إغتنم الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله فرصة خطابه في الذكرى العاشرة لانتهاء حرب تموز 2006 ليضع النقاط على حروف التطورات الاقليمية والدولية والمحلية على السواء.
فغداة فشل خلوة عين التينة الحوارية في تحقيق تقدم ملموس في ملفي قانون الانتخاب والاستحقاق الرئاسي، اللذين كانا في صلب جدول أعمالها، خرق نصرالله الجمود الداخلي بدعوة تيار المستقبل إلى انتخاب رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، في مقابل استعداد الحزب لابداء ايجابية في ما يتعلق برئيس الحكومة المقبل، بعد انتخاب الرئيس العتيد. كل هذا من دون أن يفوته الحرص على تأكيد التمسك بالرئيس نبيه بري في سدة الرئاسة الثانية.
وفي وقت قرأ البعض بين سطور كلام نصرالله خطوة إلى الأمام في اتجاه اتمام الاستحقاق الرئاسي، عن طريق محاولة اقناع التيار الأزرق وفريق 14 آذار بتأييد خيار عون، لا شيء يشي بأن 14 آذار تقارب الأمر من المنظار نفسه، اذ لفتت اوساط هذا الفريق عبر “المركزية” إلى أن لا شيء جديدا في إطلالة نصرالله الأخيرة. ذلك أنه لا يزال مصرا على إحكام سيطرته على الرئاستين الأولى والثانية، عن طريق دعم وصول العماد عون إلى بعبدا، من جهة والتمسك بالرئيس بري في سدة رئاسة مجلس النواب من جهة ثانية، في وقت يدعونا فيه إلى التفاوض على رئاسة الحكومة، وهذا مرفوض.
وتشير الأوساط إلى أن كلمة نصرالله أظهرت تراجعا في مواقف حزب الله، مرده إلى التطورات المتسارعة التي تشهدها الساحة الاقليمية والتي يبقى أبرزها: التحالف التركي- الروسي، غداة قمة أردوغان- بوتين، إضافة إلى محاولة التقارب على خط أنقرة- طهران، عقب زيارة نائب وزير الخارجية الايراني للشؤون العربية والأفريقية حسين جابر أنصاري إلى تركيا، وتلك التي قادت نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف إلى ايران.
وتلفت المصادر نفسها إلى أن في ضوء كل هذه التغيرات الاقليمية، لا يستطيع نصرالله أن يقدم طرحا يرقى إلى مرتبة “مبادرة رئاسية”. لذلك فإن كلامه لا يعدو كونه مجرد دوران في حلقة مفرغة، لافتة إلى أن هذه الصورة تفسر إلى حد بعيد ذهاب الرئيس بري إلى طرح ما عرف بـ “السلة المتكاملة” على طاولة الحوار، علما أن هذه الفكرة عادت واصطدمت برفض أفرقاء 14 آذار الذين يقدمون الرئاسة على كل الملفات الأخرى.
إلا أن المصادر أشارت إلى 3 سمات ميزت إطلالة نصرالله الأخيرة: فهو لم يشن حملة على السعودية، في خطوة هي الأولى من نوعها منذ تردي العلاقات اللبنانية العربية، تماما كما لم يتطرق إلى معارك حلب العنيفة، بعدما كان تحدث عن معركة “حاسمة” يجري الاعداد لها في المدينة، من دون أن ننسى أنه دعا الارهابيين إلى “وقف القتال”، ملمحا إلى احتمال “المصالحات والتسويات”.
ودائما بحسب أوساط 14 آذار، فإن كل هذا، وإن كان لا يحمل جديدا عمليا، إلا أنه يعد مؤشرا واضحا إلى أن الرياح الاقليمية لا تجري كما تشتهي السفن الايرانية، ما يعني أن لا جديد رئاسيا على المدى القريب.
على ضفة تيار المستقبل، لا تبدو الصورة مختلفة كثيرا. إذ اعتبر عضو كتلة المستقبل النائب عمار حوري عبر “المركزية” أن “لا جديد في هذا العرض. ذلك أن موقف حزب الله لا يزال على حاله. فهو مستمر في الدعم اللفظي لرئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب العماد ميشال عون، فيما لا يترجم هذا الدعم بالنزول إلى المجلس النيابي لانتخابه، وتاليا فإنه لا يعدو كونه دعما نظريا لا يصرف في أي مكان.
وفي ما يتعلق برئاسة الحكومة، لفت حوري إلى أن “غالبية نيابية هي التي تحدد هوية رئيس الحكومة المقبل في الاستشارات النيابية، ولا أحد بستطيع مصادرة صلاحيات المؤسسات الدستورية,. إن سمّت غالبية نيابية سعد الحريري، سيتولى هذا الأخير رئاسة الحكومة، أو أي شخص يسميه النواب في الاستشارات”.
بدوره، أعلن النائب أحمد فتفت في حديث لـ”المركزية” أيضا أن “نصرالله لم يأتنا بجديد”، مذكرا أنه لم يلتزم مرة بتعهداته والتزاماته منذ العام 2006 حتى يومنا هذا، والأمثلة في هذا المجال كثيرة، ثم إن لا صفة له لتحديد رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة العتيدين، فهذا أمر يعود إلى المجلس النيابي دون سواه”.
واعتبر فتفت أن من حق نصرالله ابداء رأيه السياسي، غير أن هذا لا يعني أنه يستطيع فرض هوية رئيس الحكومة المقبل، وهذا أمر مرفوض”، مشيرا إلى أن “ما يجري استمرار للتعطيل، لأن نصرالله بدا وكأنه يقول إنه سيفرض عون رئيسا . وإن كان يريد ذلك، فنحن لن نجاريه لأن رأينا السياسي ملك لنا”.
وأشار فتفت إلى أن “من الواضح أن حزب الله في وضع لا يحسد عليه في سوريا، بدليل أن نصرالله خفض منسوب الحملة على السعودية، وذهب إلى حد عرض المصالحة على “داعش”، وفي ذلك دليل على أن هذا التنظيم ليس إلا نتاج النظام الايراني وسجون بشار الأسد”.
وختم: “نحن مستمرون بدعم النائب سليمان فرنجية، وموقفنا من العماد عون واضح ويعرفه الجميع”.