كتبت لينا فخر الدين في “السفير”
كان من المفترض أن يتمّ استجواب السوريّ محمّد المحمّد بصفته “الأمير الشرعي لتنظيم داعش” في عرسال ومتهماً بما حصل في 14 كانون الأوّل 2014، حينما ضبط الجيش حزاماً ناسفاً بحوزة السوريّ محمّد يحيى الذي كان يرافق عضو “هيئة العلماء المسلمين” الشيخ حسام الغالي (كان مكلّفاً رسمياً لمتابعة التفاوض مع “داعش” و “جبهة النّصرة” لإطلاق سراح العسكريين)، إلى جرود عرسال.
لكن الجلسة تحولت الى منصة لرواية قدمها المحمّد عما فعلته التنظيمات الإرهابيّة بالسوريين والعراسلة على حدّ سواء، وخصوصاً محمّد يحيى الذي كان أمير “النصرة” في عرسال وفي الوقت عينه مسؤولا عن الخلافات العائليّة داخل مخيّمات النّازحين التي كانت تفوق الـ30 مخيّما.
يعدّد المحمّد الكثير من الروايات عن بطش يحيى (أخلي سبيله في صفقة التبادل مع “النصرة”) “الذي كان “ديكاً” يرعب أهل عرسال والسوريين لاستعمال سلطته علينا، ولم نكن نتجرأ على فعل أيّ شيء وهو موجود”، مشيراً إلى أنّه لم يكن يخرج من دون حزامه النّاسف.
يغسل الموقوف يديه من “داعش”، ليؤكّد أنّ “داعش والنصرة ارتكبوا أفعالاً في عرسال لا يمكن أن تُغتفر، وهم استباحوا الأرض والأعراض، إذ إنّهم كاذبون ومنافقون”. أكثر من ذلك، يشير المحمّد إلى أنّ التنظيمات الإرهابيّة دخلت خلال معارك آب 2014 إلى مخيّمات النازحين السوريين وأحرقوا حوالي 800 خيمة وأطلقوا النّار، فشرّدوا النّساء والأطفال بغية إلصاق الأمر بالجيش “الذي فتح لنا الحواجز وساعدنا ولم يتعاط مع أحد بطريقة سلبيّة”.
في جعبة “أبو همام” الكثير من الحكايات عمّا كانت تفعله التنظيمات الإرهابيّة في عرسال وجرودها، فيلفت الانتباه إلى قيام “النصرة” بتصفية عدد من عناصرها في الجرود بحجّة تخابرهم مع “حزب الله”، وعرض جثثهم على مواقع التّواصل الاجتماعي.
وفي مضمون إفادته الأوليّة، كشف المحمّد أنّ والي الرقّة في “داعش” وبإيعازٍ من أبو بكر البغدادي، أرسل ثلاثة أشخاص هم: أمير عسكريّ وآخر شرعي وثالث غير معروف الوظيفة (عراقيّ)، بغية تحضير قوى “داعش” للقيام بعمليّات وخوض معركة في الدّاخل اللبنانيّ، كما علم المحمّد من أحد المقرّبين من أبو مالك التلي ويدعى عمر السّمر أنّ “الجبهة” تسعى للدّخول إلى بريتال.
أوضح الموقوف خلال استجوابه، أمس، من قبل رئيس المحكمة العسكريّة العميد الرّكن الطيّار خليل إبراهيم أنّ هذا ما كان يسمعه في الجرود، وليس لأنّه على ارتباط بـ “داعش”.
واستمعت هيئة “العسكريّة” أيضاً إلى المفاوض الرسمي في حينه الشيخ حسام الغالي الذي أشار إلى أنّه اختار أن يكون المحمّد من ضمن الوفد المتوجّه إلى عرسال، كونهما عملا سوياً في مجال الإغاثة.
وعن مرافقته ليحيى، لفت الغالي الانتباه إلى أنّه لم يكن على علم بأنّ الرّجل كان مزنّراً بحزامٍ ناسف أو أنّه كان أمير “النّصرة” ويرعب عرسال، بل سمعتُ أنّه مسؤول ملف الخلافات العائليّة داخل المخيّمات.
وروى الغالي أنّه بعدما نال إذن السلطات الرسميّة، توجّه مع الشيخ سميح عز الدين إلى عرسال واجتمع مع أحد أمراء “النصرة” الملقّب “أبو طلال” الذي عرّفه عليه المحمّد، لأكثر من 4 ساعات، وذلك بهدف أخذ تعهّد من الخاطفين بوقف قتل العسكريين مقابل إطلاق سراح النساء الموقوفات لدى الأجهزة الأمنيّة اللبنانيّة، تمهيداً لبدء المفاوضات.
ولكنّ محاولات الغالي لم تفلح في إطلاق سراح المخطوفين أو على الأقلّ وقف قتل العسكريين المخطوفين. فأنهى مهمّته حينما تمّ توقيفه على حاجز الجيش بسبب ضبط حزام ناسف كان يحيى يرتديه.
يؤكّد الغالي أنّه لم يكن يريد شيئاً إلّا إطلاق سراح العسكريين “فنحن خاطرنا وتعرّضنا لإطلاق نار من أجل هذا الهدف”، نافياً لقاءه بالموفد القطري. فيما أشار المحمّد إلى أنّه حينما كان يدخل الموفد القطري “لم يكن بإمكان أحد الاقتراب من المكان”.
وبعد انتهاء الاستجواب وشهادة الغالي، أرجأ العميد إبراهيم الجلسة إلى 19 أيلول المقبل للمرافعة.