لم يكن أحد في لبنان ليتخيّل للحظة أن يتم تنظيم مهرجانات دولية في عاصمة الشمال طرابلس. من كان يظن أن أفقر مدينة على حوض البحر الأبيض المتوسط، أو “قندهار المتوسط” كما كان يحلو لبعض أركان الممانعة أن يصوروها، تستطيع أن تنافس أهم المناطق اللبنانية بإقامة مهرجانات وحفلات فرح؟ إنها المعجزة اللبنانية التي تحققها بصبر وعناد ابنة طرابلس ورئيسة جمعية “طرابلس حياة” السيّدة سليمة أديب ريفي التي تحدثت عن كل شيء لموقع IMLebanon.
وهنا نصّ المقابلة:
بداية ألم تتأخروا على المهرجانات؟ عم نحكي بنص أيلول… هل تسرّعتم؟ وما كان يمكن افضل تنطروا للسنة الجايي؟
أن تأتي مهرجانات طرابلس متأخرة خير من ألا تأتي أبدا والمدينة بحاجة الى فرح خصوصا في فترة عيد الأضحى. العمل بدأ قبل شهرين لكن الأمر يتطلب تحضيرات كثيرة وهناك مجموعة من الشبان والشابات أنشأت جمعية وبدأ كل شخص يطرح أفكاره وتقرر ان يحيي المهرجانات الفنانون راغب علامة وعاصي الحلاني وكاظم الساهر.
ـ ولكن كاظم الساهر أحيا حفلا في بيت الدين وفي اهدن، عاصي الحلاني كان في الأرز وراغب علامة تواجد في اكثر من مهرجان… ألم يُستهلك كل الصيف هؤلاء الفنانون؟
على الرغم من أن هؤلاء الفنانين شاركوا في اكثر من مهرجان هذا الصيف في مختلف المناطق اللبنانية، إلا ان هناك عدداً كبيراً من المواطنين الذين لم تتسن لهم الفرصة لمشاهدتهم، ولذلك سيكون عندهم فرصة لمشاهدتهم في طرابلس.
ـ ما الجديد الذي ستقدمه مهرجانات طرابلس الدولية كي تتميز عن كل المهرجانات بكل لبنان؟ وهل يكفي أن تكون “مهرجانات طرابلس الدولية” حتى تكون مميزة؟
المميز في مهرجانات طرابلس أنها تصادف في عيد الأضحى المبارك وسنظهر لجميع الطرابلسيين أننا نقدم مهرجانات ضخمة، ونسعى الى أن يكون كل العاملين في المهرجانات من أهل المدينة وكل الذين يستفيدون هم من أهل طرابلس، لذلك نقوم بحركة في المدينة من كل النواحي.
الطرابلسيون يحبون الحياة والفرح. ونحن نطلب من كل اللبنانيين ومن المناطق كافة ان يزوروا طرابلس ويشاهدوا المهرجان الذي سننظمه وأن يتعرفوا الى طرابلس وحضارتها ومعالمها وصناعاتها الحرفية وأسواقها. يجب تسليط الضوء على طرابلس من الآن وصاعدا خصوصا ان البعض يصورنا اننا بعيدون عن العالم، فطرابلس مدينة جميلة جدا وهي ثاني أكبر مدينة في لبنان ولا تأخذ حقها اعلاميا أبدا، لا بل بالعكس لا يتم الاضاءة إلا على الأمور السلبية في المدينة. ونحن في “جمعية “طرابلس حياة” نسعى لإظهار حياة طرابلس الحقيقية، ولن تقتصر نشاطاتنا على المهرجانات بل سنعمل في كل الحقول والميادين للمساهمة في إنماء مدينتنا.
