IMLebanon

“حزب الله”.. تمسّك بالفراغ لا بعون

nasrallah-july-2016

كتبت ربى كبّارة في صحيفة “المستقبل”:

فعليّاً لا يحبّذ “حزب الله” ملء الشغور الرئاسي المتواصل منذ عامين ونصف العام، فهو يوحي بأنه يسعى الى ايصال النائب ميشال عون الى سدة الرئاسة الاولى عبر عملية تعيين، يرفضها مبدئياً المتمسكون بالمبادئ والأسس الدستورية. كما أنه لا يبذل عمليّاً جهداً واضحاً لعبور محطة التعيين، فيكتفي بسلوك كلامي ولا ينتقل الى مستوى العمل عبر حشد حلفائه، على الاقل، للاصطفاف خلفه.

ولو كان يريد فعلياً فرض التعيين لكان شارك في جلسة الانتخاب المقبلة التي يصوّت فيها حزب “القوات اللبنانية” لمصلحة عون، ولكان أقنع النائب سليمان فرنجية بالانسحاب والرئيس نبيه بري بالاقتراع لعون، طالما أن النصاب المطلوب كما الميثاقية، أي حضور ثلثي أعضاء المجلس، مؤمن مع تأكيد تيار “المستقبل” وسائر قوى 14 آذار الحضور، على غرار الجلسات الـ 43 السابقة.

فدعم عون يقتصر، حتى الآن، على تصريحات كلامية او على ما يسميه الحزب “مبادرات” لا تسمن ولا تغني من جوع. فتلويح أمينه العام السيد حسن نصر الله باحتمال فتح الباب أمام سعد الرئيس الحريري لرئاسة الحكومة بعد انتخابه عون هو “منّة” مرفوضة كما وصفها وزير الداخلية نهاد المشنوق، خصوصاً وأن الاختيار يعود حصراً للنواب عبر استشارات ملزمة وفق الدستور. ويذّكر سياسي سيادي متابع بالمحطات التي تخلى فيها “حزب الله” عن عون، سواء عندما شارك وزراؤه في آخر جلسة حكومية، او عندما لم يسانده سابقاً في رفض التمديد للبرلمان، او مؤخراً في رفض التمديد لقائد الجيش.

ويلفت المصدر الى تزامن التصعيد بين “حزب الله” وتيار “المستقبل” مع تصعيد التيار “الوطني الحر” في وجه الحكومة، باعتباره “دليلاً على قناعة مستجدة لدى عون بأن مسيرة وصوله الى بعبدا باتت أمام طريق مسدود”، خصوصاً بعد أن نشر تياره موجة تفاؤل واسعة بأن الامر سيتم خلال شهر آب الذي انقضى امس.

وكلا التصعيدين بنظره دليل على أن المأزق يتعمق والارباك يتفاقم، خصوصاً وأن ملامح تسوية سورية بدأت ترتسم، مع التحول التركي الذي يصب في خدمة ما يسعى اليه وزيرا خارجية أميركا وروسيا جون كيري وسيرغي لافروف، ومع متغيرات الشمال السوري التي لا بد وأن تمهد الطريق حين يحين الاوان لوصول رئيس “توافقي جامع”.

فقد تفاقمت الاتهامات بالتعطيل بين “حزب الله” وتيار “المستقبل” رغم وضوح “المعطل” وبؤس ادعاءات الحزب بأن فشل التيار في الموافقة على وضع اسم عون في صندوقة الاقتراع سببه انقسام داخلي. ووصل الامر الى حدّ قول نائب عن “حزب الله”: “مبتلون في لبنان بحزب المستقبل”، ورد تيار “المستقبل” بأن “لبنان ابتلى بشعبه بحزب السلاح وحزب القمصان السود (…) الذي يحاول تغيير نظامنا الديموقراطي وعيشنا المشترك بقوة القهر”. بل يرى المصدر في تصعيد “حزب الله”، “هروباً من الاحراج مع عون”، وهو ما قد يضاف الى الارباك في بيئته من حجم خسائره البشرية في سوريا، او مما سيواجهه مع المصرف المركزي عند صدور لائحة عقوبات مالية جديدة ضده متوقعة هذا الشهر، ولو أنه نجح في استيعاب تداعيات اللائحة الاولى بعد توترات شملت تفجير عبوة ناسفة على أبواب أحد المصارف في بيروت.

كذلك، تفاقم هجوم التيار العوني على الحكومة مع ما يحتمله ذلك من تعقيدات قد تطاول مصير آخر المؤسسات الدستورية شبه العاملة لأن البرلمان يعاني حالة شلل، خصوصاً مع اعلانه أنه سيطرح المراسيم الحكومية التي صدرت في غيابه على مجلس الشورى، وتلويحه حتى بالاستقالة. كما يهدّد ذلك مصير الحوار الوطني الذي يجمع، وإن من دون نتيجة ملموسة، المتخاصمين حول طاولة واحدة، خصوصاً مع تلويحه باستخدام الشارع كوسيلة ضغط تحول دون التمديد لقائد الجيش، وهو الموضوع الذي فجر عمليّاً خلافه مع الحكومة.