كتب ناصر زيدان في صحيفة “الأنباء” الكويتية:
مجموعة من المؤشرات السياسية قد تنفتح كوَّة في جدار الانسداد السياسي في لبنان، وربما تؤدي الى عقد جلسة نيابية كاملة في السادس من سبتمبر القادم، ينتخب خلالها رئيس جديد للجمهورية.
كلام وزير الخارجية ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل عند انتهاء اجتماع تكتل التغيير والاصلاح الثلاثاء الماضي، حمل اشياء جديدة لم نتعود سماعها من قيادات التيار، خصوصا على لسان باسيل ذاته، وهو أقرب القيادات الى العماد ميشال عون المرشح الابرز لرئاسة الجمهورية.
باسيل قال حرفيا «لن نتمسك بالعماد عون للرئاسة، وأي خيار ميثاقي آخر للشعب سنوافق عليه».
يمكن تحميل كلام باسيل مجموعة من التفسيرات، ومنها اعادة تكرار سيناريو قديم يتحدث عن الميثاقية، او عن الشخصية الأكثر تمثيلا في البيئة المسيحية، او عن الذي يرأس اكبر كتلة نيابية… إلخ. رغم كل ذلك، لا يمكن تجاهل صدور كلمة غير متمسكين «بالعماد عون» عن باسيل، لأن القضية واضحة منذ البداية، وقالها اكثر من مسؤول في حزب الله «اما ميشال عون او الفراغ».
عندما يخرج باسيل من الشخص الى المبدأ، يعتقد الكثير من المحللين: ان في ذلك تطورا طرأ على مسار الازمة، او ان التيار شعر بانه يتهالك في اجواء تنظيمية ضاغطة، وبالتالي لم يعد قادرا على تحمل مسؤولية تعطيل انتخابات الرئاسة. قبل كلام باسيل وبعده، حصلت عدة معطيات سياسية من النوع الوازن الذي لا يمكن تجاهله.
في «جمعة» المختارة المتنوعة السبت الماضي، قيل كلام كبير لا يمكن الاستخفاف به، وهو يعبر عن الاجواء الجارفة في البلد.
وهذه الاجواء ممتعضة من الفراغ الرئاسي، ومن سياسة التعطيل.
فالبطريرك بشارة الراعي قال: ان رجلين كبيرين صنعا مصالحة تاريخية عنوة عن الارادة الخارجية في 4 اب 2001 (ويقصد البطريرك نصر الله صفير والنائب وليد جنبلاط) والبلاد اليوم تحتاج لرجال شجعان يخرجونها من المأزق.
اما رئيس اللقاء الديموقراطي وليد جنبلاط فقال في المناسبة ذاتها: عسى ان يدر علينا تدشين كنيسة الدر في المختارة رئيسا للجمهورية، والمهم انهاء شغور في الموقع بصرف النظر عن الاسم.
وعلى جوانب هذه المعطيات ـ او في صميمها ـ انتهت طاولة الحوار التي استمرت لثلاثة ايام بدعوة من الرئيس نبيه بري في عين التينة من دون نتائج واضحة، ولكن اللافت كان الحوار الذي اعقب انتهاء طاولة الحوار، وهو بداية تفاهم بين التيار الوطني الحر ورئيس مجلس النواب نبيه بري، قيل انه شمل موضوع تعيين قائد جديد للجيش ورئيس جديد للجامعة اللبنانية.
والموضوع الاول يبدو مفصليا بالنسبة للتيار العوني، اما الموضوع الثاني فهو من ابرز اهتمامات رئيس المجلس، لكون رئاسة الجامعة اللبنانية أسندت في السنوات الاخيرة للطائفة الشيعية، من ضمن سلة توزيع مناصب الفئة الاولى.
الرئيس سعد الحريري المنشغل بترتيب ملفاته الخاصة، ليس بعيدا عن اجواء المعطيات الجديدة، وهو حاضر للتعامل مع اي مؤشرات جديدة، لاسيما عندما يقرر الفرقاء الآخرون الحضور الى مجلس النواب لانتخاب رئيس، على اعتبار ان تيار المستقبل لم يقاطع جلسات الانتخاب على امتداد 43 دورة سابقة لم يكتمل فيها النصاب.
وعندما تتوافر ظروف اكتمال النصاب، فهو جاهز للمشاركة، بصرف النظر عن شخص الرئيس الفائز، والذي سيحظى بمباركته ايا كان اسمه.
إشارة الوزير باسيل الى توافر الميثاقية، وعدم التمسك باسم العماد عون، جديد يمكن البناء عليه لفتح كوة في جدار الانسداد السياسي في لبنان.
ولكن من هو الاسم الذي يخبئه العونيون بديلا مقبولا عن العماد عون؟