Site icon IMLebanon

تركيا تمسك العصا من نصفها بين واشنطن وموسكو

 

 

تلقفت الادارة الاميركية جدياً الرسائل التركية وسارعت الى “تبرئة ساحتها”، بما يتعلق بفتح الله غولن ومحاولة الانقلاب، مؤكدة مدى اهمية العلاقات مع تركيا، الا انها بحسب ما يقول مصدر ديبلوماسي غربي لـ”المركزية”، تحاول على ما يبدو الإمساك بالعصا من نصفها، اذ في حين اشار وزير الخارجية جون كيري في اعقاب محاولة الانقلاب والاجراءات الردعية التي اتخذتها انقرة الى ان لتركيا الحق في مقاضاة من شاركوا في الانقلاب، فانه في المقابل حذرها من التمادي في العقوبة متذرعاً بمخاوف على حقوق الإنسان والديمقراطية والحفاظ على الاستقرار في دولة رئيسية من أعضاء الحلف الأطلسي، وهو ما وضع العلاقات بين الدولتين تحت ضغط كبير وتوتر عززته ترسبات ناتجة عن اختلاف في الأولويات لدى الدولتين في ما يتصل بالملف السوري ومستقبل البلاد، اذ في حين تريد أنقرة إسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد باعتباره خطراً محدقاً عند حدودها، اقتصرت اهداف واشنطن على محاربة تنظيم “داعش”، وسط خشية لدى كلا الدولتين اذا ما تبنت أهداف الأخرى ان تهمّش أهدافها الرئيسية الخاصة، كل ذلك معطوف على الدعم الأميركي العلني لأكراد سوريا الذي يستفز تركيا.

لكن في الوقت نفسه، يفيد المصدر ان واشنطن تدرك تماما مدى التهديد الوجودي الذي يشكله “داعش” على تركيا بما يجعلها “تفكر مرتين” قبل الاقدام على اي خطوة قد تؤدي الى نسف العلاقات مع واشنطن، ذلك ان التنظيم ينتشر على حدود تركيا البالغة نحو 900 ميل مع العراق وسوريا، بما يبقي الحاجة التركية إلى الولايات المتحدة قائمة من أجل التصدي بفاعلية للاسد و”داعش” على حدٍّ سواء.

ويؤكد المصدر ان حجم الفجوة في العلاقات بين أنقرة وواشنطن مرشح للتقلص كون الحاجات والمصالح المشتركة التي ما زالت تجمع الدولتين أقله في ما يتصل بالازمة السورية أكبر من أن تفرقها محاولات تركية لاعادة وصل ما انقطع مع روسيا، خصوصا ان عنصر الثقة بين الرئيسين فلاديمير بوتين واردوغان غير مكتملة عناصره والتجارب السابقة غير مشجعة، كما ان كيري اوضح ان بلاده تحترم ديمقراطية تركيا وإرادة شعبها وإذا ثبت أن غولن اشترك في تنفيذ هذا الانقلاب ستسعى الولايات المتحدة لتسليمه فورا، وهو موقف يوضح رغبة أميركا بعدم التصعيد مع تركيا.

اما ما يثار عن ان تركيا قد تنتقل من الضفة الاميركية الى الروسية، مستندة الى ان موسكو تمتلك اليد الطولى في المعادلة الاقليمية، فيعتبر المصدر انه في غير محله، فاردوغان يدرك تماما ان موسكو تتقاطع مصالحها مع تركيا اقتصاديا ونفطيا، وقد تلقفت الفرصة الثمينة بتدهور العلاقات التركية مع ادارة الرئيس باراك اوباما وتحسن علاقاتها مع اسرائيل لتعزز موقعها وتكسب الى جانبها حلفاء واشنطن، وهو ما تعتبره من دون شك نقطة لصالحها في سياق تثبيت نفوذها المستجد في المنطقة، ليس من خلال الانفتاح عليهما فحسب بل محاولة تقديم بديل. ويختم المصدر ان مجمل هذا المشهد ظاهر بوضوح للعيان والرهان على انهيار العلاقات بين انقرة وواشنطن في غير محله، لكن اردوغان يوظف كل الفرص المتاحة لتثبيت قدميه في الميدان الاقليمي وفرض نفسه لاعباً اساسيا “تلهث” خلفه الدول الكبرى.