لا تزال مسألة الاراضي والأملاك الخاصة تتفاعل بشكل خطير بعد قرارات ومذكرات “مشبوهة” في لبنان، خصوصا واننا نعيش في جمهورية ممهورة بختم مذهبي وطائفي وتعيش على وطأة هواجس جغرافية وديمغرافية. ولعل المذكرة الجديدة لوزير المال علي حسن خليل اعادت هذا الملف الى الجدل بقوة ما يطرح تساؤلات عدة.
فالمذكرة التي أصدرها وزير المال والتي تقضي بشطب ملكية القرى اللبنانية والمشاعات وتحويلها إلى الجمهورية اللبنانية أثارت بلبلة واسعة وجدلا كبيرا بشأن خلفيتها وعما اذا هناك اسباب سياسية وراءها خصوصاً في ظل ما ينشر عن مخططات حزبية للسيطرة على الاراضي في لبنان تمهيدا لفرض امر واقع.
فما هو مدى قانونية المذكرة وما هي خلفياتها ولمَ الحديث فقط عن المناطق المسيحية على الرغم من ان المذكرة تتضمن كل الأراضي اللبنانية؟ الاكيد ان الخلفية السياسية للوزير تطرح علامات استفهام كبيرة بشأن تلك المذكرة فماذا يقول سياسيون ومعنيون بالملف؟
سعيد: يريدون إخضاع جرود جبل لبنان لمن يتحكم بالجمهورية
منسق الأمانة العامة لقوى “14 آذار” فارس سعيد يشدد في حديث لـIMlebanon على أن “مذكرة خليل فيها مخالفة قانونية كبرى اسمها نقل ملكية من “الياس الى حنّا” بموجب مذكرة إدارية وليس بموجب قانون خصوصا أن نقل الملكية يتطلب قانونا وتعويض”، ويضيف ان “استملاك الأرض يتطلب قانونا وان يتم دفع المال مقابل هذا الاستملاك والملكيات الموجودة في جبل لبنان هي ملكيات تخص ابناء بلدات جبل لبنان وليست بإسم الجمهورية اللبنانية ونقلها من ملكية ابناء البلدات الى الجمهورية يتطلب قانونا يصدر من مجلس النواب وليس مذكرة ادارية تصدر عن وزير المال وهنا تقع مخالفة كبيرة”. ويشير سعيد الى أنه بسبب “أن المخالفة كبيرة ولأن الوزير يدرك ما يفعل وبالتالي يفسح بالمجال بأن نظن أن وراء هذه المخالفة القانونية هناك خلفية سياسية وهي اخضاع جرود جبل لبنان الى من يتحكم بالجمهورية اللبنانية وليس الى القانون لأن وضع هذه الملكيات باسم الجمهورية اللبناني يعني وضعها بإسم من يتحكم بهذه الجمهورية”.
أين نواب كسروان وجبيل؟
ويتابع سعيد: “المطلوب بالتحديد في جبيل وكسروان أن هناك 8 نواب على رأسهم ميشال عون لم نسمعهم قاموا بزيارة وزير المال ليستوضحوا منه الأمر ولم نسمعهم يطالبون بتوقيف هذه المذكرة لانهم مرتبطين بموضوع الأصوات والاستحقاقات الانتخابية، لذلك نطالبهم وعلى رأسهم ميشال عون لأن نواب جبيل وكسوران هم في كتله منذ العام 2005”. ويشدد على أنه “من المشبوه جدا ألا يطالب هؤلاء النواب الذين يدعون المحافظة على الميثاق والعيش المشترك الحفاظ على هوية هذه المنطقة لانه بين الاعتداءات على اراضي الاهالي والكنيسة في لاسا وبين مذكرة علي حسن خليل تسقط هوية جرد جبل لبنان الشمالي”.
ويتابع سعيد : “لن نرضى بأن يتم تمرير هذا الأمر إن تحرك عون او لم يتحرك، وان تحرك النواب او لم يتحركوا، لن نرضى إلىا بالرجوع عن هذه المذكرة لان هناك مخالفة قانونية وخلفية سياسية مشبوهة، وسنتحرك بكل ما اعطانا القانون من امكانية بالتحرك وبدأ التحرك من خلال مراجعة قدمها المحامي غابي جرمانوس أمام مجلس شورى الدولة لابطال مذكرة وزير المال”.
