تشهد المنطقة حركة سياسية ناشطة تتخللها اتصالات حثيثة بين القوى الفاعلة دوليا واقليميا، ما يوحي وفق مصادر دبلوماسية غربية، بقرار حاسم أميركي – روسي، بدفع قطار تسوية الازمات ولا سيما السورية، قدما، قبل فوات الاوان، ذلك ان وضع الحلول سيزداد صعوبة بعد دخول واشنطن وباريس مدار انتخاباتها الرئاسية مطلع الخريف المقبل.
أبرز محطات “الدينامية” الدبلوماسية المستجدة في المنطقة والتي تصفها المصادر عبر “المركزية” بالمشجعة والايجابية، يتمثل من جهة في اللقاءات التي أجراها نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف في طهران والرياض ودول عربية أخرى، وقد تركزت في شكل خاص على الملفين السوري واليمني، ومن جهة ثانية في المحادثات التي يجريها اليوم وزير الخارجية الاميركية جون كيري في جدة مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في حضور المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، علما انه اجتمع أمس بنظيره السعودي عادل الجبير وبولي ولي العهد وزير الدفاع محمد بن سلمان، حيث تلفت المصادر الى ان رئيس الدبلوماسية الاميركية يحمل معه الى المنطقة، أربعة ملفات تعنى باليمن وليبيا والعراق وسوريا.
وتكشف في السياق عن مساع تبذل لايجاد مخارج للنزاعات التي تشهدها تلك البلدان في الأشهر القليلة المقبلة، بالتزامن مع بلورة تفاهم روسي – تركي- سوري – ايراني حول سوريا ليست الولايات المتحدة بعيدة منه، على خطوط عريضة قد تسهل العودة الى المفاوضات قوامها “مبدئياً” رفض الكانتونات وأبرزها الكانتون الكردي، وتخطي عقدة مشاركة الرئيس بشار الاسد في المرحلة الانتقالية، وضرورة التعاون لمحاربة الارهاب. ويأتي الحراك الاميركي- الروسي في المنطقة لتعزيز أسس هذا التفاهم وضم أكبر عدد من اللاعبين الاقليميين الفاعلين اليه، وعلى رأسهم دول الخليج، حيث تقول المصادر ان تحقيق خرق في الملف السوري لا بد ان يسهل ولادة حلول للنزاعات الاخرى في المنطقة، فتشهد اليمن والعراق وليبيا تباعا تسويات لأزماتها مطلوب تحقيقها قبل أواخر العام الجاري.
وتدعو المصادر الى ترقب نتائج محادثات وزيري الخارجية الاميركية والروسية جون كيري وسيرغي لافروف في جنيف الجمعة 26 آب، والزيارة التي قد يقوم بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأربعاء 31 آب الى تركيا، وتلك المرتقبة للرئيس التركي الى ايران، متوقعة ان يتمخض عنها في الايام المقبلة “جديد” ما على صعيد التسوية السورية، يمهّد للتسويات الاخرى المنشودة.
في غضون ذلك، لا تستبعد المصادر ان يستفيد لبنان من المناخ الايجابي هذا والذي قد يحمل اليه رياحا دافئة تلفح الاستحقاق الرئاسي. وتشير في السياق، الى ان الجهود المحلية قد تتكثف مطلع ايلول المقبل لوضع حد للشغور عبر “تسوية” يكثر الحديث عنها في الآونة الاخيرة حيث يطالب بها رئيس المجلس النيابي نبيه بري ويريدها “شاملة”، كما اشار اليها مستشار الرئيس سعد الحريري غطاس خوري منذ أيام، كاشفا ان التيار الازرق لا يعارض تسوية يشارك فيها الجميع، ولافتا الى ان عودة رئيس المستقبل الى بيروت مطلع الشهر المقبل ستساهم في تحريك عجلة الاتصالات الداخلية على هذا الصعيد.