ذكرت صحيفة “الأخبار” ان النائب سعد الحريري سيمضي قرابة شهر خارج البلاد، مُتنقلاً بين المغرب وفرنسا، على أن يعود في أوائل شهر أيلول. في طنجة المغربية، يُعوّل رئيس الحكومة الأسبق على لقاء الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز ونجله وليّ وليّ العهد محمد بن سلمان.
همّه الأساسي يتركز على “تسوية أوضاعه المالية”، استناداً إلى مصادر رفيعة المستوى في تيار المستقبل. فقد تبيّن للحريري أنّ كلّ ما حُكي عن تدخلات سعودية لمساعدة شركة “أوجيه” على الخروج من أزمتها “ستكون على شكل قرض وليس هبة”، وهدفها ليس حل أزمته، بل تخليص الاقتصاد السعودي من كارثة عدم تلقي عشرات آلاف الموظفين لرواتبهم، وتحولها إلى مشكلة سعودية مع عدد من دول العالم، من فرنسا إلى الهند والفيليبين والمغرب وغيرها من الدول التي لا يتلقى مواطنوها رواتبهم منذ أكثر من 8 أشهر. كذلك فإنّ “الابن المُدلل” لحُكام الرياض، توصل إلى قناعة مفادها أنّ “جميع خيارات السعوديين سيئة، وهي ستؤدي حتماً إلى زوال إمبراطورية سعودي أوجيه، أو على الأقل، انتقال ملكيتها من آل الحريري إلى آخرين”. والنقطة البارزة هنا هي الكارثة التي ستحل بآلاف الموظفين اللبنانيين العاملين في الشركة، والذين لا يجرؤون حتى اليوم على رفع أصواتهم عالياً، للمطالبة بحقوقهم، خوفاً من أي إجراءات عقابية تطاولهم.
في هذا الوقت، يستمر الحريري بقضاء الوقت في المغرب، أملاً بلقاء الملك السعودي وابنه. أما الوقت المستقطع، فسيستغله للتوجه إلى فرنسا، حيث من المنتظر أن يلتقي الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند. وتردّد في بيروت أن هذا اللقاء سيكون على هامش افتتاح منتجع سياحي كبير، أقامته “مجموعة نجم” اللبنانية، في الدائرة الانتخابية السابقة لهولاند الذي سيرعى اليوم حفل الافتتاح الذي يستمر لثلاثة أيام.
قوى سياسية كثيرة تنتظر عودة الحريري إلى لبنان، بعدما روّج الفريق اللصيق به أنه سيتخذ قرارات مهمة بشأن الانتخابات الرئاسية، بعد انتهاء “إجازته” الممتدة لنحو شهر. لكن مصادر مطلعة على نقاشات تيار المستقبل، تؤكد أن كل ما يفعله الحريري هو “التسلية” و”تضييع الوقت”، بانتظار كلمة السر السعودية. فرغم أن كلام السفير السعودي في لبنان علي عواض العسيري في الأشهر الماضية كان يجزم بعدم وجود فيتو من النظام الحاكم في بلاده على أي مرشح رئاسي، إلا أن رئيس تيار المستقبل يريد كلمة السر من “الصف الأول” في الرياض. وهو لا يجرؤ على عقد تسوية مع حزب الله تؤدي إلى انتخاب الجنرال ميشال عون رئيساً للجمهورية، من دون أن يتلقى ضوءاً أخضر ووعداً بالدعم من قبل حكام الجزيرة العربية. فما يؤرقه هو تآكل شعبيته، فيما جمهوره “لن يبلع” تسوية تؤدي إلى إيصال عون إلى بعبدا. كذلك لا يمكنه الرهان على العودة إلى السلطة رئيساً للحكومة لترميم شعبيته، لأن هذه العودة ستكون محكومة بـ”دفتر شروط غليظ” من حزب الله، يتضمّن اتفاقات مسبقة على إدارة الدولة، من تركيبة الحكومة إلى البيان الوزاري فالموازنة وملف النفط وقانون الانتخابات، وصولاً إلى السياسة الخارجية. و”دفتر الشروط” هذا يراه الحريري “وثيقة إذعان” ستدمّر ما بقي من شعبيته. وأمام هذا الواقع، لا يبقى من حل يحفظ ماء وجه رئيس التيار الأزرق، بحسب سياسيين وسطيين، سوى إمرار التسوية عبر “السلة المتكاملة” التي يتبناها الرئيس نبيه بري. حتى ذلك الحين، سيبقى الحريري يمارس “التسلية” بالتلويح تارةً بقرب تبنيه ترشيح عون، ثم العودة إلى التمسك بترشيح النائب سليمان فرنجية. وبين الخيارين، “لا بأس برفع راية المرشح التوافقي”. أما الوقائع على الأرض، فلا تزال حيث هي: انتظار كلمة السر السعودية، مع وعد بالدعم يقي تيار المستقبل شرّ تجربة أشرف ريفي الطرابلسية.
على صعيد آخر، روّجت شخصيات في تيار المستقبل أنّه بعد انقضاء إجازة سفير السعودية في لبنان علي عواض العسيري، التي تستمر إلى أيلول المقبل، “سيكون قد اقترب موعد إحالته على التقاعد”، ما يعني أن آخر أيامه سفيراً لن تكون في لبنان. والمصادر نفسها ترى أن “من غير المفهوم ما إذا كانت السعودية ستعمد إلى خفض مستوى تمثيلها أو ستُعين سفيراً جديداً”.