كتب عماد مرمل في صحيفة “السفير”:
لان رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية يشعر بان لحظة انتخاب رئيس الجمهورية لم تنضج بعد، قرر ان يملأ الفراغ على طريقته الخاصة. وضّب حقائبه، وأعد العدّة.. وغادر، امس الاول، متوجها الى الخارج في رحلة صيد ستدوم قرابة اسبوعين.
وقد اختار فرنجية ان يخوض مغامرته في قارة بعيدة، منتقيا ان يمارس هواية الصيد في منطقة جبلية نائية تقع على بُعد أكثر من 250 كيلومترا عن آخر علامات الحضارة المدنية ومعالمها، حيث سيعيش في عالمه الخاص، مقيما في خيمة، ومتنقلا على صهوة حصان، سعيا وراء اقتناص طريدة.. ممكنة.
وتقول مصادر مقربة من فرنجية، انه لا يرى رئيسا للجمهورية في الأفق، مستبعدا ان تكون هناك فرصة حقيقية لانتخاب رئيس، قبل حصول حوار سعودي ـ ايراني لا يبدو قريبا.
وتبدي المصادر خشيتها من ان يكون فريق 8 آذار قد اقترب من لحظة سيخسر فيها ترشيحه وترشيح ميشال عون معا، إذا استمر على المنوال ذاته، مستبعدة ان توافق السعودية على خيار «الجنرال» في المدى المنظور..
وتشير المصادر القيادية في «المردة» الى ان فرنجية يرفض ان يحمّل الحريري ما يفوق طاقته، «إذ ان الحريري هو في نهاية المطاف، من قيادات 14 آذار، ومع ذلك رشح فرنجية الى الرئاسة واستمر في ترشيحه حتى الآن، اي قرابة عام، وبالتالي لا يمكن الطلب منه أكثر من ذلك..».
وتدعو المصادر الى الاحتكام للشعب بغية الخروج من المأزق الرئاسي والكف عن انتظار التحولات الاقليمية والدولية، متسائلة: لماذا لا يتم الاتفاق على انتخاب رئيس الجمهورية، استثنائيا ولمرة واحدة، من الشعب، فيخوض فرنجية والجنرال واي مرشح آخر هذا الاختبار، ويُترك للناس ان تختار، في ارقى سلوك ديموقراطي.
وتؤكد مصادر فرنجية انه ليس بصدد الانسحاب من المعركة الرئاسية، معتبرة ان الدعم الذي لا يزال يحظى به في الداخل والخارج يبرر له المضي في ترشيحه. وتوضح انه حتى لو قرر الرئيس سعد الحريري تأييد عون، وبقيت هناك كتل او أصوات نيابية تقف الى جانب رئيس «المردة» فهو سيستمر، أما إذا جرى توافق وطني عام على طاولة الحوار حول مرشح معين، فسينسحب له بكل سرور.
وتلفت المصادر الانتباه الى اهمية تركيز الجهد على تحقيق تفاهم حول سلة الخيارات الاستراتيجية، لانه بعد ذلك يهون الاتفاق على الامور الاخرى من رئاسة الجمهورية الى رئاسة الحكومة وتركيبتها، مشيرة الى ان فرنجية لا يعول كثيرا على الطرح المتعلق بمجلس الشيوخ.
وتعتبر مصادر بنشعي ان عون كان دائما يحاول افتعال مشكلة مع فرنجية الذي كان في المقابل يتهرب منها باستمرار، الى ان استشعر بان «الجنرال» يريد ان يلغيه، فاضطر الى الدفاع عن حقوقه السياسية.
وتكشف المصادر عما دار خلال الاتصال الذي أجراه الرئيس فرنسوا هولاند بفرنجية، قبل فترة، للتداول في ما يمكن فعله بعد ترشيحه الى رئاسة الجمهورية، لافتة الانتباه الى ان رئيس «المردة» أبلغ الرئيس الفرنسي انه يفضل التمهل حتى «نتفاهم مع العماد عون، لانني لا أريد أن أتجاوزه»، بينما تصرف «الجنرال» بطريقة معاكسة، وفق المصادر، عندما سأله فرنجية عما إذا كان مستعدا لدعمه عند انعدام حظوظه، فإذ به يرفض مبدأ الخطة «ب».
وتستغرب مصادر بنشعي محاولة الايحاء بان عون إصلاحي وأن فرنجية ليس كذلك، ما يعطي «الجنرال» الافضلية الرئاسية، معتبرة ان التغني بالنظريات لا يكفي، بل التجربة هي المحك الحقيقي، وقد ثبت عمليا ان وزراء «تيار المردة» تركوا بصمات وانطباعات ايجابية في كل مكان مروا فيه.
وتشدد المصادر على ان علاقة فرنجية بالسيد حسن نصرالله «سوبر استراتيجية وسوبر ممتازة»، اما الرئيس نبيه بري «فله مكانة خاصة في بنشعي»، ساخرة من الكلام المتداول بين حين وآخر حول ان فرنجية على خلاف مع السيد نصرالله تارة ومع الرئيس بشار الاسد طورا.
وفي ما خص رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، تصر مصادر فرنجية على ان الحافز الاساسي الكامن وراء دعمه لترشيح عون هو قطع الطريق على امكان وصول فرنجية الى الرئاسة مفترضا انه سيلغيه او يقصيه، وهذا ليس صحيحا، لافتة الانتباه الى ان جعجع سيتقاسم المقاعد المسيحية في جبل لبنان مع «التيار الحر»، في اي انتخابات نيابية، خصوصا إن تمت على اساس «قانون الستين»، ومرجحة ان حصة «القوات» ستكون متواضعة خارج جبل لبنان، لاسيما إذا لم تتحالف مع الحريري.