لم يلمس رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع إيجابيات في الخطاب الأخير للأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصرالله، مؤكّداً أنّ القوات والحزب نقيضان لا يلتقيان، وأنّه شخصياً عندما سمعَ خطاب نصرالله شعر بأنه غريب عن كلّ ما قاله.
ووصَف جعجع حوار عين التينة بأنه مضيَعة للوقت، مؤكّداً على شعار «الرئاسة أوّلاً»، محمِّلاً «حزب الله» مسؤولية عدم إجراء الانتخابات الرئاسية وعرقلتها، لأنّه لا يريد انتخابات رئاسية في هذا الوقت.
على أنّ اللافت للانتباه هو أنّ جعجع حدّد سبيلاً لإنقاذ الرئاسة، قائلاً إنّه بالرغم من مواقف الحزب، الرئيس سعد الحريري يستطيع إنقاذ الرئاسة، لكنّه سيَدفع أثماناً باهظة لا أعرف إذا كان يستطيع أن يدفعها. وقال: أعتقد أنّه إذا قرّر الحريري أن ينفّذ عملية كومندوس ويعلن تأييدَ العماد ميشال عون، فستجري الانتخابات. وممّا لا شكّ فيه أنّها عملية مكلفة شعبياً.
وإذ أكّد أنّ العلاقة مع الحريري مستمرّة كما يجب على المستوى الشخصي، لكنْ هناك خلاف كبير حول المرشّح لرئاسة الجمهورية، قال إنّ البديل عمّا يطرحه هو ثورة شعبية كبيرة على الوضع القائم، و»القوات» ستكون على رأس هذه الثورة إذا حصَلت.
مواقف الدكتور جعجع هذه، جاءت في حوار مع «الجمهورية»، وفي ما يلي وقائعه:
- كيف قرأتَ مواقف الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصرالله الأخيرة؟
– خطابه غني، شملَ أحداث المنطقة ومفهومه للمقاومة وصولاً الى الملفات الداخلية، لكنّني شعَرت بأنني غريب عن هذه الأجواء وأنا أستمع إليه، لأنّنا اليوم لا نملك ترَف المناقشات الفكرية في موضوع المقاومة.
فالأساس يبقى انتخابات رئاسة الجمهورية، حيث كنت أتمنى من السيد نصرالله، ولو كنّا على طرفَي نقيض لكنّه زعيم كبير وليس شخصاً عادياً، أن يُحافظ على جدّيته بصرفِ النظر عن الموقف الذي سيتّخذه. هو يريد أن يقنعني بأنه مع العماد ميشال عون «وبَس». فهل هو موقف شاعريّ؟
أريد أن أقارن ما يحصل، بمرحلة سابقة شهدنا فيها وضعيّة مماثلة لكنّها أصعب بكثير من اليوم. عام 2010 عند تأليف حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، يومها مَن كان يحقّ له أن يأتي رئيساً للحكومة لأنّه ركن أساسي في قوى «8 آذار»، كان الرئيس عمر كرامي، إلّا أنّ السيّد نصرالله ارتأى أنّ من مصلحة فريقه أن يكون الرئيس ميقاتي رئيساً للحكومة للأسباب المعروفة، فجَلس مع الرئيس كرامي وقال له إنّنا نمثّل خطّاً وقضية وهما يستلزمان أن يكون ميقاتي رئيساً للحكومة، وعلى هذا الأساس سُمّيَ ميقاتي رئيساً للحكومة وصوَّت له عمر كرامي.
فهل يُريدون إقناعي بأنّ السيد نصرالله غير قادر على الجلوس مع النائب سليمان فرنجية وأن يقول إنّ الكلام الذي قلته بكَ لم يقله مالك في الخمرة وأنتَ منذ ثلاثين عاماً مع المقاومة ومع هذا الخط، والمصلحة تقتضي بانتخاب العماد عون، فهل سيقول له فرنجية كلّا لا أريد. حتى إشعار آخر لا يمكنني أن أصدّق.
