Site icon IMLebanon

لبنان أمام اختبار الحوار والحكومة والرئاسة في أسبوع واحد

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: يشكل الأسبوع الطالع في لبنان اختباراً سياسياً في غاية الأهمية، ومن شأن “خلاصاته” الإسهام في رسم اتجاهات المأزق السياسي – الدستوري، الذي بدأ وعلى نحو دراماتيكي مع الشغور في رئاسة الجمهورية منذ أيار 2014، ويتجه في حال استمراره نحو فصول أكثر مأسوية مع حلول موعد انتخاب برلمان جديد في خريف 2017، بحيث تصبح البلاد فوق فوهة من سيناريوات مصيرية تضع الدولة أمام خطر الفراغ القاتل.

فمن (بعد غد) الإثنين موعد انعقاد طاولة الحوار الوطني، إلى الخميس حيث من المقرر التئام مجلس الوزراء، مروراً بالأربعاء الذي ضرب فيه موعداً للجلسة الـ 44 لانتخاب رئيس للجمهورية، تخضع القوى السياسية قاطبة لامتحان صعب، يتقرر في ضوئه مسار الحوار ومصير الحكومة، إضافة الى ما يمكن أن يطرأ على مقاربات الملف الرئاسي و”المقايضات” الجارية في شأن الإفراج عنه.

وتتجه الأنظار في ملاقاة المحطات الثلاث الى مواقف ثلاثة أطراف أساسية، رئيس البرلمان نبيه بري الذي قال كلمته أخيراً في مهرجان الذكرى الـ 38 لتغييب الإمام موسى الصدر، “التيار الوطني الحر” بزعامة العماد ميشال عون الذي كان قاطع الجلسة الأخيرة للحكومة ولوّح بتصعيد متدحرج، و”تيار المستقبل” برئاسة الرئيس سعد الحريري الممتنع عن أي مبادرات جديدة بعدما كان تجرّع ترشيح أحد خصومه والقطب في “8 آذار”، لرئاسة الجمهورية، أي النائب سليمان فرنجية.

وتوقفت دوائر سياسية مهتمة في بيروت أمام خريطة الطريق التي كان قد أكد عليها الرئيس بري في خطابه الأخير، وما انطوت عليه من “ألغام” حين ربط عملية انتخاب رئيس للجمهورية بمرحلة ما بعده، مشترطاً الاتفاق المسبق على قانون الانتخاب والحكومة، وهي المقايضة التي تُقابل برفض من أطراف أساسية في البلاد كـ “المستقبل” و”القوات اللبنانية” برئاسة الدكتور سمير جعجع، لاعتبارات جوهرية بينها أن حل “السلة” الذي يريده بري يشكل قفزاً فوق الآليات الدستورية ويضمر فرض تنازلات على الآخرين على غرار ما حصل في “اتفاق الدوحة” عام 2008، الذي أعقب عملية عسكرية لـ “حزب الله” في بيروت والجبل أفضت الى كسر التوازنات بالقوة.

وثمة مَن يعتقد أن بري يحاول من خلال “سلّته” إمساك العصا من النصف، للإتيان بالجميع الى تسوية “منتصف الطريق”، فهو يدرك حقيقتين هما:

وفي تقدير أوساط سياسية أن بري ربما يريد منح “حزب الله” نصف فوز وإقناع “تيار المستقبل” بالقبول بنصف خسارة من خلال حضّ الجميع على المجيء الى ما يسميه حل السلة عبر طاولة الحوار التي تعقد الجلسات تلو الجلسات من دون إحراز أي خرق من النوع الذي يمهّد الطريق أمام التفاهم على انتخاب رئيس، أو الاتفاق على قانون انتخاب جديد.

وبدت طاولة الحوار وكأنها تحتاج الى حوار من نوع آخر يضمن صمودها بعدما أشيعت تقديرات متناقضة لمواقف “التيار الحر” من إمكان المشاركة في جلسة الإثنين أو الغياب عنها، بعدما كان وجّه اتهامات علنية للرئيس بري بتشجيعه على عقد الجلسة الأخيرة للحكومة التي قاطعها التيار وطعن بمقرراتها “العادية” بعدما شكك في ميثاقية الجلسة لغيابه عنها كطرف مسيحي وازن.

ولم تصدر حتى الآن إشارات واضحة أو حاسمة حول إمكان مشاركة التيار العوني أو مقاطعته لجلسة الحوار، الذي يرعاه بري، وهو غموض ناجم ربما عن إرباك سببه تردد عون في “حرْق المراكب” مع الآخرين على النحو الذي يصعّب عليه العبور الى الانتخابات الرئاسية، وتردده في الوقت عينه في منح الرئيس بري المزيد من الأوراق في لحظة انفجار علاقة “الودّ المفقود” بينهما.

وثمة من يتحدث في هذا السياق أن “التيار الحر” سيشارك في جلسة الحوار عبر رئيسه الوزير جبران باسيل، الذي يعتزم إثارة مسألة الميثاقية في مستهل الجلسة ثم يبني على الشيء مقتضاه، فإما أن يكمل مناقشة المسائل الأخرى وإما يقرر الانسحاب.

واللافت أن الاهتمام المتزايد بمجريات حوار الإثنين ينطلق من كونه “بروفة” لما ستكون عليه جلسة الحكومة الخميس والتي يعتزم رئيسها تمام سلام توجيه الدعوة لانعقادها، رغم إصرار عون على مقاطعتها، على غرار ما حصل في الجلسة الأخيرة التي شكك “التيار الحر” بميثاقيتها.

وفي تقدير أوساط بارزة أن المزاج العام الذي سيحكم حوار الإثنين سيتمدد الى طاولة الخميس (الحكومة) وسط ما يشاع عن مساعي مع عون لتليين موقفه، وكان نُسب لـ “حزب الله” قوله لزعيم “التيار الوطني الحر” أن الرئيس بري خط أحمر والحكومة ستستمر، في إشارة يراد منها تأكيد تمسك الحزب بـ “الستاتيكو الحالي” في البلاد لأن معركته الإستراتيجية المترامية تدور من سورية إلى اليمن.