طرأت على الملف السوري منذ تعليق مفاوضات جنيف منتصف نيسان الماضي، تطورات ميدانية وسياسية أبرزها اطلاق تركيا عمليات “درع الفرات” شمالي سوريا، أفرزت وفق ما تقول مصادر دبلوماسية غربية لـ”المركزية”، ثلاث حقائق على صعيد الأزمة السورية، بات من الصعب أن يتخطاها الباحثون، بصعوبة، عن التسوية المنشودة.
أولى هذه الحقائق، إجهاض الحلم الكردي بانشاء كيان مستقل يجمع أكراد سوريا والعراق وتركيا وايران، وذلك بضوء أخضر دولي – اقليمي، حيث التقت روسيا والولايات المتحدة وتركيا وايران وسوريا، كلّ لاعتباراتها الخاصة، عند نقطة رفض انشاء الدولة الكردية، ذلك انها قد توقظ رغبة مجموعات مذهبية واثنية أخرى في المنطقة ومنها الشيعية والعلوية، باقامة كياناتها الخاصة، ما يزيد الحلول المفترضة تعقيدا.
الحقيقة الثانية، تتابع المصادر، تتمثل في ان تركيا باتت لاعبا أساسيا في المنطقة. فتوغّلها البري في سوريا الهدف منه فرض واقع جديد في الشمال وربما فرض حظر جوي فوق المنطقة تلك، الواقعة على حدودها، قد يُنقل النازحون السوريون اليها.
وهنا، لا تستبعد المصادر ان تكون واشنطن سهّلت الخطوة العسكرية التركية التي حوّلت أنقرة، بما تمثله من ثقل سني، شريكا أساسيا على الارض، وبات دورها ينافس أو أقلّه يخلق توازنا مع الدور الذي تلعبه روسيا وايران في سوريا اليوم، ما يعني وفق المصادر ان موسكو وطهران، وإن كان يجمعهما “حلف” مع تركيا، ما عادتا تتحكمان بمفردهما بدفة الامور في الميدان السوري وبات لهما شريك وازن، وهو ما يفسّر اعلان الخارجية الايرانية اليوم “ان على تركيا وقف عملياتها فورا في سوريا لانها تدفع الى القلق وتعقّد الامور في المنطقة العربية”.
أما الحقيقة الثالثة، فتكمن في أن رحيل الرئيس السوري بشار الاسد لم يعد شرطا لاطلاق المرحلة الانتقالية. غير ان المصادر تقرّ ان هذه النقطة لم يتأمن لها بعد الاجماع المطلوب ولا تزال موضع خلاف أميركي – روسي وخليجي – روسي. فموسكو تحاول تسويق طرح يقضي بأن يكون الاسد حاضرا في المرحلة الانتقالية، خصوصا انه طرف في الازمة القائمة، على الا يكون شريكا في الحل النهائي وفي مستقبل سوريا، الا ان أي تقدّم على هذا الصعيد، لم يسجّل بعد، وتبدو الدول الخليجية كما واشنطن حتى الساعة، متمسكة بمطلب رحيل الاسد.
في غضون ذلك، تؤكد المصادر أن الملف السوري بتشعباته وتعقيداته سيكون الطبق الاساس في سلسلة لقاءات ستعقد على هامش اجتماعات قمة مجموعة العشرين في الصين وأهمها، بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والاميركي باراك اوباما، وبين الاخير والرئيس التركي رجب طيب اردوغان، اضافة الى اجتماعات ستضم بوتين السبت والاحد المقبلين، مع كل من ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ورؤساء تركيا اردوغان، ومصر عبد الفتاح السيسي. كما يزمع بوتين عقد لقاءين مع نظيره الفرنسي فرنسوا هولاند والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. واذ تدعو الى ترقب ما سيتمخض عن هذه اللقاءات في ما يخص الازمة السورية، وما اذا كانت ستفلح في دفع مساعي وقف اطلاق النار وإعادة طرفي النزاع الى طاولة المفاوضات، قدما، تعرب المصادر عن تخوفها من أن تكون معالجة النزاعات في المنطقة، علّقت راهنا، ولن تتحرك الا بعد الانتخابات الرئاسية الاميركية المقررة في تشرين الثاني المقبل واتضاح صورة وهوية الادارة الاميركية الجديدة.