تقرير سيرج مغامس:
بعدما تعرّضت إيطاليا لزلزال مدمّر أودى بحياة أكثر من 250 شخصًا طرح الأمر أكثر من علامة إستفهام عما إذا كان الأمر سيؤثر بطريقة ما على لبنان، وعما اذا كان هناك أي خطر لهزات أو زلازل أرضية قد نتعرض لها خصوصا واننا غير مهيّئين لتحمل اعباء زلازل مدّمرة.
فهل لبنان معرض لهزات أو زلازل؟ وهل هو قادر على تحمّل الدمار الذي قد ينتج عنها؟
لبنان لن يتأثر بزلزال إيطاليا
المدير السابق للمركز الوطني للجيوفيزياء ألكسندر سرسق، يشرح لـIMlebanon أن “الزلزال الذي حصل في إيطاليا لا يمكن ان يؤثر على لبنان لأنّ المناطق الزلزالية بعيدة جدًا عن بعضها والفوالق التي توّلد هزات أرضية غير مرتبطة ببعضها، ومنطقتنا الزلزالية هي في الشرق الأوسط ولبنان قد يتأثر بأي زلزال ناتج عن حركة الفالق الذي يمتدّ بداخل لبنان من جنوبه حتى شماله”، ويضيف سرسق أنّ “هناك نظامًا معقدًا للفوالق اللبنانية وهي التي سمحت بوجود جبل قريب من البحر ومرتفع جدا وليس هناك في كل الدول حول البحر الابيض المتوسط جبل عال قريب من شاطئ البحر، وسبب وجود هذا الجبل هو الحركات الزلزالية والتكوين التكتوني للمنطقة”.
من جهته، يؤكد منسق شبكة الرصد الزلزالي التابع للمجلس الوطني للبحوث العلمية رشيد جمعة لـIMlebanon، أنّ “الوضع الزلزالي في لبنان ليس لديه اي دخل بالوضع الزلزالي في ايطاليا لأنّ الحركة التكتونية الموجودة في لبنان مفصولة كليا عن الحركة التكتونية في إيطاليا”، ويضيف: “لبنان بلد زلزالي معروف والحركة الزلزالية فيه معروفة والتاريخ الزلزالي فيه يدلّ على أنّه حصلت زلازل مدمرة على مر العصور، وقوة الزلازل التي حصلت هي فوق الـ7 درجات على مقياس ريختر، والذي قد يتعرض له لبنان بشكل عام قد يكون مدمرًا أكثر ممّا حصل في ايطاليا، فأكبر زلزال شهدته ايطاليا في تاريخها الحديث كان 7.2 درجات أمّا في تاريخ لبنان فحصل زلازل وصلت قوتها الى 7.5 درجات وأكثر”.
آخر زلزال مدمّر حصل في العام 1956
ويشكف سرسق أنّ “آخر زلزال مدمّر حصل في لبنان كان في العام 1956 وكانت قوته 6 درجات على مقياس ريختر وولّد دمارا كبيرا بالاضافة الى سقوط عدد كبير من الضحايا في كل المناطق اللبنانية لذلك لا يمكننا ان نهمل هذا الموضوع”، ويشير الى أنّ “اول مركز للمجلس الوطني للبحوث العلمية والجيوفيزيائية تأسس عام 1975 ولكن هذا المركز خَلَفَ مرصد كسارة الذي تأسس في العام 1920، ما يعني أنّه عندنا تقريبا 100 عام من الدراسات والرصد وهذا الامر جيد وايجابي جدا لذلك الاهتمام قديم جدا”.
سرسق يلفت الى أننا “نسجل الزلازل بأمل أنّه يوما ما نصل الى مرحلة ونتنبؤها”، ويكشف أنّ “الزلازل الخفيفة تدلّ عن نشاط في القشرة الارضية وتدل على أنّ هذه القشرة لم ترتاح بعد ولا تزال تتحرك وقد تولد زلزالا كبير جدًا”، ويؤكد أنّ “الهزات التي نسجلها هي بنسبة متوسطة وتترواح بين 3 و5 درجات على مقياس ريختر وفي كل السنوات التي مضت لم يحصل في لبنان سوى هزّة واحدة قوية بلغت 6 درجات وهي في العام 1956”.
من ناحيته، يشير جمعة الى أنّ “آخر زلزال مدمّر حصل في لبنان وسقط بسببه ضحايا كان في العام 1956 وكانت قوته أقل بقليل من الزلزال الأخير الذي حصل في إيطاليا، وكانت قوته 6 درجات وسقط وقتها 130 قتيلا وتهدمت المنازل”.
