كتبت ملاك عقيل في صحيفة “السفير”:
انتهت انتخابات المتن الحزبية داخل «التيار الوطني الحر»، لكن يصعب منذ الآن التكهن بما ستنتجه هذه التجربة الحزبية على صعيد التحالفات العونية مع القوى المتنية في الانتخابات النيابية المقبلة.
وحين يقول رئيس الحزب جبران باسيل ان «التحالفات السياسية لا تعود للمرشّحين (الفائزين) بل للقيادة والقرار يلتزم به المرشّح بناء على معيار مصلحة التيار فقط»، قد يشعر العديد من العونيين بأن جهودهم لإبراز حضورهم الحزبي «بالأرقام» قد تذهب سدى. وحده «حقل الاختبار» قبيل الغربلة النهائية للأسماء سيظهر مدى صوابية هذا الهاجس العوني من عدمه!
الرسالة الأهم التي أطلقها باسيل، والتي أعقبت احتفالات الشمبانيا للنواب الاوائل الفائزين في أقضيتهم، أن «لا قيمة للنائب وحده، وأي ربح للفرد لا قيمة له من دون ربح المجموعة»!
وفق تراتبية الفائزين، حلّ طانيوس حبيقة ثانيا في المتن (213 صوتا) بعد النائب ابراهيم كنعان الذي حصد الرقم الاعلى (484 صوتا).
حبيقة واحد من خمسة مرشحين، مشكلتهم الاساسية، انهم تشتّتوا على الجبهات ولم يصلوا فريقا واحدا الى المواجهة، كما كنعان الذي مارس «المونة» حتى على منسّق القضاء هشام كنج، أحد أبرز الوجوه الحزبية في المتن، كي لا يترشّح، فيما استراتيجية الفريق الآخر كـ team قضت بمحاولة ايصال العدد الاكبر من المرشحين الى مرحلة الاستطلاع، فيما كان انسحاب واحد منهم سيغيّر النتيجة حتما.
لكن كل العِبرة في الرقم الذي سجّله «الناشط» حبيقة والذي كاد يلامس نصف عدد أصوات كنعان المنغمس منذ 12 عاما في العمل النيابي محترفا أصوله، وخصوصا الخدمات، فيما حبيقة، المقرّب من المعارضة ومن نبيل نقولا، يتّكل حصرا على جسر الثقة والتفاعل الذي بناه مع المحازبين طوال السنوات الماضية.
لكن اللوحة الحزبية المتنية في مرحلتها الاولى ستخضع لامتحان الاستطلاعات الى ان يحلّ أوان الحسم النهائي للتحالفات على ضوء «هوية» قانون الانتخاب المقبل.
منذ الإعلان عن «تفاهم معراب» في 18 كانون الثاني، دخل المتن مدار مناخ مسيحي جديد تماما كما الأقضية المسيحية الأخرى. لكن هنا على أرض المتن حسابات مختلفة ومتشابكة وتكاد تكون معقّدة.
هنا قلعة ميشال المر وخليفته المحتمل نجله الياس المر، وعنوان «البلوك» الحديدي لـ «الطاشناق» المترابط عضويا مع بيروت وزحلة، والساحة الثانية لعرض العضلات العونية بعد كسروان، وعرين «الكتائب» والحلبة المحتملة لاختبار نفوذ سامي الجميل، والبيئة الحاضنة لدور «قواتي» نيابي بنعمة «تفاهم معراب»، وهنا الوجود التاريخي لـ «القومي» وما يحكى عن طلب صريح هذه المرة لـ «القومي» بالتمثّل بحزبي على لائحة ميشال عون!
على مستوى ميشال عون وسمير جعجع، الأولوية للرئاسة وقانون الانتخاب. لكن المتن يفرض نفسه بالتأكيد من ضمن البقع الانتخابية التي قد تأكل فيها «القوات» من الصحن العوني، وستكون المفاضلة القواتية بين أحد المقعدين الماروني أو الكاثوليكي، وقد تذهب الى حدّ «الشهية الزائدة»، فتطالب بالاثنين، على حساب الآخرين!
وبرغم ندوب الانتخابات البلدية الأخيرة، يمكن القول إن علاقة «الجنرال» بميشال المر جيدة والتواصل قائم بينهما. وكان لافتا للانتباه، زيارة قام بها المر الى عون في الرابية برفقة ابنته ميرنا المر، قبيل الانتخابات البلدية، وأعقبتها، بعد الانتخابات، جلسة في عشاء السفارة السعودية بين باسيل وعون والياس بو صعب والياس المر برغم الالتباسات التي رافقت استحقاق المتن البلدي وانتهت بخروج الوضع عن السيطرة بين ابراهيم كنعان وعمارة شلهوب.
ولعل العلامة الابرز التي طبعت علاقة الفريقين هي عدم ممانعة عون انتخاب ميرنا المر رئيسة لاتحاد بلديات المتن للمرة الرابعة، حيث ترجم الأمر بمنح «البلديات المشتركة» التي للعونيين نفوذ فيها أصواتهم لها، فنالت موافقة 30 بلدية من أصل 33.
أما العلاقة مع «الطاشناق» فقد تجاوزت المطبات البلدية، وكان النائب اغوب بقرادونيان قد أبلغ عون شخصيا انه بعد تعيينه أمينا عاما للحزب لن يكون بمقدوره حضور اجتماعات «التكتل» بصورة مستمرة، ولذلك حين يحضر، يبقى مكانه محفوظا الى يسار «الجنرال».
يذكر أنه تم تسريب معلومات، في الآونة الأخيرة، عن إمكان نقل سامي الجميل ترشيحه الى بيروت ليتماثل مع تجربة جده بيار الجميل في العمل السياسي من قلب العاصمة على ان يرشّح أخته نيكول الجميل عن المقعد نفسه في المتن، فيما تستبعد أوساط متنية تخلّي «الشيخ سامي» عن قاعدته التي راكمها طوال السنوات الماضية إضافة الى الأسئلة بشأن مصير المقعد الماروني الذي يشغله حاليا النائب نديم الجميل في بيروت.