كتبت صحيفة “الأخبار”:
بدأت قضية الإنترنت غير الشرعي والملفات المتشعبة عنها تتقلص مع الجلسات الدورية التي تعقدها لجنة الإعلام والإتصالات النيابية. وبعد أن خرجت معلومات وحقائق كثيرة نتيجة التحقيقات التي حصلت مع متورطين في هذا الملف، صارت الإجتماعات تتلخص بتصريح واحد يخرج على لسان النواب الأعضاء مفادها أن «الملف أصبح في عهدة القضاء».
لم يثن هذا الأمر اللجنة عن متابعة جلساتها للتذكير بضرورة الإستعجال في كشف المتورطين في هذه القضية ورفض لفلفتها وطمسها، ولا سيما في في ظل تقاعس الأجهزة الأمنية عن استجواب عدد من المتورطين وفق ما قالت مصادر في اللجنة لـ «الأخبار». ولفتت الى أن «اللجنة النيابية لا يمكنها أن تحل مكان القضاء، الذي لا يزال يتكتم على نتائج تحقيقاته»، مشيرة إلى «مماطلة غير معروفة الأسباب». وأكدت ان اللجنة تحاول أن «تشكل ضغطاً على القضاء كي لا ينتهي الملف في الأدراج»، لافتة الى أن «الحماية السياسية لبعض المتورطين لا تزال قائمة، والقضاء يرفض تسمية الأمور بأسمائها».
وقد سجّل أمس استجواب النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم، رئيس مجلس إدارة قناة Mtv ميشال المرّ، نحو ثلاثة أرباع الساعة في ملف التخابر غير الشرعي. مصادر قضائية أكدت لـ «الأخبار» أنّ المر استجوب بصفة «مستمعٍ إليه، لا شاهد»، أي إنّ هناك إمكانية للادعاء عليه لاحقاً في حال ثبوت تورطه أو تقديمه معلومات غير صحيحة في ملف الإنترنت غير الشرعي. وقد نفى المرّ كل ما نُسب إليه في ملف التخابر غير الشرعي لجهة استخدام أرقام هواتف ومحطات غير شرعية. وردّاً على أسئلة القاضي، أكّد أنّ عمل شركته قانوني، لافتاً إلى أنّ الاتصالات كانت تُجرى لاستطلاع الرأي حول برامج القناة. وأنكر كل ما نُسِب إلى شركته من تجاوزات في هذا الملف.
وذكرت المصادر أنّ إبراهيم طلب من هيئة «أوجيرو» داتا الاتصالات الخاصة بشركة studio vision خلال مهلة أسبوع كحدٍّ أقصى للوقوف على صحة إفادة المر التي أدلى بها بعد مقاطعتها، محددًا العشرين من أيلول موعداً لاستكمال استجواب المرّ.
وبعدما أنهى إبراهيم استجواب المر والمدير العام لشركة أوجيرو، توجه لحضور اجتماع لجنة الإعلام والاتصالات النيابية. وخلال الجلسة، استفسر النواب الحاضرون والوزير بطرس حرب عمّا جرى في جلسة الاستجواب، فأبلغهم إبراهيم بمضمونها وببعض إجابات المرّ. وأعرب حرب عن استغرابه لإجابات المر، متسائلاً إن كان يُجري الاستفتاء على برامجه بعد منتصف الليل، وصولاً إلى ساعات الفجر الأولى.
بعد الجلسة، عقد النائب حسن فضل الله مؤتمراً صحافياً حضره حرب والوزير علي حسن خليل، فذكّر فضل الله بأنّ التحقيق لن يتوقف قبل الوصول إلى النتائج المرجوَّة المتمثلة بـ«محاسبة المرتكبين الذين يتحملون مسؤولية هدر المال العام وإمكانية وجود خرق أمني». وذكّر بإشارتهم منذ بدء الفضيحة إلى أن «هناك إمكانية للتجسس على الإنترنت في لبنان من خلال الإنترنت غير الشرعي»، مشيراً إلى أنّ جلسة الأمس خصصت للاطلاع على الهدر المالي في هذا الملف، وللاستماع إلى المدعي العام المالي حول مجريات التحقيقات في التخابر الدولي غير الشرعي وللاستماع إلى وزيري المالية والاتصالات حول المسار المالي والإداري.
