كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: عشية أسبوع “ثلاثية” الحوار الوطني وجلسة الانتخاب الرئاسية واجتماع مجلس الوزراء، اشتدّت “حرب السقوف” في هذه الملفات المتشابكة والتي يشكّل “خيط الحلّ” فيها إنهاء الفراغ في رئاسة الجمهورية المتمادي منذ 27 شهراً ونيّف.
وبدا واضحاً قبل 24 ساعة من الجولة الجديدة من الحوار الوطني التي يستضيفها رئيس البرلمان نبيه بري غداً وذلك قبل يومين من موعد الجلسة 44 لانتخاب رئيسٍ للجمهورية التي تليها الخميس جلسة لمجلس الوزراء، ان ثمة تدافُعاً على “حافة الهاوية” يمارسه أكثر من طرف في ما خص شروط حلّ الأزمة الرئاسية، التي يختصرها شعار “السلّة المتكاملة” الذي يتمسّك به بري (و”حزب الله”)، والخروج من المأزق الحكومي المستجدّ في ضوء رفْع العماد ميشال عون “بطاقة الميثاقية” بوجه حكومة الرئيس تمام سلام محاوٍلاً انتزاع إقرارٍ بأن باب احترام الشراكة المسيحية – الاسلامية يكون بفتْح بوابة القصر الجمهوري أمامه، وهو ما يرفض التسليم به حتى الساعة خصومه كما بعض الحلفاء المتحفظين عن انتخابه مثل رئيس مجلس النواب.
ومن هنا توقّفتْ أوساط سياسية مطلعة عبر “الراي” عند 3 خطوط هجوم ودفاع ارتسمتْ في المشهد السياسي وهي:
- رفْع رئيس “التيار الوطني الحر” وزير الخارجية جبران باسيل (صهر عون) مستوى الهجوم على الحكومة ورئيسها الذي كان أصرّ بدعمٍ من بري على انعقاد الجلسة الأخيرة للحكومة الاسبوع الماضي رغم غياب وزراء عون وحزب “الطاشناق” عنها وهو ما اعتبره الفريق العوني ضرباً للميثاقية معلناً الاتجاه للطعن بالمراسيم والقرارات التي صدرت عن تلك الجلسة والتي قد لا تجد في اي حال الأكثرية المطلوبة لتوقيعها نيابة عن رئيس الجمهورية في ظل معلومات منقولة عن اوساط “التيار الحر” بأن بين 7 و 9 وزراء لن يوقّعوها.
واختار باسيل ان يهاجم الرئيس سلام بعنف خلال كلمة له في عشاء في شمال لبنان اذ توّجه اليه بصفة “ابن الرئيس (الراحل) صائب سلام”، منبهاً اياه “للخطر الكبير حين يقول لنا ان ميثاقية الحكومة تستقيم بـ (وجود) ستة في المئة من مكوّن أساسي في البلد (فيها)”، مشيرا إلى انه عندما “يقبل نجل صائب سلام ان يسير بحكومة ممثِّلة لستة في المئة من المسيحيين، فهو يُسقِط عن بعض اللبنانيين القناعة المشتركة لمفهومنا بالبلد”، معلناً “لا نتكلم عن اجماع وطني في كل شيء، انما نتكلّم عن ستة في المئة، فـ (رئيس جهاز الامن والاستطلاع في القوات السورية ابان وجودها في لبنان وتحديداً بين 1982 و 2002) غازي كنعان خجل ان يؤسّس عليها، ومضى بأربعة عشر في المئة (في اشارة الى انتخابات 1992 النيابية التي قاطعتها غالبية ساحقة من المسيحيين). ألم يستطيعوا ان يصلوا لنصف رقمه؟ هل يعقل ان ننحكم بمعادلة؟”.
- تكرار رئيس البرلمان ان السلّة المتكاملة التي تشمل الرئاسة وقانون الانتخاب والحكومة رئيساً وتوازنات وبياناً وزارياً هي الممرّ الإلزامي لانتخاب رئيسٍ، منتقداً تأويل الكلام الذي أطلقه الاربعاء الماضي، والذي اعتُبر في شقّ منه موجهاً الى “التيار الحر” وفي شقّ آخر الى “تيار المستقبل” (بقيادة سعد الحريري). ونُقل عن بري في هذا السياق غمْزه من قناة البعض: “حالهم كحال من يحمل سكين مطبخ، ويأتي ليدعو لاعباً محترفاً بالسيف والترس الى المبارزة”، مضيفاً: “لا يزعجني مَن لا يفقهون اللغة العربية، بقدر أولئك الذين ينظرون الى الناس من فوق، ويعتقدون أنهم سلاطين فوق الناس، ويبدون مُنتشين، كأنهم يمضغون”القات”(نبتة يمنية مخدرة) ويسلطنون على فراغ”، وتابع: “لنفرض أنه انتُخب رئيس جمهورية وتمّ تكليف شخص، سعد الحريري او غيره، وأنا شخصياً أرشّح الحريري، بلا اتفاق مسبق على كيفية تأليف الحكومة، فكأننا لم نفعل شيئاً، بل يمكن أن نعقّد الامور أكثر”.
- تلقّي رئيس الحكومة باستياء ما يتم تداوُله عن امكان رفض بين 7 و 9 وزراء توقيع القرارات والمراسيم التي أقرتها الحكومة في جلستها الأخيرة، وسط تلميح مصادر وزارية بأن سلام لن يقبل بترؤس جلسات تخرج بقرارات غير قابلة للتنفيذ وهو قد لا يتوانى عن اتخاذ خطوة تقلب الطاولة بوجه الكلّ.
ووسط هذه الوقائع تشكّل الساعات المقبلة فسحة لتعبيد الطريق امام مشاركة تيار عون بجلسة الحوار كي لا تشكّل مقاطعته ضربة في “الخاصرة الرخوة” للرئيس بري، اي الطاولة التي يرعاها، وبما لا يترك الأزمة تتفاعل على كل المستويات.
واذا كان “التيار الحر” يربط حضور جولة الحوار بطرْح مسألة الميثاقية وتفسيرها وربْطها بالرئاسة في ظل ترجيح دوائر مراقبة ألا يعمد الى “حرْق كل أوراقه” التصعيدية كي لا يقطع الطريق على نفسه رئاسياً ولا يقع في “أفخاخ” يتمنى خصومه وحلفاء له ان يسقط فيها، فإن بعض الأجواء لم يستبعد ان تشهد جلسة الحكومة الخميس بحال مرّ حوار الاثنين بأقل حدّ من الأضرار عملية “شراء وقت” من خلال اقتصارها على بحث ورقة لجنة اللاجئين الوزارية تمهيداً لمشاركة سلام في مؤتمريْن دوليين حول اللاجئين سيُعقدان على هامش الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك.