Site icon IMLebanon

هل يتحوّل “التيار” إلى تيارات؟

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: هل هو “سوء الطالع”، او “سوء التقدير” او “سوء الإدارة” ام كلها مجتمعةً تَشابكتْ لتضفي على الاشتباك الذي انفجر داخل “التيار الوطني الحر” الذي يقوده العماد ميشال عون طابعاً بالغ الدلالات ولا سيما مع بروز إسقاطاتٍ له على ملف الانتخابات الرئاسية؟

هذا السؤال يشغل بيروت في الفترة الأخيرة وتحديداً منذ ان خرج الى فوق الرماد “جمر” الخلافات داخل “أجنحة” التيار الحر، بين رئيسه جبران باسيل وبين ناشطين واكبوا مرحلة النضال العوني في عزّ الوصاية السورية على لبنان، وذلك على خلفية الانتخابات البلدية الأخيرة وصولاً الى القرار – القنبلة لمجلس التحكيم الذي تبلّغه 4 من رموز التيار هاتفياً مساء اول من امس وهم نعيم عون (ابن شقيق العماد عون) وزياد عبس وانطوان نصر الله وبول ابي حيدر وقضى بفصلهم نهائياً من الحزب.

وجاء قرار الفصل بعد نحو أسبوعين من تعليق عضوية عبس ومعه الناشطيْن جورج طشادجيان (منسق بيروت في التيار الحر) وجان كلود غصن لأربعة أشهر نتيجة الخلاف الأخير الذي نشب بين عبس وبين نائب رئيس “التيار الحر” الوزير السابق نقولا صحناوي في شأن الانتخابات البلدية في بيروت.

واستند طرْد الناشطين الأربعة الى مضبطة اتهامٍ عنوانها “إثارة أزمات التيار الداخلية في الاعلام” والتمرّد على قرارات حزبية، علماً ان هؤلاء لم يحضروا جلسة “محاكمتهم” التي كانت محدَّدة الأربعاء الماضي بعدما لم يؤخذ بطلبهم ان تكون علنية.

وما جعل هذا التطور يكتسب أبعاداً مهمة أبعد من كونه مجرّد شأن حزبي هو 3 نقاط:

* الاولى صعوبة فصل تأثيرات “الهزّة” داخل “التيار الحر” عن زعامة العماد عون، من بوابة إثارة علامات الاستفهام حول تداعيات إضعاف “ظهره” داخل “بيته البرتقالي” على صورته كأقوى مرشح للانتخابات الرئاسية وتالياً على “وزْنه” ضمن اللعبة السياسية ما لم يتمّ ضبط مشهد “البيت بنوافذ عدة” الذي طفا على السطح في الأيام الأخيرة والذي بدا بمثابة “الرمانة التي فجّرت القلوب المليانة” بين باسيل وخصومه في التيار الذين راكموا المآخذ وأبرزها: ما رافق مرحلة مأْسسة التيار وتأطير الحال الشعبية التي تشكّلت حول عون منذ ان تولى رئاسة الحكومة العسكرية الانتقالية بين 1988 و 1990، وتحديداً الملاحظات على النظام الداخلي للحزب الذي يكّرس رئيسه “حاكماً بأمره” وصولاً الى “توريث” الرئاسة لباسيل بلا انتخابات بعد “ضغوط معنوية” على ابن شقيق “الجنرال” النائب آلان عون للانسحاب من المعركة لمصلحة “الصهر”، وما بينهما من سوء إدارة بعض الملفات، والكلام عن تحكّم “العائلة” بالتيار وحظوة رجال الأعمال والمتموّلين الذين يتولون المناصب والحقائب الوزارية على حساب “المناضلين”.

* والثاني انه أتى عشية الانتخابات التمهيدية التي يجريها “التيار” اليوم لاختيار مرشحيه للانتخابات النيابية المقبلة، على قاعدة ان يقترع الحزبيون من حمَلة البطاقات للمرشّحين.

* اما النقطة الثالثة فهي تَزامُن قرارات الطرد مع بدء العدّ العكسي لذكرى 7 اب 2001، وهو التاريخ الذي شهد توقيف عشرات الناشطين والقياديين في التيار العوني و “القوات اللبنانية” اللذين كانا حجر الزاوية في حركة الاعتراض المتنامية برعاية الكنيسة المارونية ضد الوجود السوري آنذاك في لبنان.

ويُعتبر المطرودون من التيار الحر من أبرز الذين واجهوا آلة القمع والتنكيل في 2001، الأمر الذي عكس “حرْقة” في مواقف أطلقوها كما على مواقع التواصل الاجتماعي التي شهدت تعبير عونيين عن تضامنهم مع عبس خصوصاً موجّهين انتقادات قاسية لباسيل وصل بعضها الى حدّ توعُّده بأن يخسر الانتخابات النيابية.

وأشار عبس، الذي أوقف أكثر من 20 مرة ابان زمن الوصاية السورية، الى هذا البُعد امس، اذ أعرب عن الأسى “لأننا ايام الاحتلال (السوري) كانت التهمة لنا تشويه سمعة الدولة والاساءة الى دولة شقيقة، فيما اليوم نحال من النظام (الحزبي) بتهمة تشويه سمعة الحزب”، متوجهاً الى “رفاقي في التيار: لا تزعلوا، وأتوجه الى العماد عون بأن الزعل على قدر المحبة وكل ما فعلناه تعلمناه منه”، منتقداً “الحكم الجائر بحقنا والذي صدر من دون ان يتاح لنا الدفاع عن أنفسنا”.

ورغم اعتبار قيادة “التيار” انها لم تتصرف إلا وفق ما يمليه النظام الداخلي بإزاء تمرُّد على القرارات الحزبية، فإن الأنظار تشخص على ارتدادات “العاصفة” داخل “التيار” والمدى الذي ستبلغه “المعارضة العونية” التي لم تخرج عن احترامها وولائها للعماد عون مكتفية بالكلام عن “القمع داخل التيار وافتقاد الديموقراطية وشخْصنة القرارات”، ولا سيما في ظل ظهور الصهر الثاني للعماد عون العميد المتقاعد شامل روكز في المشهد وتمتُّعه برصيد كبير داخل “التيار” ما يجعله منافساً حقيقياً لباسيل الذي كان خلافه مع العميد المتقاعد أنطوان عبد النور أفضى قبل فترة الى استقالة الاخير من منصبه كمسؤول الامن والمواكبة لدى العماد عون.