كتب نقولا ناصيف في صحيفة “الأخبار”:
يروي رئيس مجلس النواب نبيه بري بعض وقائع خلوة الايام الثلاثة، الاسبوع الفائت، لأقطاب الحوار بعدما بلغته مواقف بعض المشاركين فيها او المنتمين الى كتلهم، كما لو انهم يتنصلون مما ناقشوه او اتفقوا عليه:
«كان لدى البعض اعتقاد بأن في الامكان انتخاب رئيس للجمهورية من دون الاتفاق سلفاً على كل ما هو مختلف عليه.
في مستهلّ اليوم الاول قلت اننا جميعاً تحت سقف اتفاق الطائف لوضع حد لكل ما يقال عن المؤتمر التأسيسي. لم يرفع احد اصبعه كي يقول العكس. اذا اجمعوا على مرجعية اتفاق الطائف. انتقلت الى بند ثان هو ان علينا ان نتفق، لكن ما نتفق عليه لا ينفذ الا بعد انتخاب رئيس للجمهورية الذي هو البند التنفيذي الاول في اي تسوية. لم يعترض احد ايضا والجميع وافق. كان هذان البندان منطلق شعوري بايجابية تسود المتحاورين اكثر من اي وقت مضى. طرح النائب سامي الجميل تنفيذ بعض بنود الدستور، فرد النائب أسعد حردان بتعداد تلك التي طبّقت كالمجلس الدستوري والمجلس الاقتصادي الاجتماعي والمجلس الوطني للاعلام، وتعداد التي لم تنفذ منه كالهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية وقانون انتخاب وطني خارج القيد الطائفي ومجلس الشيوخ. ثم دار الحديث في هذا الشأن. في اليوم الثاني من الخلوة شرحت أسباب فشل محاولتي (1994) تأليف الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية والاعتراضات التي واجهتها من كل اتجاه، وخصوصاً من المرجعيات الدينية. قلت ان من الصعوبة بمكان الخوض في هذا البند الآن، فلنفكر في قانون الانتخاب وطنياً لا طائفياً، يليه استحداث مجلس للشيوخ. سأعطي تفسيري لهذين البندين المتلازمين كوننا نحن، اي مجلس النواب، مَن يفسر الدستور. مع ان وضع قانون انتخاب وطني لا طائفي يسبق استحداث مجلس للشيوخ، لنجر الاثنين متزامنين. قانون انتخاب وطني يعني بالنسبة اليّ مناصفة بين المسيحيين والمسلمين لتطمين الجميع.
لا رئيس للجمهورية اذا لم نتفاهم على السلة
اما مجلس للشيوخ فنمنحه صلاحيات مستقلة له، وكلانا يشرّع، وعند الخلاف نحتكم الى المجلس الدستوري، مع ان هناك مَن يعتقد بأن ذلك ينتقص من صلاحيات مجلس النواب، او يقول انني أفرّط بهذه الصلاحيات. اطرى الرئيس السنيورة والوزير جبران باسيل على كلامي. صرنا في اليوم الثالث والجميع وافق على ما اثرناه في اليوم الثاني على ان ندخل في اليوم الثالث في ورشة عمل ذلك كله. طرحت كيفية انتخاب مجلس للشيوخ وقلت بأن يكون وفق المشروع الارثوذكسي والتصويت النسبي في لبنان دائرة انتخابية واحد،ة فتختار كل طائفة ممثلها فيه. اما قانون الانتخاب الوطني خارج القيد الطائفي فيكون اما وفق لبنان دائرة انتخابية واحدة او اعتماد المحافظات الخمس التاريخية، وفي كل حال التصويت نسبي».
عند هذا الحد، الافرقاء جميعاً وافقوا على هذه الاقتراحات، يقول الرئيس بري، الى ان كان مَن قال بعد ذلك كله: كيف تنفذ هذه البنود ولا رئيس للجمهورية؟
يضيف رئيس المجلس: «كان الجواب على هؤلاء اننا بتتنا ذلك في اليوم الاول من الخلوة عندما قلنا ان البند التنفيذي الاول هو انتخاب رئيس للجمهورية، ثم نباشر تنفيذ البنود التي نتفق عليها. لن يطبق بند قبل انتخاب الرئيس. ذكرت بما حصل في اتفاق الدوحة (2008). لم نتفق هناك على انتخاب رئيس الجمهورية لأن الاتفاق على العماد ميشال سليمان، وعلى الفتوى الدستورية لانتخابه، كانا قد حصلا هنا، قبل ان نذهب. اقتصر اتفاقنا في الدوحة على قانون الانتخاب والحكومة ونصابها. لكن عندما عدنا الى بيروت كان انتخاب الرئيس اول ما فعلناه، ثم سائر بنود السلة حينذاك. قبل المتحاورين بهذا التأكيد بأن انتخاب الرئيس اولاً. بينما نحن نوشك على انتهاء اعمال الخلوة واتفقنا على العودة الى الاجتماع في 5 ايلول، تذكر فجأة النائب سامي الجميل السلاح (سلاح حزب الله). قلت له ما الذي ذكّرك به في هذه اللحظة؟ لم يكن حتى هذا الوقت قد اتى احد على ذكره طوال الايام الثلاثة. قلت له: الآن ذكّرت الرئيس السنيورة بالسلاح. خلص. لم اعد اريد هذا الحوار. هبّ الجميع واولهم الجميل للتمسك بالحوار واستمراره».
يخلص بري: «على رأس السطح، اذا لم يحصل تفاهم على السلة على ان ننتخب الرئيس اولاً، فإننا ذاهبون الى قانون الستين. السلة بلا انتخاب رئيس تقودنا الى الفراغ، وانتخاب رئيس بلا سلة يبقينا في الخلاف والانقسام حيث نحن. لذلك ادعو الى هذه السلة. اذا استمررنا على ما نحن عليه، فإننا ماضون الى قانون الستين الذي يرفضه كل الشعب اللبناني. اذا عدنا اليه يعني اننا لا نزال حيث نحن. لا احد يريد قانون الستين. ماذا نفعل اذا عندما نصل الى الانتخابات النيابية بعد اشهر قليلة. لا مجلس نيابياً ولا رئيس للمجلس، لا حكومة ولا رئيس للحكومة، وفوق ذلك كله لا رئيس للجمهورية. اي نذهب الى الفراغ الشامل الذي يقودنا الى الفوضى، وربما الى حرب اهلية، مَن يدري؟».
اما على مَن يعتمد كي يتوقع انتخاب رئيس للجمهورية قبل نهاية السنة؟
يجيب: «على الله. هل يعقل ان نستمر ايضاً الى نهاية السنة بلا رئيس وقد انقضت سنتان وثلاثة اشهر تقريباً. نكون نخرب البلد. لا رئيس اذا لم نتفاهم على السلة».