كتبت أسرار شبارو في صحيفة “الراي” الكويتية:
تحوّل مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت امس “خلية نحل” من تحريات وتحقيقات حول “سرّ تسرُّب” الفتى الفلسطيني خالد وليد الشبطي (13 عاماً) وكسْره كل الإجراءات الأمنية وحلقاتها المتدرّجة وصولاً الى “مغافلة” المضيفات و”التسلل” الى طائرة شركة “الميدل ايست” التي انتقل على متنها (عصر الأربعاء) الى اسطنبول من دون ان يكون في حوزته لا جواز سفر ولا بطاقة صعود ولا أيّ مستند يخوّله ركوب الرحلة ME267 حتى خط الوصول قبل إعادته في الليلة نفسها بعدما انكشف أمْره “بالصدفة”.
ولم تكد بيروت ان تستوعب “صدمة” هبوط طائرة تحمل شعار شركة “أجنحة لبنان” في مطار بن غوريون الاسرائيلي، حتى باغتها “فتى الطيران” الذي شكّل “الإنجاز الذي فاخَر به” ووعد بعدم “تكراره”، ما يشبه “الصفعة على أكثر من وجه”، عاد معها الضوء الى ملف “أمن المطار” الذي كان شكّل قبل أشهر مادة تجاذب داخلي بعد إثارة وزير الداخلية نهاد المشنوق خصوصاً مسألة الثغر الأمنية فيه، قبل ان ينطلق رسمياً قطار تدعيم شروط الحماية الأمنية والسلامة على مستوى التجهيزات وتجديدها كما على صعيد تفعيل التنسيق بين مختلف الأجهزة.
وفيما شغل الطفل خالد الشبطي وسائل الإعلام اللبنانية والعربية والعالمية بعدما بدا كـ “الشبح” أمام الأجهزة الأمنية وفريق الـ “الميدل ايست”، أعلن رئيس مطار رفيق الحريري الدولي فادي الحسن “أن جهاز أمن المطار لا يزال يجري تحقيقات موسعة حول تفاصيل وحيثيات الواقعة وكيفية تخطي الطفل النقاط الامنية وصولا الى متن الطائرة من دون الانتباه اليه” مشيراً الى “أن هناك إجراءات سيتم تنفيذها من قيادة الجهاز بحق الذين يثبت تقصيرهم في القيام بواجباتهم”.
ومنذ التداول بما قام به، صار الطفل الذي يقطن في مخيم برج البراجنة (بيروت) حديث الناس، حتى أنه فاجأ الأجهزة الأمنية التي حققت معه بعيد إعادته الى بيروت بهدف معرفة ملابسات ما حصل اذ وعد بكل ثقة “ما بقى عيدها”.
“… ما بقى عيدها” تشكّل التكملة لعبارة “حققتُ حلمي” التي قالها خالد لعائلته بعد عودته الى مطار بيروت من الرحلة التي قام بها من دون ان يتكلف ثمن بطاقة سفر ولا حتى عناء التفكير في الوجهة التي يريد الوصول اليها، اذ جلّ همّه كان القيام بـ “رحلة العمر” كما قالت شقيقته ريما لـ”الراي” اذ “كان يفكر في الامر منذ عام بعدما اتخذتْ العائلة قرار اللجوء الى احدى الدول الاوروبية، لكن توقيف المشروع والبقاء في مخيم برج البراجنة حيث نسكن لم يمنع شقيقي من الاستمرار في أحلامه وتخيلاته بركوب الطائرة”.
حلم خالد بات حقيقة وعلى لسان كل أبناء المخيم. ففي الطريق الى منزله حيث الشوراع الضيقة، لم تسمع “الراي” سوى الحديث عنه وكيف تمكّن من القيام بفعلته… نعم الجميع مصدومون لكن فخورين بما قام به ذلك الولد الذي وصفته زوجة عمه بـ “المشاغب الذي طُرد قبل عامين من مدرسته الاونروا، لكنه ذكي”.
في الطبقة الثالثة من احد شوارع المخيم يسكن خالد في مبنى قيد الانشاء، وسط عائلة مؤلفة من ولدين وفتاة، لكنه لم يكن موجوداً في المنزل وكما قالت ريما: “ذهب مع والدي لمنعه من الحديث الى الإعلام بعدما طلب منه جهاز الأمن العام ذلك”. لكنها عوضا عن شقيقها شرحت: “يومها كان جميع أفراد العائلة في المطار لوداع خالي الذي قصد المملكة العربية السعودية لقضاء فريضة الحجّ. لم نتوقع ان يحصل ذلك، وبعدما لاحظنا اختفاء خالد بدأنا بالبحث عنه، قبل ان يتلقى والدي اتصالاً من مضيفة الطيران تبلغه بوجوده على متن الطائرة في تركيا”.
سارع وليد الشبطي الذي يعمل ميكانيكياً الى إبلاغ الأمن العام بما حصل، وقالت ريما لـ “الراي”: “استطاع خالد عبور الحاجز الأول، قبل أن يسير خلف عائلة مسافرة حيث عبر الحاجز الثاني، وعندما كان يُسأل عن جواز سفره، كان يجيب أنه مع والدته التي سبقته، حتى وصل الى الطائرة وسألته المضيفة عن بطاقة الصعود فقال انها بحوزة أمّه التي سبقها. وهنا طلبت منه المضيفة الانتظار عند بابها إلى حين وصول أمّه، لكنّه غافلها ودخل الطائرة حيث اختبأ في الحمام منتظراً اقلاع الطائرة ليخرج ويبحث عن مقعد للجلوس”.
واضافت: “كانت الأمور تسير على ما يرام، لكن حين دقّقت المضيفات بأعداد المسافرين وجدوا شخصاً زائداً، فانكشف امر خالد، وكي لا يوقفه الأمن التركي بحال نزل من الطائرة أعيد الى لبنان عند الساعة العاشرة من مساء الأربعاء عبر الطائرة نفسها، ليتمّ توقيفه من الأمن العام اللبناني والتحقيق معه قبل ان يطلق سراحه”.