كتب بسام أبو زيد:
عندما طرح رئيس مجلس النواب نبيه بري في ثلاثية الحوار، استكمال تطبيق اتفاق الطائف لناحية إنشاء مجلس الشيوخ وانتخاب مجلس نيابي على أساس غير طائفي واعتماد اللامركزية، علت الأصوات المعترضة من جهات متعددة إلا أن أبرزها كان من تيار “المستقبل” و”القوات اللبنانية”.
ورغم الخلافات المستفحلة بين الطرفين إلا إنهما اتفقا على عناوين واحدة لمواجهة سلة الرئيس بري، فأكّدا أنّ الأولوية تبقى لانتخاب رئيس للجمهورية، ولتشكيل حكومة جديدة وإقرار قانون انتخابات جديد. كما اتفقا على أنّ تطبيق الطائف لا يمكن أن يستكمل من دون بسط الدولة لسلطتها على كامل الأراضي اللبنانية وأن تكون وحدها من يحمل ويملك السلاح، وذلك في إشارة واضحة بضرورة نزع سلاح “حزب الله” أو وضعه بتصرّف وتحت أمرة الجيش اللبناني.
في كلّ هذه العجالة لم تتذكر “القوات اللبنانية” وتيار “المستقبل” أن مرشحيهما لرئاسة الجمهورية العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية من أشدّ المتمسكين بسلاح “حزب الله” والمدافعين عنه، وأنّهما لن يتخلّيا عن ثلاثية “الجيش والشعب والمقاومة” لمواجهة إسرائيل أولا ولمواجهة الإرهاب التكفيري ثانيًا. وهنا أيضًا لا يمكن تغيير قناعة المرشحين العماد عون والنائب فرنجية بأنّه لولا من مشاركة “حزب الله” في القتال في سوريا لكان الإرهابيون قد أصبحوا في بيروت وجونية ولكان المسيحيون أوّل من دفع الثمن.
وفق هذه القناعات الرئاسية لن يكون بمقدور “القوات اللبنانية” وتيار “المستقبل” ترجمة شروطهم لاستكمال تطبيق اتفاق الطائف إلى واقع محسوس، إذ إنّ ما يطالبون به لناحية سلاح “حزب الله” سيبقى مجرد مطالب تكرر عبر وسائل الإعلام وفي المناسبات لحشد الأنصار، حتى أنّ ذلك ربما لن يكون متاحًا لأنّه بالنسبة إلى “القوات اللبنانية” سيكون مادة للخلاف مع العماد عون في حال وصل إلى سدّة الرئاسة، وكذلك بالنسبة إلى تيار “المستقبل” في حال وصل النائب فرنجية.
هذا الواقع سيفرض على “القوات اللبنانية” وتيار “المستقبل” إما المواجهة وإما المهادنة. ففي المواجهة من داخل الحكم والحكومة يتقدم احتمال التعطيل والشلل مجددا، أما المواجهة من الخارج فستزيد من احتمالات التوتر والصدام. وفي حال المهادنة فإنّ ذلك يعني التسليم لستّ سنوات على الأقل بالوضع القائم حاليًا وترسيخ رؤية “حزب الله” لسلاحه، وهي رؤية لم تبدلها كلّ طاولات الحوار والتشاور وكلّ مشاريع الاستراتيجية الدفاعية التي غابت كليًا عن طاولة الحوار الأخيرة، وربما لم ينتبه دعاة نزع السلاح وفرض سلطة الدولة إلى ذلك الغياب.