Site icon IMLebanon

ريفي من تونس: إرادة لبنانية صلبة لمكافحة الفساد

برعاية رئيس الحكومة التونسية السيد يوسف الشاهد إفتُتحت في العاصمة التونسية أمس أعمال المؤتمر الخامس لـ”الشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد” تحت عنوان “تعزيز المساءلة للنهوض بالتنمية المستدامة في المنطقة العربية”، بحضور وزراء وبرلمانيين ورؤساء هيئات من أكثر من 30 دولة ومنظمة.

ويشارك اللواء أشرف ريفي رئيس “الشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد” على رأس وفد ضمّ كلّ من مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود، مدير عام وزارة العدل القاضي ميسم النويري، رئيس التفتيش المركزي القاضي جورج عواد، رئيس الهيئة العليا للتأديب القاضي مروان عبود، القاضيين رنا عاكوم ويحيى غبورة ومدير مكتب الوزير ريفي النقيب محمد الرفاعي.

 أعلن اللواء أشرف ريفي أن “أهدافنا المنشودة لمكافحة الفساد وترسيخ النزاهة تتطلب منّا تحويل الواقع إلى حقيقة تكرس مبادىء الشفافية “والمسؤولية والمحاسبة.

 كلام ريفي جاء في سياق كلمة له ضمن فعاليات المؤتمر الخامس لـ”الشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد” المنعقد في تونس ، تحت عنوان “جهود وإنجازات الدولة اللبنانية في مكافحة الفساد من العام 2003.

 وقال ريفي “من أرضنا لبنان الى وطننا تونس قطعنا رحلة في وقت قصير إلاّ أن أهدافنا المنشودة لمكافحة الفساد وترسيخ النزاهة تتطلب منّا أشواطاً نعلم انها لن تكون سهلة في رحلة سن السياسات والقوانين والأنظمة والإجراءات التي تقود الى آليّاتٍ تشكل ممارسة فعلية لنقل آمالنا وأحلامنا من الحبر على الورق الى واقع يتحول حقيقة تكرس مبادىء الشفافية والمسؤولية والمحاسبة”.

وأضاف ” لا يخفى عليكم أن الأمر يتطلب لتحقيقه إرادةٍ سياسيةٍ صلبة تراعي وتتوافق مع المعايير الدولية ذات الصلة، وإنني في هذا الإطار أجد أنه من الضروري واللازم تسليط الأضواء على أبرز ما حققه لبنان خلال السنوات الثلاث المنصرمة وحتى يومنا هذا من إنجازات تستحق التوقف “عندها لإكمال المسيرة على النحو المنشود.

وأوضح ريفي أن “الدولة اللبنانية قامت وفي خطوةٍ استباقية لأعمال الدورة الثانية من المؤتمر بإنجاز تقريري التغيير الذاتي فيما يتعلق بالتدابير الوقائية واسترداد الموجودات تبعاً لإتفاقية الأمم المتحدة في ما يختص بمكافحة الفساد حيث تم نشرهما بالنسختين الورقية والإلكترونية “قبل أكثر من عام من تاريخ اليوم”.

ولفت إلى أن ” لبنان قد لعب خلال المؤتمر السادس للدول الأطراف في إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد الذي عقد في سان بطرسبرغ دوراً متقدماً في طرح وصياغة القرار الصادر عن المؤتمر الخاص بدور التعليم في الوقاية من الفساد ومكافحته عبر وضع الشبكة العربية لتعزيز النزاهة في مكافحة الفساد على خارطة المنظمة الاقليمية المعنية بنشر ثقافة مكافحته من خلال المناهج التعليمية والتربوية في الجامعات والكليات “والمعاهد الاكاديمية.

وأشار إلى أنه “تم تبني وجهة النظر اللبنانية في المقررات التي إنتهى إليها الإجتماع والتي ركزت على أهمية الارادة السياسية الحاسمة” والمرونة اللازمة في تطبيق التشريعات الداخلية ذات الصلة.

