Site icon IMLebanon

دول المنطقة وروسيا في إعادة تموضع قبل الإنتخابات الأميركية

 

كتبت ثريا شاهين في صحيفة “المستقبل”:

تشهد المنطقة منذ الأسبوعين الأخيرين حركة إقليمية دولية لافتة بين تركيا وإيران من جهة، والولايات المتحدة وتركيا من جهة أخرى، عبر زيارة نائب الرئيس الاميركي جو بايدن، وقبل ذلك، تحرّك تركي – روسي توّج بالقمة التي انعقدت أخيراً في موسكو.

وتفيد مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، أن العلاقات الثنائية والخيارات في ملفات المنطقة أبرز نقاط البحث في تلك الحركة، بحيث أن مرحلة الاستحقاق الرئاسي الأميركي تستوجب من كل الدول اللاعبة في المنطقة فترة إعادة التموضع وتجميع الأوراق.

ومن بين القضايا التي تطرح في هذه اللقاءات مصير رئيس النظام السوري بشار الأسد، بقاؤه أو رحيله، ومن الجهة التي تقنع الآخرين بوجهة نظرها، وفي أي اتجاه تتم القناعة في ذلك، بحيث أن هذه الأطراف تختلف أساساً على مصيره، الذي لا وقت محدداً لطرحه، بل ان الأمر متعلق بنتائج الاتصالات، وفداحة الموقف على الأرض، واقتناع كل الأطراف بضرورة ايجاد النهاية.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان زار موسكو وسيزور إيران، وكلا البلدين حليفان للنظام في سوريا. والحراك الروسي – التركي من شأنه أن يرتب الجبهة الشمالية في سوريا.

 

لكن تبقى الأسئلة الكبيرة متعلقة بمصير الحسكة وحلب، والى أي مدى يستطيع الأتراك الالتزام بأمور محددة. ان تطورات الوضع في حلب توجز كل شيء، واذا كان هناك من تصعيد في سوريا فسيحصل مجدداً في حلب. واذا كانت هناك تهدئة والحفاظ على موازين القوى فسيتم ذلك عبر مسألة حلب. الجنوب السوري هادئ حالياً، ويبقى الشمال.

في موضوع روسيا، الحجم الروسي في التدخل مهم، إذ إن التوجه الآن، هو أن ترتب موسكو الوضع قدر الامكان وأن تستجمع أوراقها في انتظار الادارة الأميركية الجديدة. ليس هناك من تفاهم محدد بين واشنطن وموسكو، التي ليس لها مصلحة في التصعيد في سوريا، وكل الأطراف باتت مدركة أن الحسم العسكري ليس خياراً صحيحاً. فهل سيلجأ النظام الى التصعيد في مرحلة الاستحقاق الأميركي؟ وهل مسموح له أن يربح، وهل هكذا يريد حلفاؤه؟.

لا شك أن الروس يلعبون دور ايجاد التوازن بين الأطراف على الأرض، بالتزامن مع ترتيب أوراقهم، والادارة الأميركية لن تعمل في سوريا بمعارضة من الروس. فالدول الكبرى لا تؤدي دورها في مدى قصير، إنما في استراتيجية طويلة المدى.

وبالتالي، واشنطن حالياً ليس لديها مانع من استمرار الاهتمام بالملف السوري، إن وجدت معطيات جديدة أو حراكاً جديداً، لكن أولويتها الحاضرة هي الداخل الأميركي والانتخابات، وليس الملف السوري. مواضيع الشؤون الخارجية بعيدة جداً عن أجندات المرشحين الأميركيين للرئاسة باستثناء موضوع الارهاب ومكافحته عموماً. وليس هناك أي فكرة لافتة فيها حول ملفات المنطقة، لكن ذلك لا يعني أن الادارة الجديدة لن تتعامل معها بعد تسلمها السلطة، بل ستتغير الأولويات لاحقاً، إنما الادارة تحتاج الى وقت لانضاج خطتها حول ذلك وطريقة مقاربتها لتلك الملفات.

زيارة بايدن لتركيا، بحثت في نتائج الحراك التركي الأخير. كما أنها تناولت الملفات العالقة بين الجانبين مثل تسليم الولايات المتحدة للمعارض التركي فتح الله غولن، والانزعاج التركي من الدعم الأميركي للحزب الديموقراطي الكردي. الأكراد يهمهم وصل منطقتين لهم نفوذ عليهما في تركيا، وأنقرة لا تريد ذلك. وهناك ملاحظات أميركية للأتراك حول أنهم لا يحاربون “داعش” بشكل كاف، وأن هناك استمرارية لحصول التنظيم على السلاح والأموال. فضلاً عن بحث الوضع السوري، ثم امكانات حصول استئناف للتفاوض الذي دعا اليه الموفد الدولي لحل الأزمة السورية ستيفان دي ميستورا نهاية آب الجاري.

تركيا تبدو محور الحركة الاقليمية الدولية، ويهم رئيسها أولويتين، الحفاظ على النظام، والحؤول دون قيام دولة كردية. هناك مصلحة مشتركة مع ايران في عدم قيام دولة كردية. وهناك تبادل مصالح، والموضوع السوري في مقدمة المباحثات. إنما مصير النظام يبحث بينهما بطريقة غير مباشرة. في كل الأحوال بحث هذا الموضوع قد لا يؤدي حالياً الى نتيجة فورية، والأرجح أنه متروك لما بعد مجيء الادارة الاميركية الجديدة.