كتبت ثريا شاهين في صحيفة “المستقبل”:
حرصت الادارة الاميركية على إرسال رسالة دعم للبنان وللبنانيين ولاستقرار لبنان من خلال ايفادها الوكيل السياسي لوزارة الخارجية توماس شانون إلى بيروت الأسبوع الفائت. وتتضمن رسالة الدعم هذه جملة مواقف في مواضيع جرى بحثها، كذلك على الرغم من ارتقاب موعد انتهاء ولاية الرئيس الأميركي باراك أوباما بعد الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في الرابع من تشرين الثاني المقبل أي بعد شهرين، فإن ثبات الوضع اللبناني يتخذ حيزاً من اهتمام الإدارة.
في مقدمة المواضيع التي بحثها المسؤول الأميركي في بيروت، وفقاً لمصادر ديبلوماسية، استطلاع موقف لبنان في القمة الدولية التي دعا إلى عقدها الرئيس أوباما في 20 أيلول الجاري من أجل حض الدول لاستيعاب أكبر عدد ممكن من اللاجئين السوريين. أوباما من الآن وحتى انتهاء ولايته، لديه وقت للاهتمام بهؤلاء اللاجئين، ولم تعد مواضيع المنطقة وملفاتها تشكل أولوية لديه في هذه المرحلة، من دون أن تكون ملفاتها متروكة ان حصل حدث بارز فيها. وهذا ما ينطبق أيضاً على التعامل مع لبنان حيث تقف الولايات المتحدة إلى جانبه وتدعو لاستمرار جو الاستقرار فيه.
وتفيد مصادر ديبلوماسية أميركية أن الدعم للبنان يتركز على الأمن والاستقرار من خلال دعم الجيش اللبناني في مكافحة الإرهاب، وتدريبه وتجهيزه وتعاونه مع كافة الوكالات الأمنية، ثم دعم الازدهار الاقتصادي من خلال جملة مواضيع في مقدمها العمل مع البلديات لتنفيذ برامج التنمية والبنى التحتية، وتوفير فرص عمل للمرأة وفرص التعليم. والتعاون مع البنك المركزي وحماية النظام المالي اللبناني. أما سياسياً الوقوف إلى جانب لبنان في تحمّل أعباء اللاجئين وتمثل الولايات المتحدة المساهم الأول في المساعدة في هذا الصدد. فضلاً عن دعم الجهود اللبنانية في إنهاء الفراغ الرئاسي، واجراء الانتخابات النيابية.
وأفادت المصادر الديبلوماسية اللبنانية انه جرى بحث كيفية الحفاظ على الاستقرار وعمل المؤسسات، كما أوضحت انه لم يصر الى طرح افكار اميركية ذات صلة بالخروج من المأزق الرئاسي، بل ان المسؤول الأميركي عبّر عن ان الامر مسؤولية لبنانية داخلية. كما جرى البحث بمساعدة الجيش اللبناني، والجهود التي تبذل لمكافحة الإرهاب. ثم التأكد من التزام المصارف اللبنانية بالعقوبات المفروضة أميركياً على حركة التمويل لـ”حزب الله” ومَن ينتمي إليه.
وبما انه ستنعقد قمة حول اللاجئين السوريين، تم الرأي لتأجيل اجتماع مجموعة الدعم للبنان في نيويورك، كما كان يحصل كل سنة في مناسبة انعقاد الجمعية العامة للامم المتحدة، ثم ارجاء هذا الاجتماع خوفاً من ان تطغى الأولويات الاخرى والمواضيع الملحّة عليه، ولا يعود لمواضيعه بحثاً أساسياً. مع الاشارة، بحسب المصادر، إلى ان اربعة مواضيع تناقشها المجموعة في الاساس هي استقرار لبنان وعمل المؤسسات، دعم الجيش وتعاونه الثنائي مع الدول، دعم الاقتصاد، معالجة مسألة اللاجئين السوريين.
وتقول مصادر ديبلوماسية اخرى ان المهم حالياً بالنسبة إلى أوباما التحضير الجيد لقمة اللاجئين السوريين. موقف لبنان، انه لم يعد في مقدوره استيعاب المزيد من اللاجئين، وان لبنان لا يمكنه ان يوطن اللاجئين، ولا يمكنه أن يكون بلد توطين.
دولياً، المبدأ العام المتبع هو حق العودة لمَن يرغب. وهذا المبدأ تم التعامل معه مع اللاجئين الفلسطينيين وفق قرار الأمم المتحدة 184. هذا المبدأ عام لا يمكن للبنان تغييره، وفقاً للمصادر، انما يمكنه القول انه لا يمكن ان يطبقه لبنان ولا ينطبق عليه ولا يمكنه تحمل التوطين، وأن مبدأ السيادة في الدستور لا يجبره أن يطبق هذا المبدأ.
الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، يدرك وقالها اكثر من مرة، انه لا يمكن تحميل الدول أكثر مما تتحمل، ولا يمكن تغيير مبدأ عام، لكن في ما خص لبنان هناك تعامل خاص. ولبنان سيعيد المطالبة بتقاسم الأعباء، وأن يتم تشجيع الدول لاستيعاب أعداد كبيرة من اللاجئين، مع المطالبة بإيجاد مناطق آمنة في سوريا تسمح بالعودة إليها.
المصادر تقول ان اللاجئين موجودون على الأراضي اللبنانية، وليس هناك من حل سحري. لكن بالنسبة إلى المساعدات، يمكن اعطاؤهم مساعدات حد أدنى بحيث تتوافر لهم لقمة العيش، من دون أن تُغدق عليهم المساعدات، ولا أن يحرموا منها فيجنحوا نحو الاجرام والتطرف والسرقة. بل ان تتم تقديمات لهم لتوفير الحد الأدنى من الاستقرار النفسي، على أن يتزامن الأمر مع تقاسم الأعداد بين الدول، وخلق مناطق آمنة على ان يكون ذلك تسهيلاً لعودتهم.
مبدأ حق العودة الدولي موقت، وليس من الضرورة ان ينطبق على لبنان في ظل مبدأ السيادة الوطنية. ولبنان يدرك ذلك، من دون الدخول في سجالات كلامية مع الخارج. وبالتزامن، يجب توحيد الموقف بين الدول المضيفة للاجئين أي مع تركيا والاردن خصوصاً، عوضاً عن تصوير لبنان وكأنه يتعرض لمؤامرة في هذا المجال. المساعدات الكبيرة الخارجية للاجئين تشكل مصدر خوف لبناني وقلق. انما مساعدات الحد الأدنى لا تعني مؤامرة للتوطين. وتتساءل المصادر عن سبب احجام الدول العربية والآسيوية عن استضافة اللاجئين، واللاجئون في الوقت نفسه يفضلون أوروبا.