لبنان ناشط زلزاليا والخطر موجود
ويضيف سرسق أن “الجيولوجيا والتاريخ يؤكدان ان الهزات الكبيرة ممكن أن تحصل والتاريخ يقول انه تقريبا كل 1000 عام هناك هزة كبيرة، ولكن هذا الامر غير دقيق ولا يمكننا ان نقوم باحصاء لأمر نادر جدا لأن الاحصاءات ستكون خاطئة، ولكن على الرغم من ذلك علينا ان نأخذ احتياطتنا ونهتم بالموضوع ونقوم بالتأمينات اللازمة لكي نحافظ على مستقبلنا”.
أمّا جمعة، فيوضح أنّ “المركز يسجل النشاط الزلزالي في لبنان على مدار الساعة بحيث نسجل تقريبا معدلا بنحو 600 هزّة في العام تكون بشكل عام ضعيفة”، ويكشف أن “هناك مناطق زلزالية في لبنان تعرضت لهزات قوية، وآخر هزة قوية شكلت هلعًا عند الناس حصلت في شباط 2008 إذ تسببت بحالات ذعر وبعض التشققات في الابنية في جنوب لبنان في مناطق شرق صور”.
ويشدّد جمعة على أنّ “ما حصل في ايطاليا وارد أن يحصل في لبنان، لأن هزة بقوة 6.2 درجات من الامور التي ممكن ان تحصل وننتظرها”، ويشير الى أنّ “الخطر موجود وعلينا الا نخفف من قيمته”.
لبنان غير مهيّأ لأي زلزال والنتيجة كارثية
سرسق يشدّد على أنّ “لبنان غير قادر على تحمل أي زلزال مدمر ان كان على صعيد البنى التحتية او على الصعيد المادي، فالدولة اللبنانية وشركات التأمين ليس بامكانها أن تعيد إعمار لبنان في الوقت الحاضر، وعلينا ان نعتمد على مساعدات من دول أخرى، والرأي العام دائما يقول اننا تعودنا على الحروب، فالزلازل لن تؤثر علينا، ولكن الحروب الانسان يفتعلها ويمكن ان يضبطها ويتجنبها حتى، ولكن الطبيعة لا تعطي أي إنذار وتضرب فجأة ولا يمكننا ان نتوقع الضربة التي ستأتي”.
ويشير سرسق الى أن “طبيعة لبنان تغيرت جدًا منذ 50 عامًا حتى اليوم، فلبنان الذي كان مليء بالضيع الصغيرة اصبح يتمتع بكثافة سكانية كبيرة جدا، والمدن انتشرت اينما كان، خصوصا على الساحل اللبناني وعدد الابنية ارتفع جدًا، لذلك أي زلزال سيكون كارثيا علينا، والخطر في المدن أكبر بكثير من الخطر في الضيع فالثروة المادية مهددة ولا يمكننا أن نحافظ عليها”.
عمل المركز يقتصر فقط على الرصد
وفي ما يتعلّق بالسلامة العامة وعما اذا كان لبنان مهيّأ للزلازل، يؤكد جمعة أن “عمل المركز هو المشاركة في هذا الأمر، فالمركز يقوم بالرصد والدراسات التابعة له لتحديد الخطر الزلزالي في لبنان، أي المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها وفي أي مناطق ممكن أن تحصل”، ويلفت الى أنّ “هناك بعض الأمور التي نقوم بها في دراساتنا تستخدم من قبل المهندسين لكي يكون البناء مقاوم للزلازل ولكي يقوم التنظيم المدني بأمور تساهم وتساعد على مواجهة الهزات”.
ويضيف أنّ “المركز جاهز للمساعدة ويتواصل مع الدفاع المدني في حال حصل اي شيء، إلا أنّ الامور لا تزال في بدايتها وتحتاج الى عمل وجهد كبير لتطويرها، خصوصا وان العدد قليل للخصائيين في المركز يحد من القدرات العملية، ولكن في امكانياتنا نقدم المستحيل لان الخطر الزلزالي قوي في لبنان ولا يمكننا ان نقول انه خفيف”.
المشاريع البحرية معرضة لخطر التسونامي
وفي ما يخص المشاريع البحرية، يشدد سرسق على أن “تلك المشاريع التي تبنى اليوم على الساحل معرضة لخطر التسونامي ليس بسبب الفوالق الموجودة على شاطئنا بل بسبب الفوالق البعيدة والتي قد تؤثر سلبا علينا من منطقة قبرص واليونان وصقلية، لذلك المنطقة الساحلية في لبنان معرضة لهذا الخطر خصوصا وان كل اللبنانيين يعملون على الساحل وكل ثروتهم على الساحل والاكتظاظ السكاني على الساحل، فهذا الأمر يجب متابعته ويجب دراسة المشاريع التي يتم إنشاؤها اليوم والعمل على وضع التأمينات اللازمة”.
التوعية غائبة
من جهته، يختم جمعة حديثه ويقول: “هناك نقص بالتعاطي في الموضوع عبر وسائل الاعلام بالإضافة الى نقص في التوعية والتحذير لذلك يجب العمل على توعية الناس على هذا الأمر وشرح الوضع القائم لهم”.