Site icon IMLebanon

عون إلى تصعيد متدحرج من دون قلْب الطاولة

 

 

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية:

الرهان العوني على مراجعة الحريري موقفه من ترشيح فرنجية لم يَسقط في وقتٍ بدأت ترتسم معالم خضّة داخل الحكومة اللبنانية بفعل اعلان «التيار الوطني الحر» الذي يتزعّمه العماد ميشال عون الى مقاطعة جلسة مجلس الوزراء غداً الخميس كمؤشر انذارٍ أوّلي رفضاً للتمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي وقيادات عسكرية أخرى، لم تتضح بعد تماماً الحدود التي سيبلغها التصعيد العوني الجديد نظراً الى مجموعة عوامل ستكون الأيام القليلة المقبلة كفيلة ببلْورتها.

ومع ان الأجواء الغالبة لدى المراجع المعنية كرئاسة الحكومة ورئاسة مجلس النواب تبدو غير قلقة من تصعيدٍ يتجاوز تسجيل الموقف الاعتراضي من دون قلب الطاولة على الواقع الحكومي القائم، فإن أوساطاً سياسية بارزة حذّرت من «النوم على حرير» هذا الانطباع وعدم التحسّب لإمكان اتساع التصعيد لاحقاً الى خطوات أكبر.

وقالت هذه الاوساط لـ «الراي» ان بدء التحرك الاعتراضي العوني وإن كان شعاره العلني يتّصل بموضوع التمديد للقيادات العسكرية، فإنه في عمقه رسالة ضمنية الى خصوم العماد ميشال عون بإمكان وضع البلاد أمام واقعٍ جديد في حال الاستمرار في رفْض انتخابه رئيساً للجمهورية.

ولفتت الأوساط الى ان الإرباك الذي طبع الفريق العوني قبل تقرير الصورة النهائية للتحرك الاعتراضي ومداه وحجمه، عكستْ بوضوح تَضارُب وجهات النظر داخل الفريق العوني بين اتجاهٍ حادٍ ينحو نحو إعلان مواجهةٍ واسعةٍ من الآن تشمل التحرك في الشارع، وبين اتجاه آخر يفضّل التصعيد المتدرّج وجس النبض خطوة خطوة. ويبدو ان الاتجاه الثاني هو الذي سيتبع بقرار شخصي من العماد عون نظراً الى عدم قطْعه الأمل نهائياً بعد في إمكان اتجاه زعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري نحو التفاوض حول انتخاب عون رئيساً.

وقالت الأوساط نفسها انه بالرغم من المواقف العلنية الواضحة لكتلة «المستقبل» ونواب عديدين فيها من التمسك بترشيح زعيم «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية، فإن الرهان العوني على مراجعة الحريري موقفه لم يَسقط، وساعَدَه فيه صدور إشارات في الساعات الأخيرة من مواقع صحافية وإعلامية قريبة من «المستقبل» تحدثت عن عدم اكتمال النقاش داخل «تيار المستقبل» حول ترشيح عون وان هذا النقاش سيُستأنف لدى عودة الحريري الى بيروت أوائل الشهر المقبل.

وتعتقد الأوساط ان مثل هذه المؤشرات المتضاربة حول الموقف النهائي لـ «المستقبل» تجعل عون وفريقه يستمرّان في الرهان على ان لا رفْض حاسماً لدى الحريري لانتخاب عون وان العقبة الحقيقية لا تزال في موقفٍ خارجيّ منه تُمثّله المملكة العربية السعودية.

ومع ذلك تحذّر الأوساط من عدم احتساب احتمالات تصعيدية في المرحلة المقبلة وخصوصاً اذا ثبت للفريق العوني ان موقف الحريري وكتلته لن يزيح فعلاً عن رفْض انتخابه. فمع ان «حزب الله» لا يبدو محبّذاً لتغيير «الستاتيكو» الداخلي الراهن، فان ذلك لا يمنع في رأي الأوساط نفسها ان يدعم حليفه العوني في ايّ اتجاهات تصعيدية متى قرّر عون الذهاب الى حدود إعلان مواقف تتّصل بالنظام تحت ستار الاعتراض على ما يعتبره مساً بالميثاقية من خلال رفْض خصومه انتخابه رئيساً.

واذا كانت المؤشرات التي سبقت انعقاد الاجتماع الأسبوعي لتكتل التغيير والاصلاح برئاسة عون عصر امس لم توحِ بعد ببلوغ هذا البُعد من الأزمة، فإن الأوساط كشفت ان ثمة تحضيرات سرّية بدأها «التيار الوطني الحر» منذ أيام لتعبئة القواعد العونية استعداداً لخيار التحرك الاحتجاجي في الشارع، ما يعني ان ثمة سلّماً متدرّجاً للخطوات العونية سيُتبع بطريقة تصاعدية لوضع خصوم عون أمام واقع جديد قبل الموعد المقبل لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية المقررة في السابع من سبتمبر المقبل. ويبدو واضحاً ان التحرك العوني يضغط في هذا الاتجاه لتوظيف محطتّيْ الحوار الوطني في الخامس من سبتمبر ومن جلسة انتخاب الرئيس في السابع منه، وفي حال الإخفاق في انتخابه (الأمر المؤكد كما تجزم الاوساط)، سيبدأ بعدها بتصعيد تَحرُّكه المتدحرج وصولاً الى ذكرى إطاحته من قصر بعبدا في 13 اكتوبر 1990 (كان دخله رئيس حكومة عسكرية انتقالية العام 1988) التي قد تشهد الاختبار الأكبر في الشارع على أبواب القصر الفارغ. ورغم هذا المناخ الأكثر ميلاً الى التصعيد، فإن الأجواء ما يَرْشح من مواقف مرنة لتيار «المستقبل» حيال الملف الرئاسي قد يشكّل واحدة من «الكوابح» التي تحول دون جنوح عون نحو الخيارات القصوى. واستندت هذه الأجواء الى الموقف المتقدّم الذي أعلنه مستشار الرئيس سعد الحريري الدكتور غطاس خوري لتلفزيون «أم تي في»، اذ تحدّث عن 3 خيارات للخروج من الأزمة «إما السير بالنائب فرنجية وهو مرشح تسوية بالنسبة الينا»، وإما «اذا استمر فشل البرلمان الذهاب الى انتخابات نيابية في موعدها (ربيع 2017) ونحن جاهزون لها»، او «تسوية شاملة لا بد ان تشمل كل القوى السياسية الأساسية، وخطوطها العامة الاتفاق على رئيس الجمهورية والحكومة وكيفية تشكيلها كي لا نقع لاحقاً في العرقلة وعلى قانون الانتخاب، وكل ذلك خلال مهلة لا تتجاوز سبعة أشهر»، ومشيراً الى انفتاح «المستقبل على اي اسم يُطرح جدياً»، ولافتاً الى امكان معاودة التواصل مع عون بعد عودة الرئيس الحريري الى بيروت. واللافت ان خيار التسوية الشاملة يلاقي في جانبٍ منه «سلّة» رئيس البرلمان نبيه بري التي يصرّ عليها كمدخل للحلّ والتي سبق لـ «المستقبل» ان أبدى تحفظاً حيال مبدئها وقوبلت برفض من مكونات «14 آذار»، علماً ان «شياطين التفاصيل» تبقى هي الأساس في استيلاد «السلّة» وتحديداً تركيبة الحكومة والثلث المعطّل فيها ورئيسها والبيان الوزاري، الى جانب تعقيدات قانون الانتخاب الذي يُعتبر مفتاح «التوازنات» في البرلمان الجديد.