IMLebanon

هل يستقيل “المستقبل” من الحكومة والحوار؟

 

future

 

 

 

نقلت صحيفة “الحياة” عن مصادر قيادية في تيار “المستقبل” قولها “إن قيادة التيار وكتلته النيابية ستستأنفان هذا الأسبوع مناقشة الخيارات السياسية المطروحة عليه في ما يتعلق بالأزمة السياسية التي تعيشها البلاد جراء استمرار الفراغ السياسي، وبعد تلمس زعيمه سعد الحريري أن المبادرات التي أطلقها من أجل الخروج من الجمود الحالي لم تلقَ التجاوب”.

ولم تستبعد المصادر أن “تعقد اجتماعات متعددة لدرس الموقف من هذه الخيارات التي طرحها الحريري في الاجتماع الأول المشترك لعرض هذه الخيارات في الأول من آب (أغسطس) عشية الجولة الأخيرة من اجتماع هيئة الحوار الوطني التي استمرت 3 أيام متتالية.”

وهذه الخيارات هي: بقاء الوضع على ما هو عليه وانتظار ما ستسفر عنه المراوحة، اتخاذ قرار بالخروج من الحكومة ومن الحوار الوطني، التفكير بخيارات جديدة للتسوية من أجل الخروج من الجمود والتي أعقبها نقاش حول القبول بخيار زعيم “التيار الوطني الحر” العماد ميشال عون للرئاسة. وفيما كان وزير الداخلية نهاد المشنوق اعتبر أن «المستقبل» أمام «مفترق طرق خطير في ما يتعلق بخياراتنا»، ذكرت مصادر معنية بالنقاش الدائر داخل التيار أنه لم يصل إلى قرار نهائي في اجتماعاته السابقة حول خياره الاستراتيجي.

وكان التطور الأبرز الذي حصل بين الجلسة السابقة والاجتماعات المنتظرة لقيادة التيار، إعلان الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله في 13 الجاري معادلة القبول بعون للرئاسة مقابل انفتاح الحزب على رئاسة الحكومة للحريري، التي رد عليها “المستقبل” بلسان عدد من قيادييه وفي بيان كتلته، بأن الرئاسة الثالثة ليست منة من أحد بل حق لزعيمه وأن الاتفاق عليها مسبقاً مع ربطها بالرئاسة مخالف للدستور واستباق للاستشارات النيابية الملزمة… كما رأى فيها عدد من القياديين المستقبليين “مناورة” من نصر الله بإبـداء الإيجابية حيال الحريري ومحاولة للخروج من الإحراج الذي يتعرض له الحزب أمام أوساط عون، بأنه لا يبذل الجهد الكافي من أجل تسهيل انتخاب الجنرال، لأنه يحبذ استمرار الفراغ. وتعددت الروايات حول خلفيات إطلاق نصر الله هذه المعادلة كالآتي:

1 ـ إن الحريري كان أثار مع رئيس حزب “القوات” اللبنانية سمير جعجع حين دعاه إلى تأييد عون، أسئلة عدة حول الضمانات في حال انتخابه، حول السياسة التي سينتهجها حيال القضايا الداخلية والإقليمية وتشكيل الحكومة والعمل الحكومي… وقيل في حينها أن جعجع أجاب الحريري بأنه لا يستطيع أن يضمن شيئاً، وأن “القوات” نقلت ما طرحه الحريري إلى عون.

2 ـ إن الحريري حين التقى رئيس المجلس النيابــــي نبيـــه بري قبـــل سفره منذ أكثر من 3 أسابيع طرح على بـــري أسئلة حـــول الضمانات، في حال حصول تسوية مع “حزب الله” حول الرئاسة، بأنه سيسهل قيام حكومة برئاسته (من دون أن يـــربط ذلك بقبول عـــون للرئاسة)، وأن تمارس هذه الحكومة عملها من دون عراقيل وألا يتم إسقاطها مثلما حصل مع حكومته التي تشكلت عام 2009… وأن بري نقل ما أثاره الحريري إلى “حزب الله” داعياً إلى طمأنته.

3 ـ إن الحريري طرح مسألة الضمانات حول رئاسة الحكومة وتشكيلها وتسهيل عملها، في حال أي تسوية مع الحزب (تشمل ضمناً القبول بالعماد عون)، أثناء لقائه وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إرولت إلى بيروت في 11-12 تموز الماضي، وأن إرولت نقل هذا الأمر إلى عون الذي كان يردد أمام بعض المقربين أن لديه تفويضاً من الحزب بمجيء الحريري وأن لا فيتو عليه رئيساً للحكومة في حال انتخب هو رئيساً.