وبالتالي تبقى النقطة الأساسية هي انتخاب رئيس للجمهورية، بصرف النظر عن الشخص، أكُنّا نحبّ الجنرال عون أو لا. لكن إذا أردنا الوصول إلى الانتخابات الرئاسية علينا الذهاب الى هذه النقطة. أمّا إن كنّا لا نريد الوصول الى انتخابات رئاسية فيمكننا أن نفعل كما يفعل كل الفرقاء.
- هل أنت مقتنع بأنّ «حزب الله» يريد انتخابات رئاسية؟
– لا يريد لأسباب عدة، أهمّها الوضع الإقليمي، فالحزب جزءٌ لا يتجزّأ من الحركة الايرانية في المنطقة، ويكفي أن تستمع إلى السيد نصرالله لتلمسَ عمق التزامه ومعه الجميع في «حزب الله»، لدرجة أنه حتى لو غيّرَت إيران في مواقفها فهو لن يُغيّر، قد نجد براغماتية في إيران في التعاطي مع الأمور انطلاقاً من التاريخ الفارسي، لكنّ هذا الأمر غير موجود مع «حزب الله».
وانطلاقاً من التزامه الى هذه الدرجة بهذا المشروع وإيمانه به، بصرفِ النظر إنْ كنّا مع المشروع أو ضدّه، فهو يوظف كلّ شيء ويستثمره لمصلحة هذا المشروع، وهذا أمر أفهمه جيداً. الحزب ليس من أصحاب المكاسب الصغيرة أو المراكز أو وظيفة من هنا وهناك، بل هو صاحب مشروع كبير يتناقض مع صلب وجود لبنان.
ومِن الجملة رئاسة الجمهورية في لبنان، فالحزب منخرط في الأزمة السورية بشكل مباشر الى درجة أنه يَبذل دماً فيها. في العراق والبحرين واليمن هو منخرط بأشكال مختلفة من التوجيه والتثقيف العقائدي وصولاً الى التدريب، وبالتالي الرئاسة ليست قضية بحدّ ذاتها إنّما هي تدخل في إطار ما يحصل. وما نُميَ إليّ أكثر من مرة من أكثر من مصدر ديبلوماسي يوحي وكأنّ المعادلة تقضي بالسير في الانتخابات الرئاسية في لبنان في مقابل مساعدتنا على الإبقاء على بشّار الأسد في سوريا. وأنا لديّ قناعة بهذا الأمر، ما يُبرّر أنهم لا يريدون انتخابات رئاسية في هذا الوقت.
- بمعزل عن كلّ شيء، هل تعتقد شخصياً أنّ الانتخابات الرئاسية ستجري في مدى منظور أو بعيد؟
-«حزب الله» يتحمّل مسؤولية عدم إجراء الانتخابات الرئاسية وعرقلتَها، لأنّ مرشّحه المعلن هو العماد عون الذي يستطيع تأمينَ أكثرية عدديّة لكنّ الحزب لا يذهب الى الانتخابات. إلّا أنّ هناك من يستطيع إنقاذ الرئاسة في لبنان رغم مواقف الحزب لكنّه سيَدفع أثماناً باهظة لا أعرف إذا كان يستطيع دفعَها وهو سعد الحريري. هذه هي المعادلة.
إذا قرّر الحريري اليوم أن يقوم بتنفيذ عملية كومندوس ويعلن تأييد عون، ستجرى الانتخابات بصرف النظر عن كلّ المعادلات.
- هذا يعني أنّكَ لا تُصدّق الطروحات الأخيرة لجهة أنّ الحريري سار بعون تمهيداً ليكون رئيساً للحكومة؟
– سعد الحريري «ما بدّو جميلة حدا» ليكون رئيساً للحكومة. فهو لديه 26 نائباً سنّياً وتمثيلاً سنّياً، ولا يحتاج منّةً مِن أحد، أو أن يأتي أحد ليمنّنَ الرئيس نبيه برّي برئاسة مجلس النواب. إنّها عملية مكلفة شعبياً لكنّني أشجّعه عليها، ومحادثاتُنا في الأشهر الأخيرة ركّزت على هذا الأمر.
