كتبت غراسيا بيطار الرستم في صحيفة “السفير”:
لم يكن سمير جعجع هو الحدث هذا العام بل ابراهيم كنعان ممثلاً للعماد ميشال عون. بعد مشاركته في الذكرى السنوية لشهداء “القوات اللبنانية”، أسرّ النائب البرتقالي لمقرّبين منه بأنه “خلال تلك اللحظة لم أكن أنا نفسي أصدق أين أنا”.
“بفخر” ينظر “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” إلى “ثمرة” جديدة للتلاقي بينهما. تبدّى ذلك في مشاركة عونية، وللمرة الأولى منذ أكثر من 30 سنة، عبر حضور 10 نواب من “تكتل التغيير والإصلاح”.
يقدّم الفريقان نموذجاً للانسجام يوحي بلامبالاة مطلقة للأصوات المعترضة على “المصالحة العونية ـ القواتية”. ويوحي أيضاً بالتمسّك في التوصل الى المزيد من الأرضيات المشتركة.
ففي لحظة “التمرّد البرتقالي” الذي تتفاوت التقديرات حول أفقه من تظاهرات إلى عصيان مدنيّ وقطع طرقات، يأتي كلام جعجع ليضفي الكثير الى منسوب التلاقي: “نرى بذور ثورة والقوات ستكون أول من يلاقي هذه الثورة. صحيح أن القوات ساكتة، ولكن إذا رأيت أنياب الليث بارزة فلا تظنن أن الليث يبتسم”.
ويضع جعجع مصالحة “التيار” و “القوات” ضمن “قطار المصالحات التي بدأت من الجبل مروراً بالرئيس الشهيد رفيق الحريري ووصولا الى ثورة الارز وما جمعته ثورة الارز لن يفرقه إنسان”.
إنّ مشهدية معراب، وفق أوساط “التكتل البرتقالي”، لا يمكن مقاربتها “إلا من منطلقات مسيحية وطنية ووجدانية. فالشهداء الذين سقطوا هم شهداء لبنان ودماؤهم هي التي تحيي اليوم قيامة المسيحيين وعلينا توظيفها في الإطار السياسي الوطني المسيحي”.
ولكن إلى أي مدى يمكن تلمّس نقاط التلاقي بين الجانبين في ظلّ تغريد “التيار” لوحده في سرب التصعيد؟ تجيب الأوساط متوقفة عند نقاط عديدة: أولا في حديث جعجع عن أن “لا دولة من دون شراكة” تأكيد على الميثاقية التي يرفع لواءها “التكتل”. أما لجهة ما قد يفرز عن هذا التلاقي من تحركات فالأمر قيد البحث ولكن الثابت أن المسار مشترك. ثانياً تأكيده أن “لا حل إلا بانتخاب الجنرال عون وهذا نعتبره جانبا ايجابيا في طرحه التشجيعي لسعد الحريري على المشاركة كرئيس حكومة، فضلا عن ان هذا يعني ايضا رفض التنظير عن السلال وغيرها”، كاشفة عن ان “المساعي القواتية لتقريب وجهات النظر الرئاسية بين الفريق الازرق والرابية مستمرة”. وثالثاً تتمثل “النقطة البرتقالية” المضيئة في مواكبة جعجع بالتصفيق الحار من قبل جمهور تجاوز الـ4 آلاف شخص، ما يدل على تلاق مزدوج على مستوى القاعدة والقيادة.
تلفت أوساط “القوات اللبنانية” الانتباه الى ان “البحث في مسألة الشارع لم يحصل بعد ولكن حتى لو لم نتفق على بعض الأمور فهذا لا يفسد في المصالحة قضية”، موضحة ان “اي نزول الى الشارع اذا لم يكن هناك امكانية لاستثماره فهو أمر لا يعوّل عليه”.
لكن “القوات” تتحسس حالة القرف التي وصل اليها الناس. في السياسة، معادلة عون ـ الحريري تضعها في عهدة “حزب الله” على قاعدة “أثبت جديتك في دعم عون”. وترى أن “الحكيم” في معادلته التي لا حسابات خاصة فيها إلا مصلحة الوطن، ارتقى من “مرشح للرئاسة” الى “مرشد للجمهورية”.
في كلمته التي استمرت قرابة نصف ساعة، توجه جعجع الى “أعداء لبنان” بأن “لا تجرّبونا فكل ما دق الخطر جاهزين كما حصل تماما في القاع”.
وإذ وصف المرحلة “بالصورة السوداء”، شدّد على عدم الاستسلام والبحث عن الحلول ولو من “سابع أرض” للخروج من الأزمة، مختصرا الحل بالمعادلة التالية: “العماد عون رئيسا للجمهورية وسعد الحريري رئيسا للحكومة والدستور يحفظ حقوق الجميع”. وقال إن “الانتخابات النيابية من دون قانون جديد تعني “التمديد للمجلس الحالي”.
أما النية التي رفعها كنعان فجاء فيها: “بالأمس القريب، لم يكن أحد ليتخيّل أن أقف أنا هنا بما أمثل، مصليا في ذكرى شهداء “القوات اللبنانية”.. لكننا نحن ابناء الرجاء، لا نؤمن بالمستحيل، بل ندحرج الحجر، مؤكدين أن زمن العجائب لا ينتهي عند من لديهم ايمان بقدر حبة الخردل”.