كتبت حبيب معلوف في صحيفة “السفير”:
بالتزامن مع المراوحة في إيجاد مخارج لمأزق وقف الاعمال في مركز برج حمود لمعالجة النفايات، تم، أمس، فض اسعار العروض لمناقصات الفرز والمعالجة لـ2600 طن يوميا لمدة اربع سنوات لتفوز بها شركة جهاد العرب (جي سي سي/سوريكو) على منافستها (باتكو/ دانيكو) لآل الأزعور، بعد ان وضع العرب سعر 81 مليون دولار، مقابل ســعر 97 مليون دولار ونصف مليون تقريبا للشركة المنافسة لمدة اربع سنوات ايضا.
ويكون العرب بذلك قد فاز بالحصة الاكبر من تركة “سوكلين”، التي لم تتقدم لا الى مناقصات ردم البحر والطمر ولا الى مناقصات الفرز والمعالجة، مع الاشارة الى ان عقود الفرز والمعالجة تتضمن رفع القدرة الاستيعابية للتخمير في المعامل نفسها من 300 الى 700 طن يوميا، وهو ما يشكك به معظم خبراء النفايات والتخمير، ويهدد الخطة المرحلية بأن تتحول الى “ناعمة ثانية”.
اذا تمكن المعترضون من تحسين شروط الفرز والتخمير قبل الطمر، فسيعتبر ذلك انجازا. وإذا لم تتبلور قناعة بضرورة إعادة النظر بمناقصات المعالجة وطرح انشاء معامل جديدة للفرز والمعالجة في الاماكن المردومة، يطرح البعض مخرجاً يتمثل في أن يتعهد أصحاب نظرية اللامركزية في الفرز بأن تتعهد البلديات بالبدء بالفرز من المصدر، فلا يذهب الى المعامل والمطمر في برج حمود إلا العوادم فعلا، وليس 65 في المئة، كما هو مطروح حاليا اذا التزمت الأطراف المعنية بالصيغة التي تحتاج الى ستة أشهر على الأقل حتى تبصر النور.
إلا ان المصادر البيئية المتابعة للملف، تؤكد ان الحلول المطروحة ابتعدت كثيرا عن الشروط البيئية والعلمية، وأصبح الجــدل مجــرد صراع على العــقارات المردومة والمصالح، والتي تشارك فيه بقوة شركات النفط على انواعها ايضا.
واذ يجزم البعض بأن الايام القادمة ستشهد تسوية ما لتسيير أعمال الخطة المرحلية التي يمكن الوصول الى تقصيرها من أربع سنوات الى سنة، يتم التأكيد ان المشكلة التي ستفتح قريبا جدا هي حول الخطة المسماة “مستدامة”. والسؤال الذي يطرح على الأحزاب والنواب والجمعيات المشاركين في “الهيصة المرحلية” الاخيرة: هل ستنتهي المشكلة عند هذا الحد السطحي من القضايا لتسيير الخطة المرحلية، ام لا بد من الخوض في ضرورة وضع استراتيجية وطنية لإدارة النفايات وان تستعيد وزارة البيئة دورها المركزي في وضع الاستراتيجيات والمعايير، وفيها يتم تحديد دور ومهام ومسؤوليات البلديات واتحادات البلديات؟ مع العلم ان هذه الاستراتيجية وحدها هي التي يفترض ان تحدد اتجاهات “الخطة المستدامة” ما بعد “الخطة المرحلية”، والتي لا يفترض ان تشمل معامل التفكيك الحراري.
ثمة سؤال آخر: هل سيعكف المشاركون في “التسويات” على تفسير قرار مجلس الوزراء الاخير (رقم 21 جلسة 11/8/2016) وطلاسمه حين أحال مقترح بلدية بيروت لإنشاء معمل خاص بها للتفكيك الحراري (عبر وزير الداخلية) الى اللجنة التي تتابع الخطة المرحلية، مع العلم ان قرارات مجلس الوزراء السابقة (رقم 1 بتاريخ 21/12/2015) كانت قد كلفت مجلس الانماء والاعمار انجاز دفاتر الشروط العائدة لمناقصة التفكك الحراري والذي أطلق بدوره ملف التلزيم على أساس ان تكون القدرة الاستيعابية لمعمل التفكك الحراري 2000 طن يوميا، أي بقدرة أكــبر بكــثير من نفايات بيروت؟ وأين ستــكون أماكن هذه المعامل؟ وما هي الاستراتيجية المعتمدة التي أوصلت الحكومة الى هذا الخيار الخطر والمكلف على كل المستويات، بعد تجاهل كل مبادئ التخفيف والفرز؟