ليس من واجبات سعد الحريري أن يوصل عون إلى رئاسة الجمهورية، فهذه واجبات حلفائه. لكن هل سيُقدم على هذه الخطوة رغم تكلفتِها الكبيرة؟ لا أعلم، فهذا أمر تُظهره الأيام المقبلة. لكن إذا قال الحريري اليوم أنا مستعدّ لدفع الثمن فسيُنتخب عون إلّا إذا دخلت عوامل أخرى.
- هل ترشيح العماد عون كان مكلفاً لـ«القوات اللبنانية» وإلى أيّ مدى أنتم مستعدّون للذهاب في سبيل الرئاسة؟
– شعبياً ليس مكلفاً، لكنّنا مهَّدنا منذ أشهر في صفوف «القوات» لهذا الأمر رغم كلّ الأسئلة التي واجَهناها. ولم يكن الأمر سهلاً. نحن لا ندعم ترشيح العماد عون فقط إنّما نحن رأس حربة في محاولة إيصاله.
- لكنّه لا ينزل إلى مجلس النواب؟
– هو لا ينزل إلى المجلس لأنّ المعادلة كما هي اليوم توصِل سليمان فرنجية إلى الرئاسة. هذا بحثٌ آخر.
- هل العماد عون كان متأكّداً من موقف «حزب الله» قبل أن تعلنوا ترشيحه، هل أعطى ضمانات؟
– مِن الأحاديث التي كانت تدور بيننا، نعم. وكنتُ أنتظر أنّه بعد 48 ساعة من إعلان دعمنا العماد عون أن يعلن فرنجية انسحابَه وأن يقول الحزب فلنذهب إلى الانتخابات، لكنّ توقّعاتي لم تكن دقيقة.
عون ليس «حزب الله»
- هل أصبحَت «القوات» في موقع إمّا الالتزام بمرشّح وحيد أو لا انتخابات رئاسية؟
– في المبدأ موقفُنا واضح ممّا قبل انتهاء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس، وما بعدها كنّا نحضر جلسات الانتخاب وندعو الجميع إلى حضورها. لكن على أرض الواقع هناك خيار واحد أمامنا، يمكن أن تقول إنّه من الخطأ أن يُقاطع «حزب الله» وعون حتى إجبارِنا على انتخاب عون، هذا حكم أخلاقي وبَحث آخر، لكن هذا لا يوصلنا الى إنتخابات رئاسية، أمّا ما يوصلنا الى انتخابات فهو معرفة المسالك التي يمكن أن نسلكها والمكان الذي تنظر منه. إذا نظرنا إلى أرض الواقع هذا ما يظهر، مع فارق بسيط أنّ عون ليس «حزب الله». إنّه عون، ولا يعني أنّك أوصلت «حزب الله» إلى الرئاسة.
- هل هناك خطة «ب»؟
– لا يوجد «خطة ب» لأننا لا نريد وضعَها، بل لأن لا وجود لهذه الخطة على أرض الواقع. طالما موازين القوى والمعادلات باقية على ما هي عليه، لا «خطة ب» ويجب أن تكون خياراتنا على هذا الأساس. أعلم أنّ الوضع قسري لكن هذا هو الواقع، مع التمييز أنّ عون حليف لـ»حزب الله» وليس «حزب الله»
- هل تكلّمَ العماد عون مع «حزب الله» في هذا الموضوع أو سأله عن أسباب عدم نزوله إلى المجلس النيابي لانتخابه؟
– هذا سؤال يُطرح على العماد عون، السيّد نصرالله يستطيع إقناع فرنجية بالانسحاب، والعماد عون هو مرشّحنا، و«القوات» تبنَّت هذا الترشيح وعلينا السير في العماد عون.
- كان العماد عون يقول أنْ لا أحد يتدخّل بينه وبين الحزب وأنّه هو يتواصل مع الحزب، ألم تنتهِ هذه المهلة؟
– إنتهت المهلة… لكن ماذا نفعل. هذا الموضوع لا يحلّ المشكلة. ما نفكّر فيه هو طريقة الخروج من الأزمة. هناك مئة طريق لنحشر خصومنا وحلفاءَنا، لكن ليس هذا المطلوب.