مضيفاً إلى أنه “كان لزاماً علينا إعادة تفعيل حضور الهيئة العليا للتأديب المعنية بمكافحة الفساد في لبنان والبلدان العربية وهو ما كان من خلال الإنتساب الى عضوية الشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد في أيار من العام 2014”.

 كما أعلن ريفي عن “إحالة عدد من الموظفين المرتكبين من قِبل هيئة التفتيش المركزي الى الهيئة العليا للتأديب وديوان المحاسبة والقضاء الجزائي ، ضمن نهج المحاسبة والمساءلة ، كما تم البت في أكثرية هذه الملفات ونال من ثَبُت تورطُهم العقوبات التي تتلائم مع فداحة جرائمهم” مشيراً إلى “إطلاق عمل الهيئة التأديبية الخاصة لمحاكمة رؤساء بلديات وأعضاء يتولون اعمالاً تنفيذية”، ولفت إلى “إتخاذ إجراءات مسلكية بحقهم تبدأ من التوقيف عن العمل وحتى العزل الدائم ما شكل سابقة بحق هؤلاء لم يعهدها لبنان من قبل”.

وشدد ريفي على “وجود منظومة متكاملة لمكافحة تبييض الاموال في لبنان تبدأ من التشريع والانخراط ولا تنتهي بالتنفيذ على الصعيدين “الإقليمي والدولي”.

منوهاً بـ “سعي لبنان لإنشاء مجموعة العمل المالي في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا وترأس اول فريق عمل لها”.

وفيما يتعلق بأوضاع التعذيب في السجون والفساد والإتجار بالبشر أوضح الوزير ريفي بأننا “أعددنا التقارير المطلوبة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أولاً بأول.

واستعرض التشريعات التي أقرها المجلس النيابي اللبناني.

أولاً : إقرار قانون الإنضمام إلى الأكاديمية الدولية لمكافحة الفساد

ثانياً: إقرار قانون التصريح عن نقل الأموال عبر الحدود

ثالثاً: إقرار قانون تبادل المعلومات الضريبة وحالات التهرب او الإحتيال الضريبي

رابعاً: إقرار قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب

خامساً: اقرار قانون انضمام الحكومة اللبنانية الى الاتفاقية الدولية لقمع تمويل الارهاب

 وتطرق ريفي لـ “سلة متكاملة من المشاريع واقتراحات القوانين تبقى على جدول البحث والدرس لدى البرلمان اللبناني وتشمل:

حماية كاشفي الفساد وحق الوصول الى المعلومات وإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والصفقات العمومية والتفتيش المركزي وديوان المحاسبة ومجلس الخدمة المدنية والاثراء غير المشروع الذي اقترحت وزارة العدل “ان يكون التصريح فيه عن الذمة المالية علنياً.

وأشار إلى وجود “مشاريع قوانين قيد الدرس لدى رئاسة مجلس الوزراء وتشمل:

تضارب المصالح والشراكة بين القطاعين العام والخاص والتصور المتعلق بآلية التعيينات الادارية وإعتماد معايير موضوعة لإختيار الموظفين المؤهلين للتعيين في الفئتين الأولى والثانية”.

ونوه ريفي بإنجازات وزارة العدل ومنها “مشروع قانون لإلغاء المحاكم العسكرية واستبدالها بمحاكم متخصصة في قضايا الارهاب والجرائم الكبرى ووضعته بين يدي الحكومة اللبنانية لإقراره، وآخر يضع هيكلية جديدة لوزارة العدل يتماشى مع متطلبات العصر ويعزز إستقلالية السلطة القضائية”.

وأشاد بـ “أهمية الجهود المبذولة من قبل الدولة اللبنانية في مكافحة الفساد حيث سارعت منتصف العام 2013 الى رد أموال تونس المنهوبة اليها وأموال العراق دون اقتطاع فلسٍ واحدٍ منها وهو ما حدث مع دول “أخرى كاليمن و استراليا وسواها”.