-أين أصبحت التحضيرات؟
التحضيرات تجري على قدم وساق وبتنظيم واحتراف، وستنتهي كلها قبل انطلاق المهرجان بأسبوع.الأمور كلها على السكة الصحيحة ومكان اقامة الحفل يتسع لـ2000 شخص والمسرح سيكون مجهزا بكل الامور اللازمة، وسنبدأ بنشر الإعلانات على الطرقات وعبر وسائل التواصل الاجتماعي والمواطنون بدأوا بحجز تذاكرهم.
الحملات ضدنا سياسية ولا أنظر الى الوراء.
ـ من يدعمكم خصوصا أن هناك حملة كبيرة عليكم؟
جمعية “طرابلس حياة” لا علاقة لها بالسياسة ولا تبغى الربح اطلاقا. والحملة التي تستهدفنا سياسية، لان السياسيين يريدون التدخل في كل شيء. نحن في الجمعية قمنا بجولة على جميع سياسيي المدينة من دون استثناء، والجميع رحب جدا بالخطوة وشجعنا عليها، وأنا فكرتي كانت ان تضم هذه الجمعية كل نساء سياسيي المدينة ولكن بعضهن لم يردن ان ينخرطن في هذا الأمر وأحترم رأيهن.
– لماذا كل هذه الحملة على “مهرجانات طرابلس الدولية”؟ ومن يقف وراءها؟
طلبت من الجميع أن ينسوا أنني زوجة أشرف ريفي لأنني اعمل كجمعية “طرابلس حياة”. هذا المهرجان يعود ريعه لتسجيل التلاميذ في المدارس والجامعات لذلك بعد انتهاء المهرجان سنكون شفافين جدا وسنكشف عن المبلغ الذي حققناه من المهرجان. كل شيء جديد في بداياته الجميع يتحدث عنه بالسوء ويهاجمه، ولكن أنا قررت ان أمشي وأنظر الى الأمام وألا انظر خلفي، لذلك هذه الأمور لم ولن تؤثر بي، والذي ينتقد اليوم هو نفسه الذي كان ينتقد ويسأل لماذا ليس هناك مهرجانات في طرابلس؟ أما اليوم فنسعى الى تنظيم مهرجانات وها هم نفسهم يسألون السؤال نفسه ولكن بطريقة معاكسة، ودائما هناك من يسعى ان يعرقل الأمور.
– فلنبدأ من السياسة: هل أخطأتم باختيار فنانين يُعتبرون من لون سياسي وحتى مذهبي واحد؟ وما علاقة الفن بالسياسة؟ وهل مثلا في الأرز تؤيد النائب ستريدا جعجع بشار الأسد لتستضيف عاصي الحلاني؟
جميع السياسيين رحبوا بخطوتنا، والبعض منهم قدم المساعدات المادية والبعض قدم المساعدات وطلب عدم الاعلان عن اسمه وتحدثنا وتواصلنا مع الجميع، وهذا المهرجان لا علاقة له بالسياسة ولن يكون هناك كلمة لأشرف ريفي. وفي جمعيتنا أشخاص من اتجاهات سياسية مختلفة وحتى ليسوا من اللون المذهبي نفسه، ونحن نسعى الى جلب الفنّ الى المدينة لتنتعش فنيا وثقافيا واقتصاديا”.
أن “طرابلس حياة” عمرها شهر، وتنظم مهرجانات بهذه الضخامة.
– ـ لماذا لم تختاروا فنانين مثل ابن المدينة وليد توفيق أو فنانين آخرين؟ وأساسا هل كانت هناك أي خلفية مذهبية عندما كنتم تختارون أسماء الفنانين؟ وهل سليمة ريفي و أشرف ريفي يفكران بهذه الطريقة؟
“طرابلس حياة” لم تقف هنا بل سيكون هناك دور للطرابلسيين وسنلقي الضوء على الفن في طرابلس، مثل الحكاواتي والفتلة المولوية والفنانين الذين هم من طرابلس سيغنون وسنقيم حفلات في القلعة وفي الأسواق الداخلية، وسنقوم بكل مناسبة حفلات عدة وسنعيد الحياة لطرابلس.
