Site icon IMLebanon

تعقيدات عون وفرنجية ترجّح الرئيس التوافقي

 

 

كتب طارق ترشيشي في صحيفة “الجمهورية”:

يؤكّد قطبٌ سياسيّ أنّ البلاد مستمرّة في مراوحة سياسية يتوقّع أن تستمرّ حتى نهاية السنة على الأقلّ، ما يعني أن لا انتخاب رئاسياً سيحصل قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية، خصوصاً بعدما دخلت واشنطن في ورشتها الانتخابية، جاعلةً القضايا الإقليمية والدولية خارج اهتماماتها.يرى القطب أنّ القضايا الكبرى التي طرِحت في الثلاثية الحوارية ليست من القضايا التي يمكن الاتفاق عليها بين ليلة وضحاها، فكلّ منها يكاد يحتاج الى حوار خاص بها، خصوصاً موضوعي إلغاء الطائفية وإنشاء مجلس الشيوخ، إذ إنّ الجميع يعرفون كم من المحاولات بَذل رئيس مجلس النواب نبيه بري لتشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية، واصطدمت كلّها بعراقيل وتعقيدات ليس من السهل إزالتها. والجميع يعرفون أنّ الطريق إلى إنشاء مجلس الشيوخ يبدأ بانتخاب «مجلس نيابي على أساس وطني لا طائفي»، ولكن للوصول إلى هذا الأخير ينبغي إلغاء الطائفية أوّلاً.

ويقول القطب نفسُه إنّه إذا ألغيَت الطائفية فإنّ مِثل هذا المجلس لا يمكن انتخابه كمجلس النواب الحالي على أساس المناصفة بين المسلمين والمسيحيين المعمول بها حالياً بموجب المادة 95 من الدستور التي تدرجها في إطار «مرحلة انتقالية»، ولكنّ الواقع السائد لا يشير إلى أنّ أحداً يبدي حماسةً لإلغاء الطائفية والارتقاء إلى مستوى القبول بمجلس غير طائفي ربّما يَحمل الانتخاب إليه أكثرية إسلامية أو مسيحية، عِلماً أنّ المسيحيين يخشون من أنّ مجلساً مِن هذا النوع قد يحمل الانتخاب إليه غالبية إسلامية حتى بغير قصدٍ، وذلك نتيجة الواقع الديموغرافي السائد في البلاد.

وإذ يتناول القطب السياسي نفسُه موضوع الاستحقاق الرئاسي وما يَعوق إنجازَه، يؤكّد أنّ «الطبخة» الخاصة به لم تنضج بعد، وما زال أمامها وقتٌ طويل يمتدّ إلى نهاية السنة، وربّما إلى السنة الجديدة حتى تنضج.

علماً أنّ لائحة الترشيحات القائمة، بدأت تضيق حيناً وتتوسّع أحيانا، وفقاً لحركة المشاورات السياسية الجارية في شأنها والتي لم تثمر بعد توافقاً على أيّ مِن المرشحين.

ولكن ما حصَل خلال الثلاثية الحوارية الأخيرة وخارجها، كشفَ عن أنّ الذهاب إلى خيار «الرئيس التوافقي» من خارج الترشيحات المطروحة، وتحديداً ترشيحي رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون ورئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، قد بات مطروحاً بقوّة، والبعض بدأ يتوقّع أن يكون الخيار ـ المخرج للأزمة الرئاسية في ضوء التعقيدات الكثيرة التي تواجه ترشيحَي عون وفرنجية على جبهات عدة داخلية وخارجية.

على أنّ الجميع ينتظرون ما سيَعود به الرئيس سعد الحريري من لقائه المنتظر في طنجة مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، حيث يتوقع البعض أن يفاتح الحريري خلاله العاهلَ السعودي في أمر الاستحقاق الرئاسي، في ضوء مبادرته ترشيحَ فرنجية التي أطلقَها قبل بضعة أشهر، ويؤكّد هو وتياره أنّهما مستمرّان فيها، وكذلك في ضوء حركة المشاورات الجارية بينه وبين عون مباشرةً أو عبر الموفدين والتي يرشَح منها أنّه يمكن أن يتبنّى ترشيح الأخير ويتخلّى عن ترشيح فرنجية.

علماً أنّ فرنجية كان واضحاً في القول على طاولة الحوار بأنّه يتمسّك بترشيحه ولكنّه مستعدّ للانسحاب من السباق الرئاسي إذا حصَل توافق على مرشّح ثالث بمعزل عنه وعن عون، علماً أنّه كان قد ردّد مراراً أنّه مستعدّ للانسحاب في حال حصَل توافق على حليفِه عون. في حين ذهبَ الرئيس فؤاد السنيورة إلى اقتراح الخروج من ترشيحَي هذين الرَجلين إلى انتخاب مرشّح توافقي، ما ولّدَ انطباعاً لدى الجميع أنّ تيار «المستقبل» تخلّى عن ترشيح فرنجية ولم يتبنَّ ترشّحَ عون، حسب ما روّج البعض في الأيام الأخيرة.

وفي هذا السياق يقول سياسيون إنّ المرحلة المقبلة ستشهد مزيداً من التبَلور في المواقف على مستوى ترشيحَي عون وفرنجية، ولكن حتى الآن تشير كلّ المعطيات الى أنّ مِن الصعوبة في مكان نفاذ أيّ منهما، فالعقبات التي كانت ولا تزال تعترض ترشيحَ عون لا تقلّ عنها شأناً العقبات التي تعترض ترشيحَ فرنجية، علماً أنّ بعض المعنيين يكشفون أنّ الحريري حتى ولو قرّر تبنّي ترشيح عون فإنّه لا يضمن فوزَه بالأكثرية النيابية المطلوبة، بل لا يضمن توافرَ نصاب أكثرية الثلثين لانعقاد جلسة الانتخاب، وقيل إنّ الحريري عندما فاتحَ البعض في احتمال سيرِه بعون، فوجئ بأنّ هذا البعض ممّن يفترض أنّهم حلفاء عون عبّروا عن احتمال عدمِ انتخابِه وأكّدوا أنّهم يؤيّدون فرنجية.

والأمر نفسُه ربّما يواجهه ترشيحَ فرنجية، إذ قد ينبري البعض ممّن هم حلفاؤه إلى عدم تأييده، وإن كانوا يقدّمون له «الأسباب التخفيفية» حول الاتّهامات التي وجّهها إليه البعض منهم بأنّه «قدّم تنازلات سياسية كبيرة» للجهة التي رشّحته، ولا يمكن حلفاؤه أن يقبلوا بها أو يتحمّلوها.

في ضوء هذا الواقع يبدو الاستحقاق الرئاسي ما زال موغلاً في التعقيد من جرّاء انعدام التوافق الداخلي عليه من جهة ومِن جرّاء تصاعد الأزمات في الإقليم وانعدام الاهتمام الدولي من جهة ثانية، ولذا لا مفرّ للأفرقاء السياسيين من الاستمرار في الحوار في الرئاسة وغيرها من البنود إلى أن تحين ساعة الاستحقاق.