Site icon IMLebanon

“جنرال” واحد في “التيار”

 

 

 

كتبت غراسيا بيطار الرستم  في صحيفة “السفير”:

علاقة العماد ميشال عون بالطبيعة والأرض حميمة جداً. الذي يزوره في الرابية لا بدّ له أن يلبي دعوته لتفقد الحديقة الصغيرة التي يحرص على الاعتناء بها شخصياً ويومياً.

منذ سنوات، زرع «الجنرال» حقلاً من الورود البرتقالية، ولم يظن البتة أن أشواكها ستجرحه في يوم من الأيام. من يعرف الرجل يدرك أن المقاربة لديه ترتبط بذيول عاطفية أكثر منها حزبية. ولكنه يدرك أيضاً أنه «من المستحيل أن تصدر قرارات عن القيادة بفصل حزبيين من دون مباركة الجنرال وموافقته، لأنه شعر أن الخطر يتهدّد مسيرة التيار برمته».

يحظى رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل بدعم مطلق من العماد عون في كل ما يتخذه من قرارات حزبية. المعادلة واضحة، بحسب مطلعين على أجواء الرابية: «إما أن يحدث ما قد حدث… وإما أن يسقط الحزب».

لدى هؤلاء قناعة بأن «ثمة جهات وأجهزة تقف وراء هذه الجلبة السياسية ـ الإعلامية، بهدف تدمير الاستمرارية في التيار، وبالتالي جعل البيت البرتقالي الذي هو حجر الزاوية في الجسم المسيحي يتداعى. لذلك، استشعر عون الخطر وأوعز بالمعالجة مهما بلغ الثمن».

هل أخطأ الزعيم المسيحي الأول باختيار خليفته ولم يدرك أن القائد يفرض نفسه ولا أحد يختاره؟

يقول المطلعون إن «عون يثق بجبران ومعجب بديناميكيته ونشاطه وذكائه. وهذا ما يقر به الخصوم قبل الحلفاء». أما ما يُحكى عن «تعيين جبران رئيساً»، فالواقع مغاير، إذ «لم يترشح أحد غير جبران باسيل وألان عون الذي انسحب، سواء تحت الضغط أم لا، ففاز جبران بالتزكية». يضيف المطلعون: «مَن يريد أن يشكّل حالة اعتراضية، على ماذا يعترض؟ على مذكرة التفاهم مع «حزب الله» مثلاً، أو ورقة اعلان النيات مع القوات اللبنانية؟ أم أن المسألة «قم لأجلس مكانك»؟ في النهاية كل الأحزاب لا تخلو من الخلافات».

يدعو هؤلاء الى التمعن بتجربة «الحزب السوري القومي الاجتماعي»، حيث تقدّم المعترضون بطعنهم أمام المحكمة الحزبية ولم تنتشر المرافعات والمظلوميات على شاشات التلفزة، وأخذوا حقهم.

لم تطفُ، في السابق، أي مناكفات برتقالية على سطح «التيار». حتى «أبطال» الاعتراض اليوم برزوا في مهمات عدة ما كانوا ليتسلّموها لو لم يثبتوا أنهم أهل لذلك ولو لم تمنحهم القيادة تلك الفرصة، مثل زياد عبس وطوني نصر الله ونعيم عون وغيرهم ممن تسلّموا مهمات داخلية أو بين «التيار» وبقية القوى السياسية.

ثمة مَن يتساءل، في هذا الصدد، «إذا ما كانت الحظوة التي يتمتع بها جبران باسيل لدى العماد عون هي التي ولّدت مشاعر الغيرة والحسد بين الرفاق؟ خصوصاً أن لا أحد في التيار البرتقالي، من ملتزمين أو مطرودين، ينكر للجنرال ميزة الأبوة التي يعاملهم بها».

قد يعتبر البعض أن هذا «تسطيح لحالة اعتراضية طويلة عريضة لا تتعلق بالأشخاص»، لكن ثمة مَن يجيبهم، ومن صلب «التيار»، بأن «كل القضية هذا هو حجمها وإلا كيف يمكن لحزب أن يستمر إذا كان يحوي مجموعة داخلية تتصرف على اساس أنها تملك حق الفيتو على ما لا يعجبها في الحزب. وهل النضال يكون بالاحتكار أو بتربيح الجميلة؟».

الفارق كبير، برأي هؤلاء، بين الحالة العونية العفوية التي خرجت الى الشوارع ووزعت المناشير وأكلت ما أكلته من «لطف» الأجهزة الأمنية من جهة، والحزب الذي يفرض عليك أولاً الالتزام وهو خيار واعٍ لا أحد يجبرك عليه، لا عند تبني الفكرة ولا عند مغادرة الهيكل إذا ما آمنت انه لم يعد يعكس الفكرة من جهة ثانية.

الحالة العونية «تنظم نفسها في حزب حقيقي لأن لكل مرحلة متطلباتها. واذا كانت الحالة الاعتراضية عبارة عن 5 أشخاص أو 20 شخصاً، فإن عدد المنتسبين في التيار 16 ألفاً، واحترام التاريخ النضالي محفوظ للجميع. في البيت البرتقالي جنرال واحد لا جنرالات».

المقرّبون من باسيل يتوقعون المشهد في المستقبل كالتالي: عملية تشذيب الأغصان ستستمرّ لأن المؤسسة أكبر من الأفراد تماماً، كما ستستمر الحملات وفتح هواء الشاشات، لأن «التيار الحر» «بيّيع» خصوصاً في الاعلام!.