كتبت فيفيان عقيقي في صحيفة “الأخبار”:
قصور البنى التحتيّة اللبنانيّة يقف حائلاً أمام خفض نسبة الفقر وتحقيق الازدهار، وخصوصاً القصور في مجالات الاتصالات والكهرباء والنقل والمياه. هذه خلاصة دراسة «قطاعات البنى التحتيّة» التي أعدّتها مجموعة «البنك الدولي»، في إطار اتفاقيّة الشراكة التي وقّعتها مع الحكومة اللبنانيّة للفترة الزمنيّة الممتدة من 2017 – 2022.
يعتمد البنك الدولي على نظريّة «التكامل بين جميع القطاعات الاقتصاديّة» للتأكيد أن القصور في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات يحدّ من النمو وخلق فرص العمل، إذ يعدّ قطاع الكهرباء المصدر الرئيسي لضعف الاقتصاد الكلي، نظراً إلى استنزافه الماليّة العامّة للدولة من جهة، وحاجته إلى ورشة إصلاحيّة ملحّة. وتشير الدراسة إلى أن التأثّر الأكبر للاقتصاد الكلي بهذا القطاع كان بين عامي 2006 – 2014، عندما نقلت الحكومة اللبنانيّة معدّل 4.3% من إجمالي ناتجها المحلي إلى «مؤسسة كهرباء لبنان» التي تعاني من عدم الكفاءة التشغيليّة، وتقدّم نوعية سيئة من الخدمات، باختلاف شاسع مع دول إقليميّة، فالشركات في لبنان عليها الانتظار 56 يوماً للحصول على التيار بعد تقديم طلبها، مقابل 13 يوماً في الأردن و19 يوماً في المغرب. كذلك فإنها تعاني من 50 انقطاعاً كهربائياً في الشهر بمعدّل 5.2 ساعة/شهرياً أي 8.7 ساعة/يومياً. أمّا إمداد المناطق بالتيار الكهربائي فمتفاوت ويخضع لتمييز بين المناطق الفقيرة التي تعاني تقنيناً يصل إلى 12 ساعة/يومياً، والمناطق الغنية مثل بيروت التي تعاني تقنيناً بمعدّل 3 ساعات/يومياً.
بالنسبة إلى قطاع النقل، إن نوعيّة البنيّة التحتيّة والخدمات المقدّمة سيئة بحسب الدراسة، ويحتلّ لبنان المرتبة 120 بين 144 دولة لناحية مؤشّر جودة الطرق، لكون طرقات الأرياف والأطراف في حالة سيئة جداً. يحتلّ أيضاً المرتبة الأسوأ في سجلات السلامة على الطرق على مستوى العالم، وتبلغ التكلفة الاقتصاديّة لحوادث المرور والإصابات في لبنان معدّل 5.5% من إجمالي الناتج المحلي. أمّا التكلفة الاقتصاديّة لزحمة السير (تصيب بيروت الكبرى بالنسبة الأكبر)، فهي بمعدّل 5 ــ 10% من إجمالي الناتج المحلي. ونظراً إلى غياب وسائل النقل المشترك، تنفق الأسر نحو 15% من دخلها لتلبية احتياجات النقل.
ويحقّق لبنان مرتبة أقل من المستويات المتوقّعة في الدول المتوسطة الدخل لناحية خدمات إمدادات المياه، إذ يعاني القطاع عجزاً شديداً في تقديم خدمات المياه، رغم الارتفاع النسبي لكمية المياه المتوافرة للفرد الواحد، وما يتبع ذلك من تأثير ملحوظ في الفقراء الذين ينفقون 15% من إجمالي دخل الأسرة على مصادر المياه البديلة. يعود ذلك إلى التأخّر في تطبيق برامج تطوير البنية التحتيّة بعد الحرب اللبنانية، والفساد الإداري المرتبط بمؤسساتها، والبنية التحتيّة المهترئة التي لا تلبي الطلب المتزايد على هذا المورد، ما وسّع التفاوت بين إمدادات المياه التي تبلغ ذروتها في الشتاء والطلب عليها الذي يبلغ ذروته في الصيف، وجعل السعة التخزينية الأدنى في المنطقة، إذ يخزّن لبنان 6% فقط من مجموع موارده المائيّة مقارنة مع معدّل الشرق الأوسط الذي يبلغ 85%.