إلا أن عون، بحسب مصادر مقربة منه، طلب، بعد ما سمعه من إرولت، إلى الحزب أن “يعلن تأييده خيار زعيم “المستقبل” للرئاسة الثالثة، لتشجيع الأخير على تأييده للرئاسة الأولى، وأن نصر الله بإعلانه ذلك في 13 الجاري استجاب لهذا الطلب. وكانت حجة عون أن السلطة المقبلة برئاسته أمامها تحدي محاربة الإرهاب و”داعش” ووجود الحريري ممثلاً للاعتدال السني في رئاسة الحكومة يشكل الغطاء المطلوب لذلك، لأن أي رئيس آخر للحكومة سيكون محكوماً بقبول زعيم “المستقبل” بالخطوات العسكرية والأمنية المطلوبة في هذا السياق ومن الأفضل أن يكون هو شريكاً مباشراً في السلطة.

4 ـ إن مدير مكتب الحريري نادر الحريري طرح جانبياً السؤال على المعاون السياسي لنصر الله، حسين الخليل عن موقف الحزب من تولي الحريري رئاسة الحكومة وأن الأخير أجاب بأن الجواب مناط بموقف القيادة في هذا الشأن، فجاء في خطاب نصر الله…

ورأت مصادر من قوى 8 آذار لـ”الحياة” أن “ردود فعل قادة “المستقبل” على معادلة نصر الله لم تكن مشجعة، ما فسر صدور تلميحات في وسائل الإعلام، من أوساط قريبة من الحزب أن “عرضه” قد انتهى. وفي المقابل، فإن الأوساط القيادية في تيار الحريري تشدد على أن “الخيارات المطروحة على طاولة النقاش بالنسبة إلى الحريري لا تنحصر بهذا الخيار حتى يعتبر قادة “حزب الله” أن الأمر يتعلق برئاسة الحكومة، في ظل مناخ التشكيك الكبير في التيار بنية الحزب إنهاء الفراغ الرئاسي، وبخيار عون للرئاسة إذا كان سيبقى على التصاقه بالحزب وسياسته الحالية بالتدخل في الحروب العربية…إلخ”.

اضافت أوساط متصلة بفريق العماد عون أن “مقابل مطالبة الحريري بضمانات لما بعد الرئاسة، فإن “حزب الله” يطالب بها أيضاً لأنه يريد التأكد من ألا يجنح أحد نحو فكرة عدم تمثيل الحزب في الحكومة عند تشكيلها بحجة أنه متهم بالإرهاب من الدول الخليجية خصوصاً، ويريد التأكد من مضمون البيان الوزاري مسبقاً حول دور “المقاومة” وتمويل المحكمة الدولية، والسياسة الخارجية، وطريقة ممارسة المؤسسات التابعة للرئاسة الثالثة صلاحياتها ومن التعيينات في المراكز الحساسة”.

ولكن مصادر سياسية بارزة تدعو إلى “عدم إهمال الخيار الثاني الذي طرحه الحريري، والذي يقضي بالاستقالة من الحكومة والخروج من الحوار وممارسة الدور السياسي من خارج السلطة، طالما أن بقاء الوضع على حاله يضر بمصالح التيار، في ظل شلل المؤسسات وفشل الحوارات في معالجة أي من المشاكل التي يعاني منها، لا سيما في مناطق نفوذه وأبرزها انتشار “سرايا المقاومة” المدعومة من الحزب في المناطق السنية”.

وأشارت هذه المصادر إلى أن “الحريري طرح على الرئيس بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، خلال لقائه كلا منهما قبل 3 أسابيع خيار الخروج من الحكومة ومغادرة الحوار، كواحد من الخيارات الثلاثة التي يناقشها مع قيادة تياره، مستخدماً حججاً عدة أبرزها أنه قام بكل المبادرات الممكنة للخروج من الفراغ الرئاسي، من دون أي تجاوب معه، وأنه يخسر من جمهوره نتيجة لذلك، هذا فضلاً عن استمرار مشكلة “سرايا المقاومة” بلا معالجة”.

واوضحت المصادر البارزة ان “بري وجنبلاط أصرا على الحريري لاستبعاد هذا الخيار، وأن الأول قال له العبارة الشهيرة بأن “مقابل خسارتك في جمهورك ربحت على الصعيد الوطني”، فأجابه الحريري: وكيف يصرف كل ذلك في الانتخابات؟ أما الثاني فتقول المصادر البارزة أنه ألح عليه لتأجيل البحث في خيار قلب الطاولة والخروج من الحكومة لأنه يؤدي إلى تعميم الفراغ في السلطة ويزيد التأزم”.

وفيما تقول المصادر أن “بري وجنبلاط أخذا وعداً من الحريري بصرف النظر عن هذا الخيار، وهذا ما دفع بري إلى التأكيد أن لا استقالة للحكومة وأنها مستمرة، تضيف أن لا شيء مضموناً في هذا الصدد، وأن الأمر ما زال مطروحاً على طاولة النقاش في “المستقبل”، خصوصاً مع استمرار التأزم على الصعيد الإقليمي نتيجة انخراط “حزب الله” في السياسات والمخططات الإيرانية في المنطقة والتي تحول دون أي أمل بمعالجة الأزمة السياسية في الداخل”.