نحن في الجمعية لم نختر الفنانين، بل إن الأستاذ ميشال حايك من شركة “Double 8” عرض علينا أسماء فنانين وبدأنا بالتصويت، والأسماء الثلاثة تم اختيارهم لأنهم نالوا اعلى نسبة من التصويت من قبل الجمعية.
وهذا الأمر لا يقف هنا لأن العام المقبل سيكون هناك ثلاثة فنانين آخرين، وفي العام المقبل سيسألون السؤال نفسه، فإذا كان الفنان مسيحي سيطرحون الأسئلة نفسها، وتجدر الاشارة الى أن هؤلاء الفنانين ليسوا من لون مذهبي واحد، ونحن لا نسأل عن مذهب اي شخص وأنا منذ صغري تربيت في مدرسة راهبات اللعازارية وكنت أشارك في صفوف التربية المسيحية، وهذه الاتهامات سياسية، وحين اتفقنا على فنانين لم نفكر للحظة بخلفيتهم المذهبية.
مصرون على إظهار حضارتنا وطرابلس تتقبل الآخر.
-هناك جانب آخر من الاعتراض ياخد طابعا إسلاميا، تقف خلفه بشكل اساسي الجماعة الاسلامية التي لم تنف أنها تحرّض ضد المهرجانات، ولكن لا تلزم أحدا بموقفها. كيف ستوفقون بين “طرابلس قلعة المسلمين” وبين الحفلات التي يصرّ البعض على أنها تناقض الدين الإسلامي كالغناء والرقص؟ ألا تخاطرون هكذا بأن تظهروا ضد المزاج الشعبي؟
نحن لا نقوم بأي أمر معيب او اي شيء محرّم وكل انسان في منزله يشاهد التلفزيون والاغاني. نحن نكنّ كل المحبة والاحترام للجماعة الاسلامية، ولكن لا يمكن لأي شخص ان يفرض رأيه على الآخرين. نحن نعيش في المدينة حيث يتواجد المسلم والمسيحي، وفي عيد الميلاد أضأنا شجرة العيد وأظهرنا ان طرابلس حضارية وتقبل الآخر. لكل انسان رأيه في الحياة ونحن لم نختر راقصات وفرقا خلاعية بل اخترنا ثلاثة فنانين وهذا الأمر لا يناقض الدين بل يساعد اقتصاد المنطقة.
-قلتم أن مردود المهرجانات سيكون لمكافحة التسرّب المدرسي بين أطفال طرابلس. كيف ستترجمون ذلك؟ ومن سيشرف على الأمر؟
نحن نتعامل في منتهى الشفافية والحساب الخاص للجمعية يديره ثلاثة أشخاص. وكل الأموال التي تأتي من قبل المساهمين توضع في حساب واحد، وهذا الحساب سيصرف على التنظيم وعلى الفنانين والأموال التي تبقى من ريع الحفلة سنعلن عنها وسنقوم باعطائها للتلاميذ لمساعدتهم على الدخول الى المدارس.
-ألا يحق للفقراء في طرابلس أن يحضروا حفلات؟ الا تعتبر أسعار البطاقات من 50 دولار الى 200 دولار مرتفعة بالنسبة الى أهل طرابلس؟
لم نقم بمهرجان مجاني لأننا نسعى الى الربح من خلاله. والأموال التي سنجنيها سنقدمها للمحتاجين والفقراء لكي يدخلوا الى المدارس خصوصا وان العلم هو الأساس، ولا تنسوا أنه اذا تركنا الفقراء فسيلتحقون بـ”داعش” والجماعات المتطرفة بأعمار صغيرة جدا، لذلك مفروض علينا ان نساعدهم لكي يتعلموا، ونسعى الى جمع المال لمساعدتهم كي لا يذهبوا الى “داعش” وحمل السلاح”.
