Site icon IMLebanon

حوار عين التينة: جلسة بلا دسم

كتب محمد شقير في صحيفة “االحياة”:

لم تحمل الجلسة الـ33 للحوار بين تيار “المستقبل” و “حزب الله” برعاية رئيس المجلس النيابي نبيه بري، أي جديد. وكانت بمثابة فرصة للتأكيد على وجود رغبة مشتركة باستمرار الحوار الثنائي، ما دفع أكثر من مشارك فيها إلى التعليق على الأجواء التي سادتها بالقول: إنها خالية من “الدسم” السياسي، وإن المواقف ما زالت على حالها، وبالتالي ليست أحسن حالاً من الحوار الوطني الموسع في عين التينة الذي يستأنف أعماله في جلسة تعقد في الخامس من أيلول المقبل.

وكانت الجلسة عقدت مساء أول من أمس في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة بمشاركة مدير مكتب زعيم تيار “المستقبل” الرئيس سعد الحريري نادر الحريري ووزير الداخلية نهاد المشنوق والنائب سمير الجسر عن “المستقبل”، والمعاون السياسي للأمين العام لـ “حزب الله” حسين خليل والوزير حسين الحاج حسن والنائب حسن فضل الله عن الحزب، في حضور المعاون السياسي لرئيس البرلمان الوزير علي حسن خليل.

وصدر عن المجتمعين بيان مقتضب جاء فيه: إنهم “ناقشوا التطورات السياسية والاستحقاقات الدستورية وقانون الانتخابات النيابية وأكدوا الحاجة إلى الإسراع في إقراره”.

وعلمت “الحياة” من مصادر مواكبة للجلسة الحوارية هذه أن قانون الانتخاب الجديد طرح عرضاً على بساط، البحث وأن المجتمعين لم يتطرقوا إليه بالتفصيل واكتفوا باستعراض سريع لمشاريع قوانين الانتخاب المطروحة، وأبرزها القانون المختلط الذي يجمع بين النظامين النسبي والأكثري من دون الدخول في نقاش مستفيض في شأنها.

وأكدت المصادر نفسها أن “المستقبل” يؤيد استكمال تطبيق اتفاق الطائف، بما في ذلك البند المتعلق باستحداث مجلس للشيوخ، لكنه رأى أن طرحه في الوقت الحاضر، وبالتزامن مع إقرار قانون انتخاب جديد يمكن أن يعيق إمكانية التفاهم على الأخير لإجراء الانتخابات النيابية في الربيع المقبل.

ولفتت المصادر إلى أن المجتمعين توقفوا ملياً أمام الخطاب الأخير للأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله وفيه تأكيد تمسك الحزب بانتخاب رئيس “تكتل التغيير والإصلاح” العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية مع استعداد للحوار والانفتاح في خصوص رئاسة الحكومة.

وقالت إن “المستقبل” أبدى مجموعة من الملاحظات في هذا المجال لا سيما بالنسبة إلى تجاوزه للأصول الدستورية في ما يتعلق برئاسة الحكومة مع أنه يحق له أن يرشح من يشاء لرئاسة الجمهورية لكن ليس من باب إملاء موقفه على الكتل النيابية.

وكشفت أن “حزب الله” أوحى من خلال مداخلات وفده إلى الحوار، بأن كل الأمور قابلة للتفاهم من قانون الانتخاب إلى رئاسة الحكومة شرط أن يكون الممر الإجباري لها انتخاب عون رئيساً “فامشوا معه ولا شيء مستحيلاً”.

ونقلت المصادر عن “حزب الله” موقفاً فحواه: لا أحد يتعب نفسه، ومن يراهن على أنه في مجرد حصول اتفاق إيراني – سعودي سنبدّل موقفنا من ترشيح العماد عون لمصلحة مرشح آخر، نحن نقول للذين يراهنون في حال حصوله بأن رهانهم لن يكون في محله وخيارنا لترشيحه استراتيجي ولا عودة عنه.

لكن “حزب الله” تفادى الدخول في سجال انطلق من مطالبة “المستقبل” بعودته عن مقاطعة الجلسات التي يدعو لها الرئيس بري لانتخاب الرئيس، وبالتالي الاحتكام في عملية انتخاب الرئيس إلى الأكثرية النيابية، وكرر موقفه المؤيد بلا تحفظ لعون بذريعة أنه كان اتخذ قراره هذا قبل أن يعلن زعيم تيار “المردة” النائب سليمان فرنجية عن رغبته في الترشح لخوض الانتخابات الرئاسية، وأنه تربطه بالأخير علاقة سياسية وطيدة ونحن على تحالف معه.

لذلك جاء البــيان الــصادر عن المجتمعين أقل من عادي واتفق الحضور على ترحيل النقاش إلى جلـــسة لاحقة تعقد في 20 أيلول المقبل.

وفي هذا السياق علمت “الحياة” أن “حزب الله” انتهز مشاركته في الجلسة الحوارية ليكرر ما صدر عن أمينه العام في خصوص رئاستي الجمهورية والحكومة وتجنب الخوض في التفاصيل مكتفياً بتوجيه إشارة إلى “المستقبل” وفيها أن لا مشكلة أمامنا في التفاهم على جميع الأمور العالقة إنما على قاعدة التسليم بانتخاب عون رئيساً.

وعليه أراد “حزب الله” من الجلسة هذه توجيه رسالة إلى حليفه عون يقول له فيها: إن لا مجال للتخلي عنه ولن يغامر بالتفريط بورقة ترشحه مهما كانت الضغوط وبالتالي لن يشارك في جلسة انتخاب الرئيس إذا لم تكن مضمونة النتائج لمصلحته.

وكأن “حزب الله” بموقفه هذا من عون، يخشى من أن يسهم حضوره جلسة الانتخاب في تأمين النصاب للمجيء برئيس آخر غير عون والأوفر حظاً حتى الساعة هو فرنجية.

كما أن “حزب الله” من خلال دعم نصرالله لعون أراد أن يستوعب الضغوط التي تمارس عليه من قياديين في “التيار الوطني” بذريعة أنه رشح مؤسسه من دون أن يقوم بأي جهد لدى حلفائه لإقناعهم بصوابية خياره. وإلا أين يصرف هذا الدعم.

وعلمت “الحياة” أن لقاءات عقدت أخيراً بين قياديين من الحزب وآخرين من “التيار الوطني” الذين سألوا أين يصرف هذا الدعم، طالما أن حليفهم لم يتحرك كما هو مطلوب لتسويق دعم عون الذي تتعامل أطراف في “8 آذار” و “14 آذار” مع ترشحه وكأنه الوحيد الذي يمدد استمرار الشغور الرئاسي إلى حين معرفة الوجهة السياسية التي سيستقر عليها الوضع في سورية، متذرعاً بأنه الأكثر شعبية في الشارع المسيحي ويتزعم كبرى الكتل النيابية.

وأخيراً لا بد من توجيه سؤال إلى “حزب الله” ما إذا ينوب عن حليفه عون بتقديم “الإغراءات” ومنها لـ “المستقبل” في مقابل انتخابه – كما حصل في الحوار الثنائي – وإلا من أين يستحضر نفوذه ويتصرف وكأنه يمون عليه؟