- ماذا تفعل «القوات» لتسهيل انتخاب رئيس الجمهورية؟
– أحاول جمعَ أكبر لوبي ممكن. النائب وليد جنبلاط كان مقتنعاً قبل أن أزورَه، وهذه القناعة تعزّزت عنده. والحريري ناقشتُ الموضوع معه خلال جلسات عدة، لكن ماذا يمكنني أن أفعل أكثر. أمّا «8 آذار» فعند الجنرال عون؟
لا قاسم مشتركاً مع «حزب الله»
- لماذا لا تتحاور مع «حزب الله» بعيداً عن المشروع؟
– «حزب الله» لم يقبل في أيّ وقت من الأوقات. بادرنا في السابق من العام 2005 حتى العام 2009. هذا السبب المباشر لكنّنا أصحاب قضية وهم يعلمون هذا الأمر، وهذا موضوع غير قابل للأخذ والرد، وهم أصحاب قضية غير قابلة للبحث.
هناك مشروعان متناقضان لا علاقة لهما بعضُهما ببعض، ولا يمكن أن يكون هناك قاسم مشترك، خصوصاً إذا كنتَ تنظر الى لبنان على أنه وطن وأمّة، وهو ينظر إليه على أنه محافظة أو جزء من كلّ. فأنا لا أفكّر ولو لحظة بإرسال لبنانيّ للقتال ثلاثة أمتار بعيداً من الحدود، فكيف إذا كان يقاتل في حلب؟ مشروعُنا مغاير، فحساباتُنا مبنية على سلامة لبنان واستقراره ووضعِه الاقتصادي، أمّا حساباتهم فمبنية على القضية بصرف النظر عن انعكاسها على لبنان.
عام 2006 اعتبَر «حزب الله» وفقَ حساباته أنّه حقّقَ انتصاراً إلهيّاً، أمّا في حساباتنا نحن وغيرنا من اللبنانيين فإنّها كانت خسارةً كبرى للبنان لجهة عدد القتلى والجرحى والخسائر الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة. أمّا هم فنظروا إلى ما حصل، بأنّهم خاضوا معركةً أظهرَت أنّ الأمّة تستطيع مواجهة إسرائيل في كباش مقبول وهذا انتصار، أمّا مفاهيمُنا فمختلفة.
- لماذا لا تشارك «القوات اللبنانية» في طاولة الحوار ضمن هذه الطبخة التي يمكن أن تنتج رئيساً؟
– هذه الطبخة لا يمكن أن تنتج رئيساً. في مكان ما تضييع الوقت بهذه الطريقة أفضل من تضييعه بطريقة أخرى، لكنّ «القوات» لا يمكن أن تلعب هذا الدور. طاولة الحوار الأولى انعقدت عام 2006 واليوم نحن في العام 2016، ماذا نتج عن هذا الحوار أو تحقّق منه إلا أنه أفضل من الحوار على الطريق؟
- ماذا عن جلسة 5 أيلول وجدول الأعمال المطروح والأجوبة التي ينتظرها الرئيس برّي في ملف مجلس الشيوخ، هل هي طبخة بحص؟
– هناك بحص بلا طبخة. وإلّا فهل كانت «القوات» تغيِّب نفسها عن إطار منتج يبحث في قضايا أساسية؟
- أي إطار تراه «القوات» مناسباً للمشاركة فيه؟
– هذا الأمر بعيد. لا يجب أن نضعضع جهودنا بل أن نركّز على موضوع أساسي ونُنجزه قبل الانتقال الى أي أمر آخر، وهو رئاسة الجمهورية.
- هذه نظرة تشاؤمية؟
– لست متشائماً. لكن يجب الانتهاء من رئاسة الجمهورية لأنّه إذا لم ننجزها خلال الأشهر المقبلة سندخل في أجواء الانتخابات النيابية التي لا مفرّ منها هذه المرة وسيتوقف البحث في الانتخابات الرئاسية. ستُجرى الانتخابات النيابية وسيأتي مجلس جديد وفور انتخابه تُعتبر الحكومة مستقيلة، لكنّ الإشكالية أنّ المعادلة في ما يتعلق برئاسة الجمهورية ستبقى على حالها، أي لن يكون هناك رئيس لإجراء الاستشارات لتأليف حكومة جديدة.
