كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: “السلّة المتكاملة للحلّ، أو لا رئيس للجمهورية”، “السلّة المتكاملة أو الحرب الأهلية”، “السلّة أو الإبقاء على قانون الستين لانتخابات 2017 النيابية بما يساوي الفراغ الكامل”، “رئيس قبل نهاية السنة أو الخراب”، “العماد ميشال عون رئيساً في ايلول أو المواجهة في تشرين الاول”… هذا غيْض من فيْض “المعادلات” التي تتدافع على المسرح اللبناني هذه الأيام عاكسةً الواقع السياسي المأزوم والذي يسير على “حبلٍ مشدود”، طرفه الأوّل “مربوط” بالتعقيدات الداخلية التي تعتمل منذ العام 2005 حول التوازنات في الحكم وإدارة اللعبة السياسية، فيما طرفه الثاني متّصل بـ”البركان” المتفجّر في المنطقة وما تشهده من “صراع فيلة” بين اللاعبين الكبار الإقليميين والدوليين.
والثابث في المشهد اللبناني انه دخل مرحلة “سبات” طوال اب الجاري وسط التحولات البارزة في الميدان السوري من بوابة حلب واستعادة الملف اليمني مناخ المواجهة بعد فشل مفاوضات الكويت، ومن دون ان يتضح أفق هذه الحال “الانتظارية” لبنانياً والمرشّحة لان تطول أقلّه حتى نهاية السنة ما لم تحصل تطورات خارج الحسبان من مثل “معجزة” توافق داخلي يصعب “اعتراضه” من قوى التأثير الاقليمي على إنهاء الفراغ في رئاس الجمهورية، في حين تبقى “نهاية النفق” محكومة بواحدٍ من احتمالين: الاول حصول حدّ أدنى من التوافقات الخارجية من ضمن تفاهُم ولو بـ “الأحرف الأولى” على “خريطة النفوذ” في المنطقة.
اما الاحتمال الثاني فهو اختيار أحد قوى الثقل الاقليمي ذات التأثير على الواقع اللبناني “قلب الطاولة” في التوقيت الذي يلائمها لانتزاع مكاسب في لبنان على قاعدة “دفتر الشروط” الذي صار واضحاً والذي رسمتْه قوى 8 آذار التي يقودها “حزب الله” بدقّة، واضعةً خصومها في 14 آذار بين إما استمرار الاستنزاف وصولاً الى فراغ قاتِل قد يفضي الى مؤتمر تأسيسي يعيد النظر بنظام الطائف، او السير بمفهوم “حل السلة” تحت سقف “صُوَري” هو الطائف بما يتيح إعادة توزيع “كعكة السلطة” ووضْع ضوابط لإدارة اللعبة السياسية وتوازناتها.
واذا كان شبه محسوم ان جلسة الحوار الوطني الجديدة التي دعا اليها رئيس البرلمان نبيه بري في 5 ايلول المقبل لن تفضي الى أيّ مخارج للأزمة الرئاسية بل تشكل حلقة جديدة في “ربْط النزاع” بين أطراف الصراع الداخلي، فإن الطريق الى سبتمبر يبدو “جاذباً للألغام” التي تتراكم، بدءاً من العناوين المعيشية المستعادة وصولاً الى استحقاقات سيكون موعد حسْمها الشهر المقبل وتحديداً التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي في ظلّ تعذُّر التوافق على خلَف له نظراً الى آلية اتخاذ القرارات في مجلس الوزراء الذي “ورث” صلاحيات رئيس الجمهورية، وايضاً لاعتبار أطراف سياسية رئيسية انه لا يجوز القفز فوق حق رئيس البلاد، باعتباره القائد الاعلى للقوات المسلحة، في ان تكون له كلمة وازنة في اختيار قائد الجيش.
