يبلغ المعدّل السنوي لعدد قتلى وجرحى حوادث السير على الطرقات اللبنانيّة، 13 ألف ضحية (12 ألف جريح و1000 قتيل)، إذا ضرب العدد بـ15 سنة (الفترة المتعارف عليها لامتداد الحرب اللبنانيّة) يكون المجموع النهائي 195 ألف ضحية، وهو ما يعطي انطباعاً بأن عدد ضحايا السير يوازي عدد ضحايا الحرب (تقريباً).
عام 2014 سُجّل نحو 4947 حادثاً نجم عنها 655 قتيلاً و6484 جريحاً، وسُجل في عام 2015 نحو 3802 حادث سقط فيها 543 قتيلاً و5086 جريحاً. وحتى بداية تموز 2016 سُجّل 1233 حادثاً و218 قتيلاً و1691 جريحاً (أرقام أوليّة بحسب الحوادث التي حُقّق فيها).
مع إقرار قانون السير الجديد عام 2012 وبدء العمل به في نيسان 2015، انخفض عدد الحوادث، لكن كان من المتوقّع إحداث تطوير حقيقي في ما يتعلّق بالسلامة المروريّة في لبنان كون روحية المشرّع موجودة فيه لناحية الترابط بين التعديلات الأساسيّة والتغييرات المرجوة منها، لم يطبّق أي منها حتى اليوم باستثناء رفع الغرامات التي لم تترافق حتى مع خطّة رادعة.
منذ بدء سريان قانون السير الجديد رقم 243/2012 في نيسان 2015 وحتى اليوم سُجّل نحو مليون محضر غرامة (من ضمنها 65 ألف غرامة ممنوع الوقوف)، إذا احتسبنا معدّل الغرامة وهو 100 ألف ليرة لبنانيّة، نحصل على ما مجموعه 50 مليار ليرة لبنانيّة. في كلّ دول العالم، تذهب عائدات الغرامات لتحسين السلامة المروريّة، وصيانة الطرق، وتطوير البنى التحتيّة، وتمويل شبكة النقل العام. أمّا في لبنان، وعملاً بقانون المحاسبة العموميّة الذي يمنع تخصيص الضريبة، توزّع عائدات الغرامات (المحصّلة بموجب رسم الطابع أو الأحكام القضائيّة) ما بين صندوق الاحتياط في قوى الأمن الداخلي بنسبة 25% من حاصل كامل الغرامات، والبلديات بنسبة 20% من حاصل كامل الغرامات، وصندوق تعاضد القضاة بنسبة 30% من الغرامات المحصّلة بموجب أحكام قضائيّة، والصندوق التعاوني للمساعدين القضائيين بنسبة 25% من الغرامات المحصّلة بموجب الأحكام القضائيّة. و55% إلى الخزينة العامة من عائدات الغرامات المستوفاة برسم الطابع فحسب. ما يُستنتج منه أن عائدات غرامات السير مخصصة خلافاً للقانون، لكنها تذهب بمعظمها إلى أمور ليس لها أي علاقة بسلامة السير والنقل.
يحتلّ لبنان، بحسب دراسة أجرتها “مجموعة البنك الدولي”، المرتبة 120 بين 144 دولة لناحية مؤشّر جودة الطرق (الطرق في حالة سيئة)، ويتبوأ المرتبة الأسوأ في سجلات السلامة المروريّة على مستوى العالم، إذ تبلغ التكلفة الاقتصاديّة لحوادث المرور والإصابات في لبنان معدّل 5.5% من إجمالي الناتج المحلي.
في مقارنة بينه وبين القانون القديم، يلاحظ أن التغيير يشتمل على إصلاحات رئيسيّة، لا يمكن تطبيق قانون السير دونها وتندرج ضمن اختصاصات مجموعة من الوزارات والإدارات؛ 1- إنشاء مجلس وطني ولجنة وطنيّة للسلامة المروريّة تتبع لها أمانة سرّ متخصّصة، رُصد لها مطلع 2016 ميزانية مليار ليرة لبنانيّة لفترة ستة أشهر، لكنها لم تصرف حتى اليوم ولا تزال عالقة في ديوان المحاسبة. ومن ضمن مسؤوليته العمل على 217 قراراً ومرسوماً تطبيقياً لقانون السير. 2- إحداث تغيير جذري في قطاع تعليم القيادة وتحويل مكاتب السمسرة إلى مدارس تعليم محترفة، وإنشاء اختصاص مرور لخبراء السير ومدرّبي القيادة. اكتمل العمل على المنهج من دون أن يدخل ضمن السنة الدراسية الفائتة. 3- بدء العمل بنظام النقاط والسجل المروري حيث ركّبت بعض الأجهزة والأنظمة من دون أن تفعّل. 4- إنشاء معهد مروري لدى قوى الأمن الداخلي لتدريب شرطة المرور. 5- استحداث وحدة المرور لا يزال بتّها عالقاً بسبب رفض تعديل قانون قوى الأمن الداخلي رقم 17/90 بحجّة أنه سيحدث خللاً في آلية التصويت في مجلس القيادة المؤلّف من 10 قادة وحدات موزّعين حسب التوازن الطائفي، والمدير العام الذي له الصوت المرجّح.