IMLebanon

ما عساه يكون موقف “الرئيس المعين”؟

baabda-1

كتب محمد مشموشي في صحيفة “المستقبل”:

لم يكن ينقص اللبنانيين، في ظل أزماتهم المتعددة والبالغة التعقيد، الا أن يزورهم وفد من الانقلابيين الحوثيين في اليمن(لماذا يغيب عنه المخلوع علي عبدالله صالح؟)، وأن تكون زيارته هذه ضمن جولة تشمل بغداد وبيروت وطهران من دون غيرها من عواصم المنطقة، فضلا عن أن يكون هدفها المعلن أخذ موافقة لبنان على ما يسمى “المجلس السياسي” الذي شكلوه قبل أسبوعين، على الطريق لانتخاب “رئيس”(لهم وحدهم؟!) وتشكيل “حكومة”(لهم وحدهم كذلك؟!)في مواجهة حكومة اليمن الشرعية التي تعترف بها الأمم المتحدة والغالبية المطلقة من دول المنطقة والعالم.

لم تتم الزيارة، لحسن الحظ، لكن لأسباب خاصة بالوفد واضطراره للانتقال من بغداد الى مسقط للقاء الموفد الأممي الى اليمن، بما يعني أن الوفد قد يحاول القيام بها في وقت لاحق. مع ذلك فأبعاد هذه الزيارة والخلفيات الكامنة وراءها، لا يجوز أن تغيب عن أحد من المعنيين في لبنان، لا محليا ولا بعد ذلك اقليميا ودوليا، لكن أولا وأخيرا لادراك كيف ينظر ما يسمى “محور الممانعة” بقيادة “الولي الفقيه” في ايران لهذا البلد.

لبنان، من وجهة نظر هذا المحور، يعني “حزب الله” ولا شيء غيره. لا حكومة ولا مجلس نواب فيه، كذلك لا مؤسسات أو دستور أو حتى شعب، فضلا كما يعرف الكل عن رئاسة الجمهورية التي نجح هذا المحور في تفريغها طيلة عامين ونصف العام حتى الآن. ولأن “حزب الله” جزء من هذا المحور، ويقاتل باسمه وتحت قيادته في سوريا والعراق واليمن وربما في غيرها أيضا، فلا بد اذا من أن تشمل جولة الوفد الحوثي هذا لبنان. ليس ذلك فقط، انما أيضا(وستثبت الأيام ذلك اذا تمت الزيارة يوما ما) من مطالبته بالترحيب به، وحتى بالموافقة على مطلبه.

والحال أن الحوثيين ليسوا “غرباء” أبدا عن لبنان، اذ استضافهم “حزب الله” أكثر من مرة خلال الفترة السابقة، كما دربهم على السلاح وأنشأ لهم اذاعة في مكان ما من الضاحية، لكنها المرة الأولى التي يقومون فيها بزيارة معلنة من ضمن جولة “رسمية” لهم على دول يعتبرونها حليفة لهم، العراق ولبنان وايران، بعد أن اتخذوا قرارا بانشاء ما يسمونه “دولة” لهم خارج السلطة الشرعية في اليمن. ومن هنا أهمية الزيارة المفترضة من جهة أولى، وأبعادها السياسية والاقليمية والدولية على لبنان وعلى المنطقة من جهة ثانية.

وليس خافيا أن من يقف وراءها هو “الولي الفقيه” الايراني، لكن لا يمكن التقليل من مسؤولية كل من “حزب الله” في لبنان وحكومة حيدر العبادي في العراق…هذه الحكومة التي استقبلت الوفد على أعلى مستوى، بشخص العبادي نفسه، كما أشادت به وبالدور الانقلابي الذي يقوم به في اليمن.

لماذا؟. للقول بصوت عال، ولمن يسمع أو لا يسمع في العالم، ان لبنان(وليس “حزب الله” وحده) هو جزء لا يتجزأ من استراتيجية ايران وسياساتها في المنطقة وفي العالم.

لا يهم هنا ما تقوله حكومة لبنان، المعطلة بقرار لا يملك الحزب أو طهران أن يتبرأ منه، ولا ما يقوله أو يمكن أن يقوله مجلس نوابه، المعطل بدوره بقرار مماثل، ولا طبعا مكوناته الطائفية والمذهبية كما أحزابه السياسية والمجتمع المدني والرأي العام فيه، ما دام “الولي الفقيه” يريد للحوثيين أن يزوروا هذا البلد الآن، وربما أن يعلنوا منه “أخوة السلاح” من صنعاء الى طهران الى بغداد ودمشق وبيروت.

ولا يهم كذلك ما تقوله الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الاسلامي، كما المجتمع الدولي كله، عن استقلال لبنان وسيادته الكاملة وقراره الحرّ، ولا قبل ذلك وبعده ما يردده المسؤولون في ايران وفي “حزب الله” نفسه عن احترامهم لـ “سيادة لبنان” وعدم التدخل في شؤونه الداخلية أو في علاقاته مع الدول الأخرى في العالم.

ما يبقى، أنه بغض النظر(مؤقتا، على الأقل) عن الموقف الرسمي اللبناني من هذا الواقع، فان أسئلة وعلامات استفهام كثيرة تطرح نفسها حول مواقف الأحزاب والقوى والتيارات السياسية اللبنانية(الطائفية وغير الطائفية) التي لا تترك مناسبة الا وتردد فيها تمسكها باستقلال لبنان وسيادته وقراره الحرّ، وان كانت تحتفظ بعلاقات ملتبسة ومباشرة مع ايران، أو مع “محور الممانعة”، أو مع “حزب الله” فقط.

لكن السؤال الذي ربما يحتاج الى جواب أكثر من غيره هو: ما عساه يكون موقف “رئيس الجمهورية المعين”، حتى اشعار آخر، لو أنه كان فعلا رئيسا للجمهورية اللبنانية في هذه المرحلة؟.