تحت سقف طاولة الحوار التي عكسَت اتفاقاً ضمنياً بضرورة التهدئة خلال المرحلة المقبلة، وبروحيّة عدم الذهاب بنقاش أيّ ملف الى حدّ الصدام، انعقَد مجلس الوزراء عصر امس، بعد ساعة على انتهاء «ثلاثية الحوار»، في أجواء محتدمة لكن غير متفجّرة. إذ بدت الجلسة نسخةً متمّمة لطاولة الحوار، كلّ فريق لا يزال خلف متراسه: لا أحد تنازلَ، ولا طرف كسَر الآخر.
وفي معلومات لصحيفة «الجمهورية» أنّ رئيس الحكومة تمام سلام افتتح الجلسة بتذكيره المعتاد انّ انتخاب رئيس الجمهورية هو باب حلّ كلّ الأزمات، وطلبَ بَعدها وزير التربية الياس بوصعب الكلام، فأثار مأساةَ حادثة غرقِ الطفل كيفين مدلج خلال وجوده ضمن مخيّم صيفي، وقال: «منذ الحادثة عجزتُ عن تحديد المسؤولية، فمَن هي السلطة المسؤولة؟ ومَن يعطي التراخيص؟ الموضوع بدا متشعّباً جداً، فتبيّن انّ هناك أربعاً إلى خمس وزارات عليها مسؤولية في موضوع المخيّمات الصيفية، ولكن لا مرجعيّة محدّدة».
فطلبَ سلام القيام بخطوات لتنظيم هذا الملف في أسرع وقت ممكن.
ثمّ أخذ وزير الاتصالات بطرس حرب الكلام، عارضاً للأجوبة التي أعدّها حول الأسئلة الموجهة له في الجلسة الماضية في ملف الاتصالات. واعتمد، في معرض أجوبته، على مستندات ثبوتية وتقارير مفصّلة.
ولدى انتهائه، تناوبَ الوزراء على الإدلاء بمداخلاتهم، وكان أبرزها كالعادة مداخلة وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل الذي اتّهم مجدداً حرب بمخالفة القانون والدستور وحملَ مع وزيري «الحزب التقدمي الاشتراكي» وائل ابو فاعور وأكرم شهيّب على مدير عام «أوجيرو» عبد المنعم يوسف مطالبين بمحاكمته وإقالته.
وأثار بعضُ الوزراء ملفّ الهدر في المال العام، فقال وزير السياحة ميشال فرعون: «أيّ حكومة نحن؟ سَكتنا عن ملف النفايات لأنّها كانت على الارض، والآن نسمع عن هدر الاتصالات، فكلّ ملفات الهدر تُثار ولا تحرّك الحكومة ساكناً».
فاقترَح وزير الثقافة روني عرَيجي تجزئة ملف الاتصالات، وقال: «لنحِل العقد الموقّع بين «أوجيرو» والمديرية العامة للإنشاء والتجهيز إلى هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل لكي تبدي رأيَها. أمّا قضية عبد المنعم يوسف، فيمكن إرسال إيعاز الى القضاء للتسريع في محاكمته مع احترام فصل السلطات. وإذا كان هناك من ملف إداري، فليبتّ به التفتيش المركزي».
ثمّ ذكّر باسيل بأنّ العقد الموقّع بين «أوجيرو» وهيئة الإنشاء والتجهيز أصبح بقيمة 170 مليار ليرة بعدما كان 90 مليار ليرة، سائلاً كيف تُضاف مهامّ إلى هذه المديرية بطريقة غير قانونية تحتاج الى موافقة مجلس الوزراء، وأصلاً كيف يبرَم العقد ويجدّد خارج صلاحيات مجلس الوزراء ومِن دون مرسوم؟
فأجابه حرب: «هذا العقد يجدّد منذ كنتم أنتم في الوزارة، فلماذا تعترضون عليه الآن»؟
وبقي السجال في هذا المنحى الى أن حاولَ سلام إنهاءَه بتخريجةٍ كلّفَ فيها وزير الاتصالات العمل على تطبيق القانون 431 لجهة إنشاء مؤسسة «ليبان كول» وإنشاء الهيئة الناظمة للاتصالات. لكنّ باسيل وبوصعب وأبو فاعور وشهيّب رفضوا هذا الاقتراح، في اعتبار أنّ هذا ليس المشكل الوحيد في ملفّ الاتصالات. فردّ رئيس الحكومة: «طالما هناك قضاء فلندَعه يأخذ مجراه، ونحن نتحمّل مسؤوليتنا في اتّجاه تطبيق القانون».
فأجاب بو فاعور سلام: «إذا كنتَ تريد إصدار هكذا قرار فهذا حقّك، ونحن لن نقف في وجهك لكنّنا لن نسكت في الخارج».
بدروه، قال باسيل لسلام: «إذا كنتَ تريد إنهاء الموضوع، فبالنسبة إلينا لم ينتهِ ولن نقبل أن ينتهي هكذا».
وهنا، ارتأى سلام تركَ هذا الأمر لمزيدٍ من النقاش، ورفعَ الجلسة إلى الخميس المقبل، وقال إنّها لدرس جدول الأعمال من دون الإعلان عن إدراج بند الاتّصالات ضمن جدولها أو القول إنّها لمتابعة هذا الملف.