وأضاف فضل الله: «هناك فعلاً جريمة واقعة، وهناك أدلة كافية وكاملة على هذه الجريمة، لكن عندما تغيب المحاسبة يتشجع المرتكب على المزيد من الفساد». ورأى رئيس لجنة الاتصالات أنّ «هناك تذرعاً بالدفوع الشكلية للتباطؤ، وقلنا يبدو أن هناك دفوعاً سياسية تمنع المحاسبة. وهذه الدفوع السياسية أيضاً سنبقى نلاحقها». من جهته، قال حرب: «لقد تقدم رئيس هيئة القضايا في وزارة العدل القاضي مروان كركبي بدعوى قضائية لإحدى المخالفات باسم وزارة الاتصالات، وتوصلنا بالنتيجة إلى بعض الخلاصات. الخلاصة الأولى أن هناك بعض المشتبه فيهم اعترف خطياً بملكيته لبعض الأجهزة التي ضُبِطَت للإنترنت غير الشرعي»، واستغرب عدم استجواب المشتبه في تورطهم قائلاً: «هذا ما لفتنا نظر التحقيق القضائي إليه، لأن الرأي العام ينتظر معرفة على الأقل مصير من اعترف بأنه يمتلك هذه الآليات غير الشرعية، فلماذا لم يجرِ حتى الآن أي تبليغ أو تدابير قضائية بحقهم؟». وقال: «إذا كان هناك من يحاول تغطية أيٍّ من هؤلاء، فنحن سنكشف عنها ونقول للرأي العام لماذا التحقيق لم يتوصل إلى محاسبته». وأضاف: «تبين لنا أن شركتي «الألفا» و»التاتش» اللتين تمتلكهما الدولة كانتا مضطرتين إلى أن تشتريا من الشركات الخاصة وتدفعا ثمن الايوانات فوق الألف دولار، وحتى تصل الأسعار لحدود 1800 دولار عن الـ E1، علماً أنهم اشتروها بـ 550 دولاراً، وطبعاً كان على المديرية العامة للاستثمار والصيانة أن تتصل بالشركات وأن تطلب منها البيع، وهذا أمر يستدعي التحقيق، وأنا هنا لا أريد أن أستبق التحقيقات القضائية لكي يظهر من هو المسؤول عن هدر المال العام». وردّاً على سؤال: «هل صحيح أنكم تغطون ارتكابات المدير العام للصيانة عبد المنعم يوسف؟ قال حرب: لماذا أغطيه؟ ومن يقول ذلك هو المتهم».
بدوره تناول الوزير خليل الشقّ المالي في ملف الاتصالات وقال: «هناك سرقة موصوفة للمال العام، وفي النهاية هناك مسؤولون عن هذه السرقة وعن هدر أموال الدولة اللبنانية، المفترض أن يحاسب هؤلاء المسؤولون». وأضاف: «للأسف، إن من أُوقف بهذا الملف أُوقف بقضايا متعلقة بمسألة محددة ولم يُوقَف أشخاص اعترفوا بأنهم أداروا إنترنت غير شرعي، وأنهم وزعوا هذا الإنترنت على كيفهم، وإن الشركات التي كانت تدير عملية الإنترنت غير الشرعي كانت تعمل بكل وقاحة وجرأة وتسلم إيصالات، وهي باتت معروفة ولسنا بحاجة لجهد كبير لأن ندعي عليها بالاسم لإيقاف من يجب إيقافه، خصوصاً بعدما سمعنا أن معظم هؤلاء قدموا اعترافات خطية موقعة وسلمت إلى الجهات المعنية، وإذا لم تسلك، فهناك استعداد ونية لتسليمها ومتابعتها كما يجب أن تتابع». وعن عدم حصول توقيفات جوهرية، وكأن المتورطين محميون من جهات سياسية، قال فضل الله: «إن الأجهزة الأمنية التي أجرت تحقيقاتها أحالت نتائج هذه التحقيقات على القضاء، وبات الملف كله بيد القضاء». وسُئل حرب: «هل تعتبر بادرة خير باستدعاء رئيس مجلس إدارة «الام تي في» في قضية التخابر غير الشرعي؟»، فأجاب: «هذا تدبير قضائي عادي، وهناك دعوى لدى هيئة القضايا، ومن الطبيعي أن يجري التحقيق مع المعنيين، لكن ما ستكون عليه نتائج التحقيق لا أعرف، وهذا أمر جيد، والقضاء سيبتّ كل هذا الملف».
بدوره علّق النائب آلان عون قائلاً: «منذ فضيحة ما سُمي الإنترنت غير الشرعي وتفكيك المحطات الأربع لم يتأثر عدد الاشتراكات الشرعية، يعني كل المحطات التي جرى توقيفها والتي كانت توزع الإنترنت، ورغم ذلك لم ينعكس توقيفها على الشركات المرخص لها ولا في أوجيرو، ما طرح تساؤلات عن استمرار العمل بالإنترنت غير الشرعي أو عبر محطات أخرى وكابلات تأتي عبر الحدود. وطلبنا اليوم من الأجهزة الأمنية ومن مخابرات الجيش والقضاء المختص ومن وزارة الاتصالات أن تقوم بالتحقيق في هذا المؤشر الجاري