- هل هذا يعني أننا دخلنا في فراغ كبير؟
– ليس كبيراً، لأنّ الحكومة حتى لو كانت مستقيلة تبقى حكومة تصريف أعمال شبيهة بوضعيتها الحالية لكن بدرجة أقلّ. فالحكومة «تَعرج على المَيلتين» وليست فعّالة لكنّ وجودها في هذه المرحلة أفضل من عدم وجودها. لكننا نكون قد أجرينا الانتخابات النيابية إلّا أننا عدنا خطوتين الى الوراء، لهذا يجب بذل كل الجهد لإنجاز الانتخابات الرئاسية ونحضّر أنفسنا لإجراء انتخابات نيابية للوصول الى حكومة جديدة وتبدأ الحياة السياسة تأخذ مداها، وبعدها نبحث في جنس الملائكة ومجلس الشيوخ وغيره من المسائل.
يطرحون عناوين يحتاج كلّ منها إلى سنوات عمل. فمجلس الشيوخ سيواجه مشكلة كبرى لناحية توزيع الصلاحيات بينه وبين مجلس النواب. حتى لو انتخبنا مجلس الشيوخ على أساس القانون الأرثوذكسي كيف ستُقسّم الصلاحيات؟ لماذا نطرح هكذا موضوع في هذا التوقيت؟ من هنا يجب التركيز على رئاسة الجمهورية للأسف «حزب الله» لأسباب استراتيجية كبرى لا يريد انتخابات رئاسية، فهل يقف الباقون متفرّجين؟ البعض يقول: لنختر مرشحاً ثالثاً، هم لا يَسيرون في مرشّحهم فكيف سيسيرون بغيره؟
إذا وصلت الى قمة إفرست ولم تغرس العلم هل هذا يعني أن تنزل؟ بل على العكس إبقَ مكانك على أمل أن تغرسه لأنه إذا نزلت لن يمكنك غرسه مجدداً.
لا فيتو سعودياً
- هل هناك فيتو سعودي على مرشح معيّن؟
– لا أرى فيتو سعودياً على أحد، فالجميع يعلم كم نحن أصدقاء مع المملكة ونحن نؤيّد الجنرال ولم يحدث شيء. ليس صحيحاً أنّ الانتخابات الرئاسية تنتظر تفاهماً سعودياً – إيرانياً لأنّ القضية داخليّة، فهل يُعقل أن ننتظر دائماً أن «يكبسنا» أحد من الخارج لنجري انتخاباتنا؟
- لماذا لم تزر الرئيس نبيه بري ضمن حملة التمهيد لعون؟
– لأنني أعرف «مْعَزّتو» للجنرال عون، ما في لزوم حَدا يحكي»، فقلت لمَ تضييع الوقت؟ فلأذهب الى «14 آذار»
إسترخاء «14 آذار»
- أين سمير جعجع من «14 آذار»؟ ومن حلفائه؟
– 14 آذار هي مشروع واضح المَعالم قبل أن يكون تكتل قوى، والشعب اللبناني في غالبيته مع هذا المشروع. لكن نتيجة عوامل عدة إبتعد البعض، إلّا أنّ ذلك لا يمنع أنّ كل القوى التي انطلقت من «14 آذار» ما زالت عملياً ضمنها. الجيش مثلاً يكون حاضراً على الجبهات وقت القتال، لكن في غياب المعارك فإنّ الجميع يكون مسترخياً، و»14 آذار» حالياً تشبه الجيش الذي ليس عنده مواجهة مباشرة أو معركة فورية.
أضف الى ذلك اختلاف النظرات حيال ملف رئاسة الجمهورية خصوصاً بين طرفين رئيسين هما «القوات» و»المستقبل»، وهو ما بَرّد قليلاً من الهمّة، لكن كل هذه العوامل لن تؤثر في مشروع «14 آذار» والفرقاء المكوّنين له.
- ماذا عن العلاقة مع الرئيس الحريري؟
– العلاقة مستمرة كما يجب على المستوى الشخصي، لكنّ هناك خلافاً كبيراً حول المرشح لرئاسة الجمهورية.
