاستقالة منها، على أن يتمسك التيار بحق طرح تعيين قائد الجيش على طاولة مجلس الوزراء وإن لم يجرِ التوصل إلى قرار باختيار بديل “يمشي التمديد”، وإن كان غير قانوني. علماً أن مطلعين على مواقف مقبل كانوا قد تحدثوا سابقاً عن فقدان الود بين وزير الدفاع وقائد الجيش في الآونة الآخيرة، وأن وزير الدفاع لم يكن متحمساً كثيراً للتمديد.
أما الرأي الثاني، فيدفع في اتجاه القيام بمعركة لتعيين بديل لقهوجي، مع إبقاء احتمال تعليق المشاركة في الحكومة وليس الاستقالة التي لا تؤدي غرضها. ويبدو أن هذا الاتجاه يحظى بتأييد أوسع مما كان يعتقد في صفوف قيادة التيار والتكتل، خصوصاً أن التيار يستفيد اليوم من قضية تعيين رئيس الأركان كي يضغط في اتجاه تعيين بديل لقهوجي. ويقول أصحاب هذا الرأي إن الاستمرار في الحكومة “لا يفيد بشيء”، وإن الخروج منها سيُسهم في الضغط باتجاه انتخاب رئيس للجمهورية، وخاصة أنها ستصبح فاقدة لأي تمثيل مسيحي وازن. كذلك إن خطوة كهذه ستُحرِج الحلفاء والخصوم في آن واحد. “فلا حزب الله قادر على الاستمرار في مجلس الوزراء بلا وزراء التيار الوطني الحر، ولا تيار المستقبل سيجرؤ على استمرار السلطة التنفيذية من دون غالبية المسيحيين، بعد استقالة وزراء الكتائب، وغياب القوات، ثم انسحاب التيار الوطني الحر في حال حصوله”. واللافت أن خيار انسحاب العونيين من مجلس الوزراء يشكّل مادة قلق لسياسيين في تيار المستقبل، أبرزهم وزير الداخلية نهاد المشنوق.
من جهتها، تؤكد مصادر مقربّة من الرئيس نبيه برّي أن “العونيين باتوا أقل تشبثاً برأيهم في ما يتعلق بالتمديد لقهوجي وأن التفاهم معهم بات أسهل”، لافتة إلى أن مسألة التمديد لقهوجي ليست عاجلة، إذ ستُرجَأ إلى أيلول، فيما تعيين رئيس جديد للأركان سيكون في بداية آب. وخرج أمس رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، مهاجماً التمديد لقهوجي في تغريدة على حسابه عبر موقع “تويتر”، رأى فيها أن “التمديد هو من البدع السخيفة في الجيش وأن هناك من يقوم به على حساب القانون”. وفي هذا الإطار نقل مطلعون على موقف جنبلاط أنه “لا يزال على موقفه المعارض لبقاء قهوجي، ولا يزال يُصر على عدم التمديد له أسوة برئيس الأركان. وكذلك فإنه يُبدي تجاوباً مع موقف عون، راغباً في عدم استفزازه”.
على صعيد آخر، أكد رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، أنّ “كلّ ما يُحكى عن انسحابه من الانتخابات الرئاسية عارٍ من الصحة وليس موجوداً أو مطروحاً”، لافتاً إلى أنّه “سيبقى في المعركة حتى الرمق الأخير، ما دام هناك من يؤيّده”. وبعد لقائه رئيس المجلس النيابي نبيه برّي في عين التينة، أشار إلى أنّ “مبادرة رئيس تيار المستقبل سعد الحريري بالنسبة إلى الرئاسة لا تزال قائمة، وأن الحريري لا يغير رأيه قبل الجلوس مع من تفاهم معهم”، وقال: “ما دام هناك من يقف معنا نحن مستمرون، لكن في المقابل لن نقف في وجه أي تفاهم وطني”. وأكد أن “لا أحد يمون علينا بالانسحاب إلا الإجماع الوطني الكامل”. من جهة أخرى، ردّ الحريري على كلام الأمين العام السيد حسن نصرالله بشأن المملكة العربية السعودية، معتبراً أن “هناك أشخاصاً يتقنون قلب الحقائق ويرمون سواهم بما يغرقون فيه من ممارسات وحروب ونزاعات أهلية ومذهبية”. ورأى الحريري في تصريح له عبر وسائل التواصل الاجتماعي أن “مواصلة التحامل على المملكة من بعض المواقع، علامة سوداء في تاريخ وحاضر الباحثين عن أي وسيلة لتعميم ثقافة الفتنة والحروب في العالم العربي”. وأضاف: “من يسمح لحزبه ومسلّحيه بأن يكونوا أداة إيرانية لصناعة الفتن في المجتمعات العربية، لن يحصل على براءة ذمة مهما أبدع في التزوير السياسي”.