– على من تتكلون لبيع كل البطاقات؟ هل هو الجمهور الشمالي فقط؟ أم أنكم تنتظرون جمهورا من كل لبنان؟ وهل تتوقعين حضور سواح أو لبنانيين مغتربين؟
اخترنا إقامة المهرجانات في عيد الأضحى لان هناك عدداً كبيراً من المواطنين الذين يحتفلون بالعيد مع عائلاتهم. اخترنا شهر أيلول لأن الحرارة تكون قد انخفضت قليلا والطقس يكون أجمل، بالإضافة الى عودة المغتربين تزامنا مع عيد الأضحى، وفضلا عن قرب عودة المدارس ما يعني أن كل الذين يصيّفون في الجبال يعودون الى الساحل.
أشرف ريفي لا يتدخل وزرت جميع السياسيين
– سمعنا أن المهرجانات ستشكل البداية فقط وأن ثمة مشاريع أخرى تحضرونها لطرابلس. الى أين ترغبون بنقل طرابلس؟
نريد نقل طرابلس الى أجواء من البهجة والفرح ونريد ان ننتقل من صوت الرصاص الى صوت الفرح لاننا عانينا كثيرا من صوت الرصاص والمدينة ظُلمت لمدة عامين، فطرابلس تحب الحياة.
– ما هو دور البلدية في المهرجانات؟ هل هي داعمة أم معارضة أم تقف على الحياد؟
لا دور لبلدية طرابلس في هذه المهرجانات، ونعلم أن كل البلديات في كل المناطق اللبنانية عادة تدعم المهرجانات ولكن هناك من حاول اعتراضنا لان الجمعية فيها زوجة أشرف ريفي وزوجة رئيس البلدية أحمد قمر الدين، وبدأوا بمواجهتنا لكي لا نحصل على دعم من البلدية. نحن لا ننتظر اي دعم من أحد لانه “عندنا ما يكفينا” لكي نقوم بالمهرجان، والبلدية مجبرة ان تدعم السياحة لكي تشجع المهرجانات.
– من الواضح أن ثمة كباشا في طرابلس بين من يريد طرابلس منغلقة ومتطرفة وتنبذ الحياة وبين من يريدها للحياة يعني “طرابلس حياة”. مين سينتصر برأيك؟
كلنا نريد الحياة لطرابلس، والحياة ستنتصر ولا احد يريد ان نرجع الى الوراء.العيش المشترك موجود والمسيحيون موجودون في المدينة، وكلنا نسعى الى إظهار الحياة في طرابلس.
– بماذا يدعمك أشرف ريفي؟ وهل تعتمدين على أنك زوجته لتتأكدي من نجاح المهرجانات؟
أشرف ريفي لا يتدخل لا من قريب ولا من بعيد في المهرجانات. ولكني لو لم أكن على علم مسبق أن ورائي جبلا أستند عليه وهو أشرف ريفي لما كنت إنطلقت بالمشروع. لكنني أعود وأكرر أن لا علاقة لهذا المهرجان بالسياسة لا من قريب ولا من بعيد. وأنا زرت جميع السياسيين من دون استثناء وعرضت عليهم المشروع تماما كما عرضته على أشرف ريفي.
نحن في جمعية “طرابلس حياة” وضعنا هدفا أمامنا وسعينا لكي نصل اليه، وهو إقامة مهرجانات في طرابلس. ونحن شعرنا بحزن عندما بدأ الجميع يسألنا أين مهرجانات طرابلس؟ لذلك وضعنا الهدف امام أعيننا ولن ننظر الى الخلف.
– أي نداء توجهينه اليوم لأهل طرابلس الذين يتعرضون لكم من الدس والشائعات؟
ننتظركم في “مهرجانات طرابلس الدولية”. لا تخافوا من أي شيء فالقوى الأمنية ستكون حاضرة، وقمنا بدعوة الجيش والأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة ونأمل ان يشارك قادة هذه الأجهزة الأربعة في هذه المهرجانات، والأمن سيكون مستتبا جدا وكل من سيحضر سيرى أن المهرجانات ستكون ذات نوعية”.