- ألم تستطع إقناعه بعون؟
كلا، لكي يسير الحريري بعون فإنّ ذلك يتطلّب قفزة كبيرة جداً في مكانٍ ما، في ما يتعلق بقاعدته، في المجهول. أنا أنصحه بالإقدام على هذه الخطوة لكن لا يمكنني التغاضي عن الواقع كما هو. البعض يقول على سبيل المزاح، علماً أنها تعكس الكثير من الحقيقة، إنّ الحريري بترشيحه فرنجية خسر نصف شعبيته، وبالتراجع عن فرنجية وتَبنّيه لعون سيخسرها كاملة.
- لكن عندما سألك هل تضمن له عون، أجبته أن الدستور يضمنه؟
– أعتقد أنّ من يضمن الجميع هو طبيعة اللعبة السياسية في لبنان والقوانين في الدستور. لنفترض أنّ عون أصبح رئيساً وقرر تعيين قائد جيش، فإنه يحتاج إلى ثلثي مجلس الوزراء وهو سيؤمّنهم من «المستقبل» و«القوات» و«الاشتراكي»، و«أمل» و«حزب الله». الضمانات موجودة في اللعبة السياسية، ولا يمكن لشخص التفرّد بلبنان.
- هل تعتقد أنّ الجنرال يتنازل عن الرئاسة لأحد؟
– عليكم طرح هذا السؤال عليه.
- الرئيس الحريري عرض خلال أحد اجتماعاتكم سحب ترشيح فرنجية في مقابل سحب ترشيحكم لعون؟
– هذا الطرح غير واقعي. لنفترض أننا عدلنا عن ترشيح فرنجية وعون نظرياً، سنعود الى الوضعية التي كنّا فيها قبل 6 أشهر
- لماذا لا تقترحون على «حزب الله» اختيار رئيس لتوافقوا أنتم عليه أو ترفضوه؟
– بالتأكيد سيرشحون إسماً غير عون.
- لماذا تحميل الحريري مسؤولية تعطيل الرئاسة كونه لا يرشّح عون؟
– لم أحمّل الحريري لحظة ولا أحمّله عرقلة الانتخاب لأنّ انتخاب عون ليس من مسؤوليته فهو لم يكن حليفه يوماً، كما أنّ الجنرال «كَفّى ووَفّى» في ما يتعلق بسعد الحريري وآل الحريري، إنما موضوعياً هو الذي يمكنه إخراجنا من هذه الأزمة بغضّ النظر عن المسؤول عنها.
الحريري ليس مسؤولاً عن التعطيل فهو يحضر كل الجلسات، وقد طرح مرشحين عدة وبادَر الى الحل مرات عدة، ومن المفترض أن يطلب نصرالله من فرنجية الانسحاب ويطلب من «8 آذار» التصويت لميشال عون بما أنه مرشّحهم الرسمي.
- لكن «حزب الله» يحتاج الى ثَمن ليقول هذا الكلام، والثَمن هو رئاسة الحكومة، فمن هو رئيس الحكومة الذي قد يقبل به «حزب الله»؟
– من هو رئيس الحكومة الذي يريده الجميع أو أكثرية الفرقاء السياسيين؟
- لكن كلام السيد نصرالله يوحي كأنه قال للحريري نحن نقبل بك في المبدأ كرئيس للحكومة لكن ضمن دفتر شروط؟
– أنا ضد هذه المقاربة، فرئيس الحكومة يأتي ضمن المعايير التي يأتي على أساسها أيّ رئيس للحكومة. البديل عمّا أطرحه هو ثورة شعبية كبيرة على الوضع القائم، و»القوات» ستكون على رأس هذه الثورة إذا حصلت. لكن هل يكون خيارنا الثورة في خِضمّ ما تشهده المنطقة؟ خياراتنا ليست كثيرة هذه الأيام.
قانون الانتخاب
- ما هي صيغة قانون الانتخاب التي قد تقود الى انتخابات نيابية؟
– القانون المختلط كما أثبتت كل التجارب، فهو قريب جداً من الكثير من الفرقاء، وأكبر دليل أننا و«المستقبل» و«الإشتراكي» قدّمنا القانون المختلط، وكذلك الرئيس برّي. ليست هناك فروق هائلة بين القانونين، بل إنها تكمن في بعض التفاصيل.
