كتبت رولا حداد
لم يفاجئ السيد حسن نصرالله المتتبعين بدقة مسار الأمور في لبنان والمنطقة. ففي الإطلالة الأخيرة للأمين العام لـ”حزب الله” أكد المؤكد رغم الرهانات الكثيرة على سراب التسويات: لا حلول ولا تسويات في المدى المنظور. لا رئاسة ولا قانون انتخابات… ولا من يحزنون!
قبل أيام من انعقاد طاولة الحوار الثلاثية التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري، أكد السيد نصرالله ضمنياً أن الوقت ليس ملائماً للبحث في الملفات الأساسية، ونصح المسؤولين ضمنياً بالالتفات الى ملفات مثل ملفي تنظيف مجرى نهر الليطاني ومتابعة قضية الانترنت غير الشرعي، من دون أن يلتفت نصرالله الى ملف رئاسة الجمهورية المعلّق حتى إشعار آخر، ولا إلى ملف قانون الانتخابات النيابية، ولا حتى الى السلّة التي كان رئيس المجلس يعرضها تحت طائلة التحذير من عدم القبول بها.
بعد كلام نصرالله من الطبيعي أن تضمحلّ آمال المتفائلين بقرب الانفراجات وباحتمالات إحداث خرق رئاسي، وخصوصا على صعيد اقتراب انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية. فموعد الانتخابات الرئاسية لم يحن بعد بحسب التوقيت الإيراني الذي يرعى فرضه “حزب الله” في لبنان، وهذا ما حدا بالسيد نصرالله الى تجاوز كل التفاؤل العوني، وعدم إيلاء الملف الرئاسي أي اهتمام في خطابه.
وللتركيز أكثر على موضع اهتمام إيران و”حزب الله”، قد يكون من المفيد أكثر الالتفات الى حجم الهجوم الذي تولاه نصرالله على المملكة العربية السعودية، ليتأكد للجميع أن لا حلّ في لبنان، وفي المدى المنظور، قبل حدوث انفراجات في العلاقة المتفجرة بين طهران والرياض، والتي يتولى نصرالله تظهيرها من دون تردد، وذلك من خلال حجم الشتائم والإساءات بحق المملكة التي تحتل الحيّز الأكبر من إطلالات الأمين العام في الأشهر الأخيرة.
المشكلة هي هناك، في هذه العلاقة الملتهبة بين المملكة وإيران، والتي تنعكس على كل ملفات المنطقة، من تعقيدات الحرب السورية رغم كل المساعي الروسية- الأميركية، مرورا بانهيار المفاوضات اليمنية في الكويت بعد ما يشبه انقلاب حلفاء إيران على هذه المفاوضات، مرورا أيضاً بالتعقيدات العراقية، وصولا الى لبنان العالق وسط كل هذه التجاذبات والتعقيدات.
بالتالي قد يكون مفيداً تخفيف منسوب التفاؤل، وعقلنة جرعات الرهانات على سراب الأحلام في لبنان، ومحاولة العمل على تقطيع هذه المرحلة الإقليمية بالحد الأدنى من الخسائر الداخلية، وعدم السماح بجرّ الداخل اللبناني الى ساحات المعارك الإقليمية، طالما أن الأطراف الداخلية استسلمت لواقعها المأزوم واعترفت بعجزها عن الانفصال عن المحاور الإقليمية، مهما كانت الشعارات برّاقة.
في الانتظار، قد يكون مفيداً بالفعل تنظيف مجرى الليطاني، من دون أن يتسبب هذا المشروع في نشر روائح فساد جديدة الخزينة في غنى عنها. وطالما أن ملف النفط يبدو أنه أصبح جزءًا من سلّة لم يحن أوان قطافها بعد، ربما من الأجدى الالتفات الى حقن المجتمع اللبناني ببعض الجرعات المخففة لأوجاعه، مثل محاولة معالجة ملف الكهرباء، ولو عن طريق تعميم منطق الإنتاج المحلي عبر شركات لبنانية، لأن ذلك سينعكس إيجاباً على المواطنين وعلى خزينة الدولة على حد سواء.
بأي حال، ربما قد نصل الى لحظة يطالب فيها السيد حسن نصرالله بأن يتولى شخصياً وضع جداول أعمال مجلس الوزراء وطاولة الحوار، طالما أن لا بنود ستصل الى خواتيمها من دون موافقته…