Site icon IMLebanon

كل الدروب الرئاسية تقود إلى “طاحونة” عون!

كتبت ملاك عقيل في صحيفة “السفير”:

حين يُترك الكلام للوزير جبران باسيل على منبر الرابية، بعد أشهر طويلة من الغياب عن “الشاشة”، يكون المقصود توجيه رسائل تحذيرية ومباشرة يُنتظر من الاخرين البناء عليها، لكأن ميشال عون “الصائم عن الكلام” في هذه الايام هو نفسه من يخاطب المعنيين بها.

ولأن “الجنرال” ليس خبير اتصالات ولا أي من أعضاء “التكتل”، تمّت الاستعاضة عن مؤتمر صحافي يخصّصه باسيل لـما أسماها “فضائح” الوزير بطرس حرب ومدير عام “أوجيرو” المهندس عبد المنعم يوسف، بطلّة شخصية لوزير الخارجية من الرابية لتفنيد “ارتكابات” الرجلين و “تخبيصهما” في صحن الاتصالات، ولم يخل الأمر من توجّيه رسائل سياسية في الاتجاهات كافة.

لم يقل باسيل ما هو خارج عن مألوف السمع السياسي، لكنه وللمرة الأولى منذ فتح ملف التعيينات العسكرية، تُحضّر له جملة مكتوبة سلفا بعد اجتماع “التكتل” تؤكّد المؤكّد: رفض التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي و “إذا حصل أي خلل سنعلن موقفنا في الوقت المناسب”.

وكان لافتا للانتباه اختيار خصوم “التيار” جملة واحدة “مفيدة”، برأيهم، من خطاب يوم الثلثاء الماضي وكادوا يشيدون على أساسها عمارات من “الأوهام”. للمرة الأولى أيضا، وهذا ما أشار اليه باسيل صراحة، تقول الرابية حرفيا بأنها غير متمسّكة بشخص ميشال عون لرئاسة الجمهورية بل بالمبدأ، معلنا التزام “التيار” بالتخلّي عن عون “إذا اختار الشعب غيره”.

لكن ما اعتبر في ميزان رافضي وصول عون الى الرئاسة فتحا للأبواب لمجرّد الاشارة الى عدم التمسّك بـ “الجنرال” رئيسا، تكفّلت الرابية بإقفاله سريعا.. وتوضيح المقصود.

فالأولويات في الرابية لا تزال على حالها، وهذا هو الواقع تماما قبل الشغور الرئاسي وبعده، بعد توقيع تفاهم معراب وبعده، وقبل “الاستفتاء المستقبلي” وبعده.

عشية الجلسة الثامنة لانتخاب رئيس الجمهورية في أيار 2014 اطلق عون مبادرة نوعية، رأى يومها المتابعون أنها ردّ مباشر على وصول المباحثات بين الرابية و “بيت الوسط” الى الحائط المسدود، وقامت على أساس تعديل الدستور لانتخاب رئيس الجمهورية بالاقتراع الشعبي واجراء الانتخابات النيابية وفق “المشروع الارثوذكسي”.

لكن قوة الشغور الرئاسي كانت أقوى من مبادرة وصفها بعض خصوم عون بـ “الانقلابية”، خصوصا أنها أتت في ظل تردّي العلاقة مع سعد الحريري بعد تلاشي مفاعيل لقاء “الجنرال” و “الشيخ” في أوروبا في كانون الثاني 2014.

بعدها، أطلق عون مبادرته الثانية مع بلوغ الشغور الرئاسي عامه الاول تحت عنوان “إعادة النظر باتفاق الطائف” داعيا إلى انتخابات رئاسية مباشرة من الشعب على مرحلتين (مسيحية ثم شاملة) أو لاستفتاء شعبي وينتخب من ينال الأكثرية، كما دعا إلى إجراء انتخابات نيابية قبل الرئاسية على أساس قانون جديد يؤمّن المناصفة بين المسيحيين والمسلمين.

بالأمس، حين طرح باسيل معادلة “لا تمسّك بعون ولكن…”، كان يقصد تماما الخيارات التي لا تزال حاضرة منذ أكثر من عامين على طاولة الرابية ومفادها ان مجلس النواب الحالي منتقص الشرعية، ويمكن في هذه الحالة الركون الى أحد هذه الخيارات:

أولا، تسوية “ميثاقية”، كما يصفها العونيون، تتيح انتخاب مجلس النواب الحالي غير الشرعي، ميشال عون رئيسا بوصفه صاحب التمثيل المسيحي الاول.

ثانيا، إجراء انتخابات نيابية على أساس قانون عادل (النسبية) تمهّد لانتخاب الرئيس، وهو في هذه الحال لن يكون إلا عون، لأن تحالف “الاقوياء” على الصعيد النيابي لن يوصل سوى الرئيس المسيحي الميثاقي القوي.

ثالثا، استطلاع شعبي (على مرحلتين)، وهنا يردد العونيون أنهم مرتاحون، “لأن الاكثرية المسيحية معنا”.

تقول شخصية وثيقة الصلة بعون ردّا على ما يفترض أنه “بوانتاج” قامت به الرابية للمزاج الشعبي بشأن الرئاسة “نحن طرحنا منذ البداية الاستفتاء على مرحلتين، ولم نقم يوما بأي بوانتاج، وسنرضخ للنتيجة مهما كانت طالما الالية الميثاقية متاحة”.

عودة إذا الى المربّع الاول. تكمن المسألة في مدى تجاوب الفريق الممانع، وسط تأكيدات من جانب الرابية ان طرح مجلس الشيوخ الذي اثير في الخلوة الحوارية “يثقّل الملفّ الرئاسي.. ولا يسهّله”.

وهل يمكن ان تكون ردّة الفعل العونية صدامية حيال أي تمديد محتمل لولاية قائد الجيش، إن بالنزول الى الشارع او الانسحاب من الحكومة؟ تجيب الشخصية المقربة من الرابية “عندها لكل حديث حادث”!