كما أعلن عن “إستحداث لجنة متخصصة في وزارة العدل للعمل على تنقيح الدليل ليتماشى مع المعايير الدولية لإسترداد الأموال المتحصلة عن الفساد والتعاون مع كل طرف او جهة ذات صلة.

 وقال ريفي “لم يتردد قضاة لبنان لحظة واحدة في وضع أنفسهم تحت عين العدالة والمساءلة، كيف لا، وهم القدوة التي نحتذي بها، فلا نزاهة ومكافحة للفساد الاّ بجسمٍ قضائيٍ سليم وهذا تطلب منهم تنقية الجسم القضائي من أي شوائب أو شواذ، وقبل كل شيء جرأة محاسبة الذات قبل الآخرين فتخطوا بذلك كل اعتبار شخصي أو وظيفي لمصلحة الدولة والعدالة”.

وتطرق إلى “دور القضاء الاداري في ممارسة سلطته الرقابية على عمل السلطة التنفيذية من خلال قراره الذي صدر منذ أيام والذي قضى بإيقاف تنفيذ نتائج مناقصة عمومية لتلزيم عقد المعاينة الميكانيكية التي كانت رست على احدى الشركات بسعر فاق ال 440 مليون دولار اميركي على “مدة 10 سنوات.

وأضاف ” إن مديرية السجون التابعة لوزارة العدل تقوم منذ وقتٍ ليس بقليل بتدريب العاملين في السجون وتُجري زيارات مفاجئة للسجون للوقوف على حال المساجين لتعدّ بعدها تقارير مفصلة تتضمن توصيات مرفقة، لافتاً إلى أن “قضاةً لبنانيين أعدوا تقارير مفصلة خلال أقل من عام عن كل سجين لم يُصر الى سوقه الى التحقيق والمحاكمة في ستة سجون وترافق الأمر مع إستحداث برنامج إدارة السجون الممكنن للإفادة عن عدد الموقوفين في كل سجن الذين لم تتم محاكمتهم بعد وأولئك الذين “تخطوا مدة محكوميتهم والمحكومين بالسجن المؤبد أو الإعدام.

وفيما خص المكننة، قال ريفي “لم تعد مقتصرة على السجون بل تخطتها لتصبح آلية متبعة تهدف لمكننة كل قصور العدل في لبنان انطلاقاً من مشروع الشباك الموحد للسجل التجاري الذي يتيح تسجيل التجار والشركات والمؤسسات التجارية إلكترونياً ما يطرد شبح الرشاوى التي تتأتى بنتيجة الإتصال المباشر مع الموظف”.

وصارح ريفي الحضور قائلاً “لا أخجل أن أقول ان تقصيراً محققاً هو أمر لا بد من الاعتراف به فيما يتعلق بضآلة عدد عناصر الأمن العاملين في السجن نسبةً الى عدد السجناء ما يكاد يجعل من المستحيل تحقيق رقابة حقيقية أو إدارة سليمة لسجوننا المكتظة اصلاً بالسجناء والموقوفين، فلم يعد مقبولاً أن يضم سجناً كسجن القبة مثلاً ما يفوق الألف سجين تحت “عين وإدارة عنصري أمن فقط”.

وعن الفراغ الرئاسي قال “نواجه وسنظل تحديات وعقبات تقف في الطريق نحو الغايات المأمولة يتصدرها شغور منصب رئاسة الجمهورية من رئيس عتيد يناهز غيابه 3 سنوات أو نصف ولاية كاملة. ولا يقل عنه في الأهمية موضوع النزوح السوري الى لبنان الذي يكاد يوازي مليونَي نازح أي ما يعادل نصف عدد سكان لبنان وما يطرحه ذلك من مشاكل وصعوبات على المستوى الأمني والإجتماعي والإقتصادي، كل ذلك في ظل غياب إمكانيات مالية أو تعاون وازن من قبل المجتمع الدولي”.