وأعتقد أنه بمفاوضات عادية يمكننا الوصول الى الدمج بين المشروعين، فنحن لا نتحدث هنا عن مجلس شيوخ بل عن تفاهمات عادية، لذلك لست متشائماً في ما يتعلق بقانون الانتخاب، ولكن لا نريد تضييع الجهود والعمل على هذا الملف، فالرئاسة أولاً.
- من لا يريد رئاسة، هل يريد قانون انتخاب؟
– نعم، فهذا لا يعرقل ذاك، كما أنّ الذي لا يريد رئاسة يعتبر أنّ أيّ قانون بعيداً عن الستين يخفّض عدد نواب «المستقبل» يسير به.
مع التمديد لقائد الجيش
- ما هو موقفك من التمديد لقائد الجيش وتعيين رئيس أركان؟
– هذا أمر تقني بحت، لكن في الوقت الحاضر من الأفضل ترتيب الأمور بالتي هي أحسن من دون خضّات كبيرة، وإذا أردت أن أشهد للحق، فإنّ الجنرال جان قهوجي استطاع «مَسك» الأمور جيداً، أكان في ما يتعلق بحدود لبنان أو بالوضع الأمني الداخلي.
فغالبية الذين استلموا قيادة الجيش، إن لم نقل جميعهم، كانوا يقولون إنّ الجيش هو للحدود ولا نتدخّل في أي شيء داخلي لأنّ الجيش ينقسم ويجب إبقاء الجيش في الثكنات، أمّا قهوجي فهو القائد الوحيد الذي قال إنّ مسؤولية الجيش هو الأمن الداخلي بقدر ما هي الأمن الخارجي وطَبّقها بالفِعل، لذلك لم نشهد على المستوى الداخلي قلاقِل مُسلّحة في عهده، وأعتقد أنّ الحل الأسهل راهناً هو التمديد له.
المشهد الإقليمي
- كيف ترى المشهد الإقليمي وما هو تأثيره في لبنان؟ هل هناك حسم أو تقسيم أو لعبة أمم كبرى بدأت ولا نعلم متى تنتهي؟
– للأسف الوضع في المنطقة قاتم، لا أرى نهاية قريبة لمأساة المنطقة، بدءاً من سوريا مروراً بالعراق وصولاً إلى اليمن. عوامل التفجير عديدة والقوى التي دخلت اللعبة أكثر من عديدة وبات الوضع معقداً.
حتى العراق الذي من المفترض أنه وصل الى عتبة الحسم ضد «داعش» في الموصل – علماً أنّ الانتهاء من «داعش» وهو أمر ضروري جداً – فهذا لا يعني انتهاء للأزمة، لا للعراق ولا غيره. فمنذ 5 سنوات لم يكن هناك «داعش» في العراق وكانت الأزمة مُستفحلة.
من هذا المنطلق لا أرى أنّ الخلاص قريب في المنطقة، وعلينا كلبنانيين تحضير أنفسنا على هذا الأساس وأن نستعجل انتخاب الرئيس لتعود الحياة السياسية لطبيعتها وأن نبني اقتصادنا على فترات طويلة، على أساس وَضع المنطقة كما هو، فلا يمكننا انتظار أن تفتح طريق البَر في وجه منتجاتنا الزراعية، فحياة مزارعينا معلّقة لأنّ طرقات البَر معلّقة، لذلك يجب التفتيش عن حلول جذرية لأنّ هذا الوضع مستمر.
- هل صحيح أنّ رئاسة الجمهورية أصبحت في الخارج؟
– ليس صحيحاً، لأنّ المشكلة أنّ هناك حزباً يشكّل كمية وازنة مثل «حزب الله» رَبطَ نفسه بإرادته بمشروع إقليمي كبير جداً وربطَ معه مجموعة صغيرة من القوى السياسية. شاءت الظروف أن لا يكون تيار «المستقبل» في هذه المرحلة على أفضل حال ليكون لديه المناعة المطلوبة لكي يواجه هذه الوضعية، لذلك هناك عوامل عدة مجتمعة.
