Site icon IMLebanon

لبنان يتّجه نحو مرحلة أشدّ قسوة في لعبة… “مَن يصرخ أوّلاً”

michel-aoun-saad-hariri

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: وكأنّها الساعة الرملية انقلبتْ ليبدأ العدّ العكسي لـ نهاية مكتوبة للأزمة السياسية – الدستورية في لبنان الذي يصارع لتفادي الغرق في الرمال المتحركة التي حوّلت أكثر من بقعة في المنطقة مستنقع دم ودمار… نهايةٌ إما تكون بـ ولادة طبيعية طال انتظارها منذ 25 مايو 2014 وباتت احتمالاتها ضيّقة جداً، وإما تأتي قيصرياً وعلى قاعدة حلٍّ على الحامي تتظهّر سكّته التي ترسمها قوى 8 آذار يوماً بعد آخر ولن توصل إلا الى محطة عنوانها السلّة التي تسمح بتنظيم قواعد الحكم بما يتلاءم مع مقتضيات حرب النفوذ الطاحنة التي يشهدها المحيط ولا سيما بين السعودية وايران.

هذه الصورة التي ترسمها أوساط سياسية مطلعة في بيروت عبر الراي تستند الى جملة معطيات تؤشر الى دخول الواقع اللبناني مرحلة تحمية تدريجية بملاقاة شهر الاستحقاقات في سبتمبر والأهمّ في الطريق الى مهلة الإسقاط التي حدّدتها 8 آذار بقيادة حزب الله نهاية السنة الحالية لحلٍّ وفق منطق السلّة التي بدا ان هذا الفريق وضع كل بيْضه فيها وصولاً الى إرساء خطوط دفاع حولها لا تُسقِط احتمالات الهجوم ولو اتخذ أشكالاً غير مباشرة.

هو اذاً الخريف المخيف في لبنان الذي يتكئ على واقعٍ اقليمي يتجّه نحو مزيد من التطاحن في الأشهر المقبلة، إلا اذا حصلت معجزة في انفتاح سعودي – ايراني، لا يبدو في الأفق، يوفّر لـ بلاد الأرز مدْرجاً لـ هبوط آمنٍ للحلّ الاضطراري بما يجنّبها كأس الخيارات القصوى.

وتلاحظ الأوساط المطّلعة ان لبنان الذي استنزف الجهود الفرنسية لحلّ أزمته، ولم يوفّر للزيارة الاستطلاعية لوزير الخارجية المصري سامح شكري مقوّمات بناء مبادرة قابلة للحياة سريعاً، يبدو وكأنه يستنفذ المكابح التي تقي حتى الساعة وضعه من الانزلاق الى الحلول القسرية، فيما تَظهر قوى 8 آذار وكأنها تُمسك بـ مفاتيح الربط والحلّ انطلاقاً من تمسُّك حزب الله بترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية ووضعه خريطة طريق لمخرجٍ يقوم على تفاهُم كامل يشمل الرئاسة الاولى والحكومة الجديدة رئيساً وحصصاً وبياناً وزارياً وبعض التعيينات والنظام الداخلي لمجلس لوزراء وسواها من عناوين توفّر ضوابط لإدارة اللعبة في العهد الجديد.

وتتوجّس هذه الأوساط من المناخ الذي أخذ يتبلور في اليومين الماضييْن وسط تلويح أطراف بخيارات الشارع وإبداء آخرين خشية من شيء أمني يلوح في الأفق، ما يشي بأن لبنان مقبل على مرحلة جديدة في لعبة عضّ الأصابع بين فريقيْ 8 و 14 آذار وما يمثّلان من امتداد لقوى النفوذ في المنطقة.

وفي هذا السياق توقفت الأوساط عيْنها عند نقطتين:

* الأولى رفْع العماد عون بطاقة التهديد بخيارات من مثل الاعتكاف الى الخروج من الحكومة الى اللجوء إلى الشارع مجدداً على خلفية ما اعتبره فريقه مسرحية شهدتها جلسة مجلس الوزراء اول من امس ومهّدت للتمديد للأمين العام للمجلس الاعلى للدفاع اللواء محمد خير في خطوة اعتُبرت بروفة للتمديد الأهمّ الذي يعترض عليه عون لقائد الجيش العماد جان قهوجي الذي تنتهي خدمته في 30 ايلول المقبل.