سعيد يعتبر ان “المذكرة تدخل في نطاق الربع الساعة الاخير إذ يحاول “حزب الله” فرض واقع عقاري، دستوري، سياسي، أمني وعسكري في لبنان لانه في حال انكسر في سوريا سيعوض في لبنان، والمسألة ليست مسيحية فقط بل قصة عامة ومخالفة القانون موضوع وطني وليس موضوع مسيحي فقط”.
سيمون أبي رميا.. لا للاتهامات المسبقة
اما النائب عن قضاء جبيل في تكتل التغيير والاصلاح سيمون أبي رميا فيكشف في حديث لـIMlebanon أنه “سيلتقي وزر المال علي حسن خليل هذا الأسبوع ليستوضح منه الأمور وعلى أساس هذا اللقاء يمكن ان يبني موقفه من الموضوع”، ويؤكد أنه “لن يدخل في اتهامات مسبقة او على أساس نيات”. ويشدد أبي رميا على أن “اهدافنا الأساسية هي حماية مصالح أهالي العاقورة بالتحديد بعيدا عن اي تجاذب سياسي”.
ماروني سيتحرك
النائب إيلي ماروني اكد من جهته في حديث لـIMlebanon أنه “سيقوم بزيارات في قضاء كسروان لمرجعيات دينية وبالتالي سيبحث معهم هذا الموضوع لكي يتأكد ماذا يتناول لان المذكرة تتحدث عن كل لبنان وكل الاراضي اللبنانية”.
مروان شربل: الفصل للقضاء
لكن وزير الداخلية السابق مروان شربل يؤكد في حديث لـIMlebanon أن “بكل قرى لبنان هناك أملاك عامة تابعة للدولة من الشمال الى الجنوب وفي بعلبك والهرمل وجبل لبنان يبني عليها المواطنون ابنية ومنازل خصوصا في ظل الحرب اللبنانية، واليوم اذا هناك اثباتات ان هذه الاملاك حتى من أيام العثمانيين انها خاصة او أميرية او تخص البلدية او الدولة طبعا يعود للقضاء اللبناني البت بالموضوع تماما مثل موضوع لاسا”، ويشدد على أن “اي نزاع موجود يبت به القضاء اللبناني بين الدولة والمواطنين، لذلك على المواطنين ألا يخافوا لأنه إذا كان الحق معهم فالبطبع ستظهر الحقيقة”.
ويشير شربل الى أن “وزير المال علي حسن خليل يحترم القوانين والأنظمة، وعندما كان من وزيرا للمال في عهد سابق أثيرت القضية نفسها في الجنوب بعدما توافرت معلومات ان ابناء الجنوب بنوا ابنية في أملاك تابعة للدولة وعلى القضاء ان يتحرك في هذا الموضوع ويفصل في النزاع”.
وفي ما يخص تحويل الأراضي للجمهورية اللبنانية، يوضح شربل أن “تلك الأراضي تصبح في تصرف الدولة اللبنانية وهي التي تقرر وتصدر مراسيم وتبيعها لمن تريد او لاستخدامها من قبل اشخاص لفترة معينة”. ويضيف شربل: “سواء كانت نية الوزير سيئة او جيدة فالقضاء اللبناني هو الذي يبت في الموضوع، وعلمت ان الأهالي يملكون اثباتات قانونية من عهد العثمانيين واثباتات بالوراثة لذلك على القضاء ان يتحرك، والمشكلة نفسها قائمة على وزير المال في الجنوب وهناك اشخاص رفعوا دعوى قضائية ضد الدولة اللبنانية، ولا احد يقبل ان تأكل الدولة حقه ان كان تحت شعار مذهبي او طائفي ويجب الا نركض دائما الى الاتهامات والاسباب الطائفية لذلك على القضاء ان يتحرك ويحسم الأمر”.
تجدر الاشارة الى اننا حاولنا ايضاً الاتصال بأكثر من نائب ووزير إلا أنهم رفضوا الحديث عن الموضوع “لأن لا علم لهم به ولم يتابعوه”.