Site icon IMLebanon

سامي الجميّل: معركة دونكيشوتية… مطلوبة

 

 

كتبت رلى إبراهيم في صحيفة “الأخبار”:

قد يصعب على البعض تصديق أن النائب سامي الجميّل يخوض اليوم معركة منع قرصنة شاطئ ساحل المتن وتحويله إلى مطمر نفايات أسوة بجبل برج حمود وصيدا والنورماندي، من دون أن يكون الأمر متعلقاً بواحدة من مغامراته المعتادة.

إلا أن التدقيق قليلاً في ما يحصل، يقود إلى تحرّك مدني ذي أهداف واضحة، على عكس غالبية تحركات الكتائب السابقة. وهو ما كان يفترض تفاعلاً أكبر من الرأي العام، ولا سيما أهالي المتن، عوض أن يكونوا شهود زور على تحوّل الشاطئ العام وواجهة قضائهم البحرية إلى مستوعب نفايات كبير سيزيّنه السياسيون لهم بباقة من الورد.

فعلياً، للكتائب نظريتان: أولى رافضة لاستنساخ تجربة جبل برج حمود في البحر العام، خصوصاً أن التلوّث البيئي جرّاء الجبل انتشرت أضراره الصحية إلى البلدات المحاذية له، من الأشرفية وصولاً إلى بيت مري وقرنة شهوان. وثانية تتعلق بعدم الثقة بوعود سوكلين وسوكومي ومعهما وزير الزراعة أكرم شهيب حول معالجة النفايات قبيل طمرها في ما عدا سرقة أموال البلديات. فالخطة المعدّة ليست سوى مشروع إفلاس للبلديات التي ستدفع 640 مليون دولار على مدى أربع سنوات، أي «ضرب احتيال»! وأيضاً ضرب لأنابيب الغاز الموجودة تحت المطمر المنوي إنشاؤه، وما يعنيه ذلك من مخاطر فقط لأن سوكلين تريد «ضبّ المصاري والكبّ بالبحر». أما الحل، في نظر الكتائب، فـ»اللامركزية» طبعاً. اللامركزية مشروع الجميّل بعد فشل فدرالية «لبناننا». وهو يريد لمشروع اللامركزية أن ينجح في مكان، حتى لو كانت البداية من النفايات. وهو ما بدأته شقيقته نيكول الجميّل في بكفيا وجوارها، عبر إنشاء معمل للفرز كان حتى قبيل 3 أسابيع ينتج دخاناً أسود ورائحة كريهة تنتشر ليلاً في زواريب بكفيا والدلب. ولدى سؤال الناشطين المدنيين عن السبب، كان الجواب أن الدخان ناتج من حرق «المحارم»، لكنْ عولج الموضوع، من دون منح الناشطين معلومات عن ماهية الحلّ. رغم ذلك، يسجّل للكتائب المبادرة إلى إنتاج المشاريع وحثّ البلديات على الاستقلالية منذ بدء أزمة النفايات، إذ جمع الجميل رؤساء البلديات عدة مرات لمحاولة ضمهم إلى مشروع بكفيا من دون أن يلقى تفاعلاً إيجابياً من «الريّاس». فالقرار أصلاً ليس بأيديهم، ويستحيل على القوى السياسية بيع ربح مجاني إلى الجميّل حتى لو كان فيه إفادة للبلدات ولموازنة البلديات! وهو ما يتكرر اليوم عبر عدم مواكبة التيار الوطني الحر والقوات والقوميين والطاشناق لتحرك الكتائب على الأرض. والنتيجة اعتراضات «على القطعة» لا تغني ولا تسمن، فيما كان أي تحرك كبير كفيلاً بنسف أي خطة مهما توسّع غطاؤها السياسي.

تحرك الكتائب منع المتعهد من مباشرة أعماله في برج حمود وأجبر حزب الطاشناق على رفض استقبال النفايات في الموقف المؤقت إلى حين حلّ المسألة نهائياً. وعن ذلك يقول عضو بلدية بيروت عن حزب الطاشناق هاغوب ترزيان: «إذا كان هناك رفض للمطمر فليكن، نحن لن نقبل بإبقاء النفايات في الموقف المؤقت. فليأتوا ويأخذوها». ويسأل: «أين كان المعترضون على الخطة الحالية قبل 20 عاماً عند إنشاء جبل النفايات الذي أوقفناه بجهودنا؟ وما الحلّ المعدّ له اليوم، خصوصاً أنه مضرٌّ بصحة سكان برج حمود وجوارها، ويسبب أمراضاً وأوبئة لا تُعَدّ ولا تحصى؟». ترزيان يدرك أن خطة شهيب «ليست مميزة»، ولكنه يؤكد أن «100 ألف دراسة نفذت بشأنها، ولو كانت لا تراعي المعايير الصحية لما مشينا فيها». فيما على المقلب الآخر، يسائل النائب إبراهيم كنعان يوم الاثنين المقبل عبر جلسة للجنة المال والموازنة مجلس الإنماء والإعمار والوزارات المعنية بحضور نواب المتن الشمالي. ووفق كنعان، دعوته جاءت لسببين: «الأول لتلافي عودة النفايات إلى الشارع، والثاني لعدم تحويل ساحل المتن إلى مكبّ نفايات، والاستماع إلى الحلول المطروحة. وعلى مجلس الإنماء والإعمار الإجابة عن عدد من الأسئلة عن سبب التأخير في تلزيم معامل الفرز وقوتها، وعن مكان معامل التفكك الحراري المزمع إنشاؤها، والاعتمادات والتلكؤ في العمل لغاية الآن». وعليه، «يفترض بالجميع تحمّل مسؤولياتهم الاثنين المقبل، لأن أي تغيّب عن الجلسة يعني عدم الرغبة في إنقاذ المتن، بل المزايدة فقط». وفي هذا الوقت، يستمرّ الكتائب في اعتصامهم بعد أن نصبوا خيماً على المدخل الرئيسي لمكبّ برج حمود الجديد وتواكبهم اليوم مجموعتا «بدنا نحاسب» و»طلعت ريحتكم» الخامسة من بعد الظهر. وهي مناسبة لكل اللبنانيين حتى لو يئسوا من إمكانية تطهير البلد من فساد سياسييه، في تكرار المحاولة لإنقاذ بحرهم من براثن ديوك المزابل. ففعلياً، لا يمكن هؤلاء الإمعان في تلويث الشاطئ بدل تنظيفه، إذا ما اصطدموا برفض جدّي من الرأي العام. ولأن لمطمر النفايات عند النواب فوائد، كانت زيارة النائبين سامر سعادة وإيلي ماروني للمطمر. وسعادتهما معذوران، ففي زحمة انشغالهما بـ»التمختر» أمام فلاشات الكاميرات، غاب عن بالهما اصطحاب بعض من شباب إقليم زحلة والبترون أقله إلى ساحة الحدث للمشاركة في اعتصام رفاقهم… حتى لا يكون غرض الجولة فقط أخذ «سيلفي ومطمر الموت خلفي»، على ما علّق سعادة تحت واحدة من صوره الكثيرة هناك.