وهذا الملف بالتحديد يشي بتعقيدات كبيرة في ضوء الاعتراض العلني من زعيم “التيار الوطني الحر” العماد ميشال عون على اي تمديدٍ جديد للعماد قهوجي، وذلك كامتداد لموقفه المبدئي ضدّ التمديد وايضاً لسببٍ “مضمر” هو ان مثل هذه الخطوة يمكن تفسيرها على انها تُبقي حظوظ قائد الجيش كأحد “مرشحي التسوية” في الانتخابات الرئاسية التي يخوضها عون على طريقة “يا قاتل يا مقتول” وهو القائل سابقاً “معركتي اليوم من دون سقف فإما أن أربح أو أخسر ولن أتركها إلا شهيداً”.
ورغم المعلومات عن ان التمديد شبه المحسوم لقهوجي سيُقابل بردّ فعل من فريق عون، الا ان غير الثابث هو حدود هذا الردّ، وسط استبعاد دوائر سياسية ان يلجأ زعيم “التيار الحر” الى الحدّ الأقصى المتمثل بالاستقالة من الحكومة اذا لم يكن الأمر من ضمن سياق اقليمي لنقل الواقع اللبناني الى مرحلة أكثر تأزُّماً، لأن ذلك قد يعرّضه لدفع أثمان تؤثر على “معركته الأم” (الرئاسية) في لحظةٍ حساسة يحاول خلالها كسب ودّ أطراف داخليين مثل الرئيس بري وخصوصاً الرئيس سعد الحريري، ناهيك عن تحميله من الخارج مسؤولية المساس بالاستقرار الذي ما زال يُعتبر دولياً “خطاً أحمر”، وهو ما يرجح ان يلعب عون ورقة أقل من الاستقالة وأكثر من الاعتراض الشكلي.
وكان لافتاً في ملاقاة مناخات التصعيد المحتملة ان رئيس الحكومة تمام سلام أبدى رداً على ما يحكى في أوساط “التيار الحر” عن حل رئاسي في ايلول أو مواجهة في تشرين الاول، تشاؤمه باقتراب موعد الحل اذ ان ايلول على الأبواب، ولا ضوء في الافق، لكنه لم يتخوّف من المواجهة “فالظروف غير مهيأة لمواجهة. ومَن سيواجه من؟ لا إمكان لمواجهات لان الجميع في مأزق ولو توافرت الظروف قبل اليوم لكانت المواجهة وقعت منذ زمن. والفعل الممكن هو الاستقالة من الحكومة، وهو لا يقدم شيئاً، بل بالعكس يسيء الى المؤسسات ويدفع الى انهيار اضافي. ولا يمكن تهديدي بهذا الأمر إذ انني حسمت أمري في هذا الاتجاه، وترددت أمام المسؤولية الوطنية. ولكن اذا صمم اللبنانيون على خراب بلدهم فلا يمكن أي قرار دولي ان يحفظ استقرارهم، فالمجتمع الدولي حريص على استقرار لبنان لكن هذا الحرص يسقط أمام ارادة اللبنانيين”، موضحاً “ان لا حل الا بانتخاب رئيس للجمهورية، وثمة ستة أو سبعة أسماء من خارج الاسماء الاربعة المتداولة يمكنها القيام بهذه المهمة”.
وفي سياق متصل، وبعد كلام كثير عن دور يضطلع به وزير الداخلية نهاد المشنوق لإقناع فريق الحريري بتسوية على قاعدة القبول بعون رئيساً، نقلت تقارير صحافية عن المشنوق نفيه أن يكون سوّقَ داخل “تيار المستقبل” لفكرة ترشيح عون، مؤكداً أنّ ما اقترَحه هو التفكير في خيارات بديلة “حيث لن يكون النائب سليمان فرنجية مرشّحَ تيار “المستقبل” إلى الأبد، ونحن تيّار قرار ولسنا تيّار تشاور وانتظار، ويجب أن نضع خيارات بديلة أمامنا للخروج من الأزمة. أنا قلتُ نريد رئيساً، ولم أقل نريد العماد عون”.