IMLebanon

لماذا لم تسأل “داعش” عن “أذرُعِها” حتى اليوم؟

da3esh-isis

 

 

كتب جورج شاهين في صحيفة “الجمهورية”:

تُراقب المراجع الديبلوماسية والسياسية والأمنية بدقّة صمت «داعش» تجاه وقوع عدد من أذرعها في قبضة القوى العسكرية والأمنية، على عكس ما حصل مع «جبهة النصرة» عند توقيف قادتها، بحيث لم تُسجّل لها بعد أيّ ردة فعل تُقاس بحصيلة العمليات النوعية والإستباقية التي أوقعت برؤوس كبيرة. ما الدافع الى هذا الصمت؟ وهل من تفسير له؟خلف كمٍّ كبير من الملفات المليئة بالتقارير والبرقيات الأمنية الملوّنة للدلالة على نسبة خطورتها، يجلس أكثر من مرجع أمني مواكباً التطوّرات والإجراءات التي تتّخذها الأجهزة الأمنية والعسكرية لمواجهة المخاطر المحدقة بالبلاد، وهو ما ترجمه قادتها في حالات كثيرة شهدها البلد.

فقادة هذه الأجهزة يعترفون بأنّ ما زاد من التعاون في ما بينهم وعزّزه يعود في جانب منه الى ما فرضته الأزمة السورية من إستحقاقات خطيرة على البلد، وما ألقته من أعباء ناءت تحتها قدرات الأجهزة الأمنية والإستخبارية الإقليمية والدولية في مواجهة الإرهاب المعولم الذي خرق القارات وحصانات الدول العظمى بلا عوائق كبيرة.

ويعترف أحد القادة الأمنيين بأنّ هذه الأجهزة ما زالت على العهد بالتنسيق التام، على رغم فقدانها الرعاية السياسية التي كان يشكلها وجود رئيس المجلس الأعلى للدفاع والقائد العام للقوات المسلحة الخاضعة لسلطة مجلس الوزراء بسبب الشغور الرئاسي المتمادي وسط التجاذبات، فالشغور الذي فرز اللبنانيين بين الإستحقاقات الكبرى ووضعهم في معسكرات متقابلة انعكس سلباً على المستويات السياسية والنيابية والحكومية والإقتصادية والإدارية، لكنّ الأجهزة العسكرية والأمنية ما زالت في منأى عنه وخارج تأثيراته باستثناء الأزمة العابرة التي تعانيها المديرية العامة لأمن الدولة.

من هذه المعطيات، يتوسّع المرجع الأمني في قراءته للتطوّرات الأمنية، ليقول إنه وباستثناء العمليات التي تنفّذها الأجهزة العسكرية والأمنية ضمن نطاق عملياتها وانتشارها التام، لم ينفّذ أيّ جهاز أيّ عملية من دون أن يكون نظراؤه في أجواء التحضيرات التي سبَقتها وأهدافها للمؤازرة عند الحاجة.

وهو ما ضمن نجاح الكثير منها، فأوقعت برؤوس وشبكات خطيرة حرّضت وخطّطت ونفّذت عمليات إرهابية دفع ثمنها لبنانيون وعرب وغربيّون مقيمون على الأراضي اللبنانية، عدا عن تلك التي عطّلت أخرى كانت في طور التحضير، فاستبقتها بتوقيف أبطالها وإن ما زالت تبحث عن المحرّضين.

وعند استعراض هذه الوقائع وما فيها من إنجازات أمنية، لا يُخفي المرجع الأمني بعض الهواجس التي يتقاسمها وزملاؤه، ومعهم ديبلوماسيون وقادة أجهزة أمنية واستخبارية دولية إزاء صمت المجموعات الإرهابية التي أوقعت القوى الأمنية بأذرعها الخطيرة في الأسابيع الأخيرة.

وفي غمرة البحث عن سبب هذا الصمت، تتّجه الأنظار بالدرجة الأولى الى «داعش» التي ما زالت تحتفظ بتسعة عسكريين لبنانيين مخطوفين لديها منذ عامين ولم يظهر حتى الساعة أيّ رد فعل على توقيف عدد من قادتها.

ويستذكر هؤلاء ردات الفعل السابقة التي رافقت توقيف بعض قادة «جبهة النصرة» وأقرب المقرّبين من عائلات قادتها والتي فتحت المجال أمام مفاوضات قادت الى الإفراج عن العسكريين المخطوفين في عمليات تبادل لم ينسها أحد بعد.

 

لذلك طرح توقيف عدد من قادة «داعش» المعادلة عينها، وفتحت العيون على تردّدها في طرح ملف العسكريين المخطوفين لديها، ولو من باب السؤال عن قيادييها على الأقل، ما قد يفتح الباب على مفاوضات جديدة تبحث في مصيرهم. فالموقوفون هم من قادتها النافذين وكانت لهم مواقعهم الحساسة في إدارة الجبهة المفتوحة على شتى الإحتمالات على امتداد عرسال وقرى القلمون.

وعليه، طرح السؤال عن أسباب تجاهل قيادتهم لمصيرهم، على رغم إدراك الجميع أنّ هناك وسطاء مستعدون لمثل هذه المهمة وسبق لهم أن جرّبوا ذلك في أوقات سابقة. لكنّ محاولاتهم لم تنتهِ الى ما يشكل قاعدة لإطلاق مثل هذه المفاوضات لا في شأن العسكريين ولا في ملف مطراني حلب المخطوفين ابراهيم اليازجي ويوحنا ابراهيم.

ولذلك يعترف القادة الأمنيون ومعهم الديبلوماسيون بوجود ما يدعو الى التوجّس من أن تمتزج هواجسهم بقلق يرقى الى الخوف الجدي على مصير العسكريين المخطوفين الذين لم يعودوا موضع تفاوض بالنسبة إلى «داعش».

وهو أمر ما زال قيد النقاش ولا يستطيع أحد أن يثبته أو ينفيه. لذلك لا يوجد حتى الساعة أيّ تفسير في انتظار ما يحسم الأمور في هذا الإتجاه أو ذاك وسط التخبّط الإعلامي الذي يرافق هذا الملف وحجم الروايات الإعلامية الخاطئة التي تنشر من وقت لآخر. فإلى متى؟