- ألا ترى أّن هناك خطورة على المشروع السياسي لـ«14 آذار» خصوصاً أنّ هذه القوى تعيش أسوأ أيامها وتيار «المستقبل» ضَعفَ في مناطق كثيرة؟ وفي حال حصول انتخابات نيابية ألا تخافون أن يربحها «حزب الله» وحلفاؤه وأن يضعوا أيديهم على مجلس النواب بعدها ويأتوا برئيس من فريقهم وبرئيس الحكومة والحكومة التي يريدون؟
– لا، لم أشعر لحظة بهذا الخوف. ألم يكن الوضع مماثلاً بين عامي 1990 و2005 وهو ما أدى الى انفجار كبير عام 2005، أي أنّ أكثرية كبيرة في لبنان لا ترضى بهذه الوضعية وستعبّر عن نفسها في شكل من الأشكال.
«حزب الله» وصَل الى أقصى ما يمكن أن يصل اليه على مستوى اللعبة الداخلية. إذا نظرت ولم ترَ شيئاً فهذا لا يعني أنه ليس موجوداً بل لأنّ الناس لا تُعبّر عن نفسها اليوم لكن عندما تجرى الانتخابات النيابية ستظهر النتيجة، وفي أسوأ الحالات سيأتي مجلس نيابي شبيه بالمجلس الحالي، أمّا في أحسن الحالات فمشروع «14 اذار» سيعبّر عن نفسه بأشكال مختلفة بشكل أفضل وليس لديّ هذا الخوف مطلقاً.
- ماذا عن زيارة وزير الخارجية المصري الى لبنان؟
– إنها زيارة غير تقليدية، ومصر تحاول مساعدة لبنان على الخروج من أزمته
ماذا عن العلاقة بين الكتائب و«القوات»؟
– العلاقة باردة قليلاً لكنها موجودة. والشيخ امين الجمّيل يحبّ إغاظَتي «مِن باب المَحبّة». بعد تأييدنا العماد عون إعتبروا وكأنّ هذا الأمر كان على حسابهم، وهذا أمر غير صحيح.
- ماذا عن لجنة الحوار بين «المردة» و«القوات»؟
– خطوط الاتصال موجودة.
- هل ممكن أن تكون الرئاسة «صنع في لبنان»؟
-بالتأكيد.
- ما هو الكلام الذي توجّهه الى اللبنانيين في هذه المرحلة؟
- لا أحبّ الكلام الشاعِري والمُسايرة. لديّ كلام وحيد أوجّهه الى «حزب الله»، فمرشّحهم هو ميشال عون والحياة السياسية متوقفة منذ سنتين عند انتخاب رئيس للجمهورية، هناك فرصة كبيرة اليوم لانتخاب الجنرال عون رئيساً، فليقوموا بما هو مطلوب منهم ولنذهب سوياً الى مجلس النواب لننتخب الرئيس، وبعدها تعود الحياة السياسية الى طبيعتها، وهذا الأمر سيكون في مصلحة الجميع. أمّا إذا اعتبروا أنّ العرقلة ستصبّ في مصلحتهم فهم مخطئون جداً، لأنّه إذا كان لبنان بخير فسيكونون بخير أكثر بكثير ممّا إذا لم يكن لبنان بخير.
بين بشرّي ومعراب
كان حافلاً استقبال معراب لفريق «الجمهورية» الذي أمضى قرابة الساعتين برفقة الدكتور سمير جعجع، الذي استفاض في التذكير بالماضي والتحذير من المستقبل، فيما انعكسَ جوّ الأرز وهواؤه على وجه جعجع وقوامِه، فبدا بصحّة جيّدة.
هذا الارتياح تحدّثت عنه مطوّلاً أنطوانيت جعجع، مديرة المكتب الإعلامي لجعجع، فاستفاضَت بسردِ المشاهدات والوقائع المؤثّرة التي حصَلت مع «الحكيم» في بلدته الأحبّ بشرّي حين فاجَأ أهلَ قريته مشياً وقام بزيارات مفاجئة تأثّروا بها كثيراً، وقد تخطّى كلَّ المخاطر في جولاته العفوية، وعلّقت على تصرّفه: «إنّ الحكيم يقول إذا كان الخطر سيقدم من بشرّي فمرحباً به».