Site icon IMLebanon

“أصداء كبيرة” للعبوة الصغيرة على مدخل زحلة

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: تركتْ العبوة الصغيرة التي انفجرتْ أمس، عند مستديرة كسارة – زحلة (البقاع اللبناني) وحصدتْ قتيلة (سوريّة) و11 جريحاً أصداء كبيرة في المشهد اللبناني بعدما شكّلت “جرس إنذار” لكل القوى السياسية التي تلعب على “حافة الهاوية” في مقاربة المأزق الرئاسي المستمرّ منذ 27 شهراً والذي يولّد أزمات دستورية واقتصادية وبيئية ومالية، فيما البلاد تسير على “حبل مشدود” أمنياً يشي أيّ انقطاعٍ له بسقوطها في قلب “بحر الدم” الذي يسيل في أكثر من بقعة في المنطقة.

وفيما كانت بيروت تعيش ما يشبه “الخواء” السياسي في ظلّ دوران الجميع في “حلقة مفرغة” في سياق البحث عن مخارج للملف الرئاسي الذي أخذ حكومة الرئيس تمام سلام “رهينة”، ومن خلف “جبال النفايات” التي عادت تتراكم في شوارع المتن وكسروان وبعض مناطق بيروت مستعيدة فصولاً من حكاية “ابريق زيت القمامة” التي شغلتْ لبنان على مدى أشهر طويلة ابتداء من تموز 2015، أطلّ الهاجس الأمني بـ “رأسه” مجدداً قارِعاً ناقوس الخطر بوجه كل الأفرقاء الذين سلّموا بضبْط الاستحقاق الرئاسي بالكامل على إيقاع التحولات في المنطقة ومسارات صراع النفوذ الكبير فيها بين قوى التأثير في الواقع اللبناني.

وما جعل التفجير الذي وقع بعيد الواحدة من بعد ظهر امس بعبوة (زنة أقلّ من 5 كيلوغرامات) زُرعت في حوض ورود عند دوار كسارة – زحلة، يكتسب أبعاداً مهمّة أنه وُضع في سياق أمني ذات امتدادات سياسية في اتجاهيْن:

* الاوّل عبّرت عنه مسارعة تقارير إعلامية الى التعاطي معه على انه في سياق استهداف المهرجان الحاشد الذي أقامته حركة “امل” عصر امس في منطقة صور الجنوبية في الذكرى 38 لتغييب مؤسسها الإمام موسى الصدر.

وفيما أشارت تقارير الى ان العبوة استهدفت باصات تقلّ مناصرين لـ “أمل” كانوا متجهين من البقاع الشمالي الى صور عبر هذه الطريق الرئيسية التي تربط بعلبك بزحلة وشتورا وصولاً الى بيروت، برز حرصٌ من الحركة بلسان المسؤول التنظيمي لاقليم البقاع فيها مصطفى الفوعاني على نفي ان يكون الانفجار استهدف موكباً لـ “امل”، مؤكداً “ان المواكب المشاركة في مهرجان صور انطلقت منذ الصباح وتُواصل مسيرها ويكاد يكتمل وصولها”.

وبالرغم من هذا النفي فقد طغى التفجير على مهرجان صور الذي اقيم وسط إجراءات أمنية استثنائية خشية اي عمليات إرهابية، قبل ان يطلّ رئيس البرلمان نبيه بري منطلقاً من حدَث التفجير ومقارباً الأزمة السياسية – الدستورية، متمسكاً بمبادرته للخروج منها وفق حل “السلّة المتكاملة” الذي يقوم على انتخاب رئيس من ضمن تفاهم شامل على قانون الانتخاب والحكومة الجديدة بكل تفاصيلها من رئاستها الى الحصص فيها وبيانها الوزاري وعناوين أخرى، ومتفادياً في الوقت نفسه “سكْب الزيت على نار” حال الاعتراض من فريق العماد ميشال عون على مسار التمديد للقادة العسكريين والذي دفعه الى مقاطعة الجلسة الأخيرة للحكومة ملوّحاً بالطعن بالمراسيم التي صدرت فيها، وذلك في سياق رفْع مستوى الحصار عليها من دون بلوغ حدّ الاستقالة منها في المرحلة الراهنة تفادياً لـ “ان ينقلب السحر على الساحر” في المعركة الرئاسية التي يخوضها عون على قاعدة “كل شيء او لا شيء” والاستمرار فيها وعدم الانسحاب منها الا “شهيدا شهيدا”.

* أما الاتجاه الثاني الذي وُضع تفجير زحلة في سياقه، فهو الواقع السياسي المأزوم، وسط خشية أوساط متابعة من ان تكون عبوة يوم امس “رسالة” تؤشر الى بدء تسخين أمني يلاقي مرحلة التوتير السياسي الذي وضع الحكومة على محكّ “الصمود”، وذلك في إطار زيادة منسوب الضغط لاستيلاد حلّ للأزمة الرئاسية وفق شروطٍ صارت واضحة لفريق “8 آذار” ولا تسلّم بها حتى الساعة قوى “14 آذار” وتحديداً تيار “المستقبل” بقيادة الرئيس سعد الحريري، وأبرزها وصول العماد عون الى الرئاسة، الى جانب تفاصيل عدة ذات صلة بمرحلة ما بعد الانتخابات الرئاسية.

والأكيد بعد تفجير زحلة ان الواقع اللبناني دخل مرحلة أشدّ خطورة ولا سيما ان عودة شبح التفجيرات التي ارتبطت في الأعوام الثلاثة الاخيرة بانخراط “حزب الله” العسكري في الحرب السورية، تترافق مع ارتفاع وتيرة التوتّر بين “حزب الله” و”المستقبل”، مع ما يعنيه ذلك من امكان ان يفضي اي عمل إرهابي خصوصاً في منطقة متداخلة مذهبياً مثل البقاع الى انفلاتٍ أمني قد يُوظَّف في هذا الاتجاه السياسي او ذاك او ينقل البلاد برمّتها الى واقع متفجّر.

وجاء تفجير زحلة في نقطةٍ سبق ان شهدت منذ فترة كشْف عبوة قبل انفجارها اضافة الى انها امتداد لبقعة جرى فيها استهداف مواكب لـ “حزب الله” أكثر من مرة. واشارت معلومات الى ان العبوة فُجرت عن بُعد وصودف مرور باص سياحي يضمّ وفداً من عكار (شمال لبنان) من “حركة منيارة الأورثوذكسية”، لترسو الحصيلة غير النهائية للخسائر البشرية على مقتل امرأة سوريّة تعوّدت ان تتواجد في هذه النقطة للتسوّل فماتت على قارعة الطريق كما عاشت، وجرْح 11 شخصاً اضافة الى أضرار في الباص وعدد من السيارات.