كان يأمل المبعوث الاممي الخاص الى سوريا ستيفان دي مستورا باستئناف المفاوضات بين طرفي النزاع أواخر آب الجاري، الا ان تفاوت الاولويات بين الولايات المتحدة وروسيا، عرابي الحل السوري المفترض، وإخفاقهما في التوصل الى خريطة طريق مشتركة تنعش قرار وقف الاعمال القتالية في الميدان وتعيد المتحاربين الى الطاولة، خصوصا في أعقاب التدخل العسكري التركي في الشمال السوري الذي زاد المشهد ليس فقط في سوريا انما في المنطقة كلها تعقيدا، طيّرا الموعد المفترض وبدّدا الآمال القليلة المتبقية لدى البعض، بامكانية إطلاق عجلات التسوية السورية قريبا.
مصادر ديبلوماسية متابعة لمسار الازمة السورية تقول لـ”المركزية” إن التطورات الميدانية التي سجلت في الاونة الاخيرة وخصوصا تلك التي تشهدها حلب وداريا والحسكة ومنبج وجرابلس، وانطلاق عمليات “درع الفرات” التركية في الشمال السوري، معطوفة على الارباك السياسي – الدبلوماسي لا سيما الاميركي – الروسي الذي تجلى في اجتماع وزيري خارجيتي البلدين جون كيري وسيرغي لافروف الاخير في جنيف، وانعدام القراءة المشتركة لدى الجانبين للمستجدات السورية لا بل تضاربها في معظم الاحيان، وسط ضبابية ما زالت تشوب معالم الحل الذي يُفترض ان يعملا معا لارسائه، كلّها عوامل توحي بأن قطار التسوية السورية لن يوضع على السكة في المدى المنظور.
وتذهب المصادر أبعد، فترجّح أن تكون معالجة بؤر التوتر في المنطقة عُلقت الى ما بعد الانتخابات الرئاسية الاميركية المقررة في تشرين الثاني المقبل. فالجانب الروسي وفق المصادر، يرى أنه لن يكون قادرا على انتزاع مكاسب اضافية تعزز دوره في المنطقة من إدارة الرئيس باراك أوباما، بينما يعتبر أن الادارة الاميركية الجديدة وخصوصا اذا ما كانت برئاسة المرشح الديموقراطي دونالد ترامب قد تؤمن له “ديل” أكثر ربحا.
في الاطار عينه، تشير المصادر الى ان الدول الخليجية تنتظر بدورها الانتخابات الاميركية ونتائجها، وقد بطّأت الى حد كبير وتيرة تفاعلها مع المسؤولين الاميركيين في شأن أزمات المنطقة، على اعتبار ان الادارة الجديدة قد تضع تصورا آخر للحلول، لعلّها تكون أقل انحيازا للجانب الايراني الذي أبرمت معه واشنطن اتفاقا نوويا، “أزعج” الدول الخليجية على حد تعبير المصادر التي تلفت في المقابل الى ان طهران أيضا باتت عينها على مسار الاستحقاق الاميركي.
وعليه، تتوقع المصادر ان تراوح ملفات المنطقة مكانها حتى جلاء الصورة في واشنطن وتستبعد إحداث أي خرق خصوصا على الصعيد السوري، قبل اتضاح معالم الادارة الاميركية الجديدة. هذا الجمود سينسحب أيضا على الأزمة السياسية اللبنانية عموما والرئاسية خصوصا نظرا الى ارتباط قوى محلية فاعلة بجهات اقليمية. واذ تؤكد ان الستاتيكو اللبناني السلبي سيبقى مضبوطا تحت سقف الاستقرار الامني الذي يتمسك به المجتمع الدولي، تدعو المصادر الى ترقب جملة محطات محلية قد تساهم في بلورة مخرج لبناني للازمة اذا توافر القرار بلبننة الحل، ومنها مواقف رئيس المجلس النيابي نبيه بري غدا في ذكرى تغييب الامام موسى الصدر، وجلسة الحوار الوطني في 5 أيلول المقبل، كما العودة المرجحة للرئيس سعد الحريري الى بيروت أوائل أيلول أيضا، والتي يفترض ان تحرك المياه الراكدة في المستنقع الرئاسي، فهل يتوصل ورئيس المجلس الى اتفاق ما يسهّل الانتخاب، وينضم “حزب الله” الى هذا التفاهم خصوصا اذا لمس ان التسوية المقبلة الى المنطقة قد تأتي على حسابه”؟ الاجوبة على هذه الاسئلة ستحملها الايام المقبلة، تختم المصادر.