وعن رؤيته للحل أوضح ريفي ” باشرنا فعلاً في وضع خطوطه العريضة لإختراع الحل”:

أولاً: إنشاء دائرة لتلقي الشكاوى في وزارة العدل تفعيلاً لمشروع حماية كاشفي الفساد وكذلك إقرار نظام الحكومة الإلكترونية تسهيلاً للإجراءات المعقدة وإبعادها عن البروقراطية ليتمكن المواطن من معرفة حقوقه وواجباته.

ثانياً: تفعيل آليات التفتيش على الموظفين في أجهزة الإدارات العامة على قاعدة صون حقوق الموظف ومحاسبته عند الإقتضاء وما يتطلبه ذلك من تفعيل عمل ديوان المحاسبة وغير ذلك من الأجهزة الرقابية على أنواعها، وتفعيل المحاسبة في القطاع الخاص ووضع استراتيجية لمكافحة الفساد وانشاء لجان مختصة لادارة الخطة و متابعتها بصورة دوريه.

ثالثاً: تفعيل التدوير الوظيفي في الإدارات الرسمية وإخضاع الموظفين الى دورات تدريبية لتطوير مهاراتهم العلمية والتقنية والسلوكية.

رابعاً: إنشاء مركز رسمي لمكافحة الفساد في لبنان وتبيان معدلاته وسبل الوقاية منه ومقارنته بالمعايير العالمية في مكافحة الفساد وتنسيق الجهود المبذولة بين مختلف أجهزة الدولة المولجة بمكافحة الفساد والتعاون بين القطاعين العام والخاص في هذا الاطار.

خامساً: حث الوسائل الإعلامية على توعية الناس حول مخاطر الفساد وتداعياته السلبية على الصعيدين الإجتماعي والإقتصادي.

سادساً: اقرار قانون الحوكمة الرشيدة في القطاعين العام والخاص.

سابعاً: التعاون مع المجتمع المدني والمنظمات الغير حكومية لتسليط الضوء على مكامن الفساد وإقتراح الحلول لإجتثاثه.

ثامناً: الاستفادة من تجارب دول نجحت في خفض معدلات الفساد ومحاسبة المتورطين فيه.

وأعلن ريفي عن “تنظيم ورش عمل مشتركة بين لبنان والشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد وسائر الدول العربية مما يساهم في تطوير العمل العربي المشترك الذي نبني على أساسه ونسير بهديه في كل “شأنٍ من شؤوننا العامة”

وختم قائلاً “اذا كانت تونس بخير يكون لبنان بخير واذا كانت السعودية بخير تكون مصر بخير هذه قناعتنا وهذا نهجنا الذي لا نحيد عنه إن كان في الأمر فساد نرجو وأده او إصلاح نتطلع الى ارسائه في وطننا العربي من محيطه الى خليجه”.

 وكان الوزير ريفي قد عقد سلسلة إجتماعات مع رؤساء الوفود المشاركة في المؤتمر تُوِّجت بلقاء مع رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد

وتستمر أعمال المؤتمر على مدى 4 أيام ، وقد شهدت الجلسة الإفتتاحية كلمات لكل من رئيس الوزراء التونسي يوسف الشاهد ووزير الحَوكَمة والوظيفة العمومية عبيد البريكي والممثل الدائم للأمم المتحدة في تونس .

وشددت الكلمات على أهمية المساءلة في بناء الثقة بين المواطن والدولة وحمايتهما من المخاطر لا سيما مخاطر الإرهاب والتطرف. وعبَّر المتحدثون عن إلتزامهم بالعمل من خلال الشبكة العربية من أجل تطوير التشريعات وتعزيز الخبرات الكفيلة آليات المساءلة لا سيما البرلمان والهيئات الرقابية والقضائية بالتعاون مع مختلف مكونات المجتمع المدني .