وتعرب هذه الأوساط عن خشيتها من ان يكون التمديد بمثابة فتيل سيُستخدم لزيادة الضغط على الواقع الحكومي توطئةً للإمعان في حشْر لبنان في عنق الزجاجة المؤسساتي في سياق لعبة مَن يصرخ أولا في ما خص شروط الحلّ الرئاسي، داعية في هذا الإطار الى رصْد المدى الذي سيبلغه عون في ردّ فعله واذا كان سيتجرأ على المس بالحكومة وتعريضها لهزّة كبيرة من مثل الاستقالة لأن ذلك سيعني بالتأكيد ان ثمة قراراً اقليمياً يغطي مثل هذه النقلة على رقعة الشطرنج اللبنانية المفتوحة على بقعة النار في المنطقة.

كما توقفت الأوساط عيْنها عند التلويح بتحريك الشارع على ان يُتوّج ذلك بتظاهرة كبيرة متجددة في ذكرى 13 تشرين الاول 1990 (إطاحة عون من قصر بعبدا الذي كان دخله رئيساً لحكومة عسكرية انتقالية في 1988) ينظّمها عون في اتجاه القصر الشاغر في بعبدا تحت عنوان مشترك هو الرئاسة وقانون الانتخاب، مع التلويح ايضاً بخيار العصيان المدني. وكل ذلك يعني ان عون، الذي يتعاطى معه الخارج العربي والدولي على انه مرشح الاشتباك الاقليمي والداخلي، قد يخرج من زاوية انتظار موافقة الرئيس سعد الحريري على انتخابه رغم كل التلميحات الى ان الأمر قيد البحث داخل تيار المستقبل، وأنه قد يلعب اوراق الاحتياط في لحظة السباق مع الوقت التي أطلقها حلفاؤه في 8 آذار – لاعتبارات استراتيجية – مع الانتخابات الرئاسية الاميركية التي يتوجّسون من فوز هيلاري كلينتون فيها وتالياً تغيير سياسات واشنطن حيال ملفات المنطقة ولا سيما سورية.

* اما النقطة الثانية فعبّرت عنها قوى 14 آذار التي تخوّفت من عودة العامل الأمني الى المشهد السياسي من بوابة تطوريْن. الاول إطلالة قائد سرايا المقاومة التابعة لـ حزب الله الملقب بـ أبو رامي عبر إحدى الصحف القريبة من 8 آذار كاشفاً ان تعداد هذا التشكيل المسلّح بات 50 ألفا، وأن له مهمتان مواجهة التهديد الداخلي، والمساهمة في المواجهة الخارجية. والثاني تسريب معطيات أمنية عبر الصحيفة نفسها عن أن تنظيم داعش أصدر أمراً إلى مجموعات تعمل في لبنان بوجوب تركيز العمل على استهداف مناطق تقطنها غالبية مسيحية، إضافة إلى مناطق يسكنها أبناء الطائفة الدرزية، واستهداف النواب والوزراء والسياسيين الدروز، وعلى رأسهم النائب وليد جنبلاط.

واختصر منسق الامانة العامة لـ 14 آذار الدكتور فارس سعيْد مخاوف هذه القوى بإعلانه ان لبنان قد دخل مرحلة أمنية جديدة خطيرة بدليل الرسائل الأمنية التي تتولاها صحافة 8 آذار، وسط انطباعِ الأوساط السياسية بأنه اذا كان انتزاع شروط التسوية الرئاسية من حزب الله من خلال تكرار تجربة 7 ايار 2008 (العملية العسكرية لـ حزب الله في بيروت والجبل) في الـ 2016 دونه عقبات عدة بينها عنصر النزوح السوري والخوف من تفجير كامل للوضع اللبناني، فإن وهج اي أحداث أمنية على شكل تفجيرات او اغتيالات في ظلٍّ شلل مؤسساتي شبه كامل، قد يكون كفيلاً بإحراج أطراف عدة لبنانية تتعاطى على طريقة ام الصبي وتَعمّد حزب الله إظهار ان كرة التعطيل باتت في ملعبها من خلال طرْحه إمكان مقايضة عون رئيساً بالحريري رئيساً للحكومة.