كتب ايلي الفرزلي في صحيفة “السفير”:
لأن انحلال المؤسسات صار مرئياً، ولان مجلس النواب يواجه خللاً كبيراً بدأ مع التمديد لنفسه مرتين واستمر مع عجزه عن التشريع، صارت الظواهر الشاذة أكثر حضوراً في يوميات اللبنانيين.
هيبة المجلس تعرضت منذ يومين لموقف وصفه بعض النواب بـ “الخطير جدا”!
في ورشة العمل التي نظمتها لجنة الاشغال، بالتعاون مع مؤسسة “وستمنستر”، في مجلس النواب، بعنوان “إدارة قطاع النفط والغاز وحوكمته في لبنان”، كان يفترض أن يكون النقاش مفيداً وبناءً ويؤدي إلى زيادة معرفة النواب بقطاع النفط، ومحو أميّة البعض الآخر في قطاع يشكل مستقبل لبنان.
قبيل انتهاء الورشة، التي عرضت فيها الخبيرة في اقتصاد الطاقة وادارة عائدات النفط والغاز الدكتورة كارول نخلة دراسة سبق وأجرتها عن قطاع النفط، “فلت الملق”، على حد قول أحد النواب الحاضرين.
كان رئيس اللجنة محمد قباني يشكو، في معرض انتقاده للسرية المريبة التي يتم التعامل فيها مع القطاع، من عدم التعاون معه بشكل كاف أثناء إعداده لاقتراح قانون يتعلق بالتنقيب عن النفط في البر، بتكليف من الرئيس نبيه بري. لكن ذلك، لم يعجب عضو هيئة النفط كابي دعبول، الذي قاطع رئيس اللجنة، مؤكداً عدم صحة كلامه.
ذكّر قباني مقاطعه أنه لا يحق له الكلام إذا لم يعطه الإذن بذلك، فلم يأبه الأخير. استمر الجدال بينهما وانضم اليه عضو هيئة النفط وسام شباط، قبل أن يقررا الانسحاب، برفقة رئيس الهيئة وسام الذهبي وعضوها عاصم بو ابراهيم.
انتهى الاشتباك بين قباني و “الهيئة”، إلا انه لم ينته بين النواب، الذين وجدوا في ما حصل أمراً لا يمكن تجاهله. يسأل أحد النواب: “كيف يمكن لموظف أن يتعامل مع رئيس لجنة نيابية وفي مجلس النواب بهذه الطريقة، بغض النظر عما إذا كان مخطئاً أو مصيباً؟”، واصفاً ما حدث بـ “الإهانة لمجلس النواب، كمؤسسة”. كما رأى فيه آخر دليلاً على أن مؤسسة مجلس النواب “صارت بلا هيبة، أو هكذا يُنظر إليها”.
لم يسكت قباني عما حصل. بادر الى نقل ما حدث إلى الرئيس بري، الذي أبدى دعمه الكامل لقباني واستهجانه لما حصل، مؤكداً أنه لن يستقبل الهيئة بعد الآن إذا لم تعتذر عما حصل، وهو الموقف نفسه الذي أخذه قباني.
ليس بعيداً عن النقاش في هيبة المجلس والنواب. هل يملك أي من النواب إجابة على السؤال المتعلق بالأسباب الفعلية لحالة الجمود التي تصيب القطاع النفطي حتى الآن؟ وهل يعرف أحد لماذا لم يحصل مجلس النواب بوصفه السلطة الرقابية العليا في البلد، على أي معلومات حول المرسومين الموجودين لدى مجلس الوزراء، على ما أكد رئيس اللجنة محمد قباني؟
في تلك الندوة، قال قباني “لن نقبل باستمرار هذا الغموض والسرية المريبة، وسنقوم بكل ما علينا من أجل ضمان حق النفاذ إلى المعلومات أي إلى الشفافية في قطاع الموارد البترولية”.
فالغموض في بلد تسمى فيه السرقة شطارة، يُصبح وجهاً آخر للفساد. أما إذا وصل النقاش إلى قطاع النفط ـ الثروة المؤجلة، بأرقامه الخيالية، يصير الكلام أخطر وأكثر حذراً.
لا بديل عن الشفافية الكاملة سوى بقاء الثروة في مكانها. ذلك هو المبتغى أو المؤمل، إلا أن الخوف سرعان ما يتضاعف عند الحريصين على هذه الثروة عندما يستمعون إلى محاضرات ومناقشات تحذّر من غياب الشفافية، بعد ست سنوات من إصدار قانون الموارد النفطية في البحر.