اشار الوزير جبران باسيل لصحيفة “السفير” الى ان رئيس تيار المردة سليمان فرنجية جرّب أن يأخذ النقاش في طاولة الحوار الى مكان آخر يتعلق بكيفية ادارة الملفات والمعارك السياسية على الساحة المسيحية، ولذلك امتنعت عن الرد عليه حتى لا يضيع أصل الموضوع”. ويضيف: “نعم.. أنا لا أستحي مما طرحته.. نحن تعاقدنا مع الشريك المسلم على أساس قواعد معينة للشراكة، وأنا أريد أن أعرف ما إذا كان هذا الشريك لا يزال يحترم هذه القواعد ام لا.”
واعتبر باسيل ان الازمة الراهنة هي أكثر من وجودية، ونحن بصراحة نفقد القناعة بإمكانية أن نستمر في العيش سويا، مع بعضنا البعض، إذا استمر هذا الاستهتار والاستخفاف بحقوق مكوّن لبناني أساسي، وأنا أتسلح هنا بمقولة شهيرة للرئيس صائب سلام مفادها ان لبنان يبقى بالقناعة المشتركة لا بالعدد.
وأكد عدم السماح بمواصلة المساس بكرامتنا، لافتا الانتباه الى أنه إذا تأخر تعيين مدير عام ينتمي الى طائفة أخرى تقوم الدنيا ولا تقعد ويصبح كيان هذه الطائفة مهددا، ولكن عندما يصل الامر الى المسيحيين يصير الشباب علمانيين فجأة.. كفى عبثا بالتوازنات التي يستند اليها الوطن اللبناني.
وتساءل: إذا انسحب “تيار المستقبل” أو “حركة أمل” و”حزب الله” أو “الحزب التقدمي الاشتراكي” من الحكومة.. فهل تجرؤ على الاستمرار في علمها الطبيعي كما تحاول أن تفعل بعد مقاطعة وزيري “التيار” ووزير “الطاشناق” لها؟ لماذا يستخفون بدورنا ووجودنا على هذا النحو الذي يتنافى مع شروط المساواة والشراكة؟
وأشار الى ان أي استطلاع رأي يتم في الشارع المسيحي سيعكس هذه الهواجس التي يُشكل الاعتراف بها أول الطريق نحو معالجتها.
لكن مصادر قيادية في «المردة» أكدت لـ «السفير» أن الخطاب الذي استخدمه باسيل على طاولة الحوار هو في غاية الخطورة، مشيرة الى أنه ينطوي على نَفَس طائفي متعصب.
واعتبرت المصادر المقربة من النائب فرنجية أن خطاب باسيل يعود بالمسيحيين عشرات السنين الى الوراء ويدفع نحو اتجاه إحياء حالة متطرفة في بيئتهم، كان يُعتقد أنه تم تجاوزها، منبّهة الى محاذير اختزاله للأزمة على أساس انقسام طائفي، وصولا الى سؤاله المسلمين عموما عما إذا كانوا يريدون مواصلة العيش مع المسيحيين ام لا، علما ان جزءا من هؤلاء المسلمين، أي «حزب الله»، هو حليف لـ «التيار الحر»، فكيف يجوز التعميم في الاتهام، معربة عن خشيتها من أن يكون هذا الطرح توطئة للفدرالية أو التقسيم.
ولفتت المصادر الانتباه الى أن خطاب سمير جعجع الاخير لم يتماش مع طرح «التيار الحر» حول مفهوم الميثاقية، كما ان رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل التزم الصمت حين كان الوزير باسيل يتكلم في هيئة الحوار عن هذه النقطة تحديدا، متسائلة عما إذا كان يكفي موقف الرابية وحده، حتى تُعتبر الميثاقية منتهكة.
وأشارت المصادر الى أن غياب التيار عن الحكومة يعكس أزمة سياسية حقيقية، كما أن العديد من المطالب التي يرفعها هي من حيث المبدأ محقة، ولكن هذا شيء ومحاولة اختصار الميثاقية بمكوّن سياسي واحد شيء آخر لا يمكن القبول به، لأن القوى والشخصيات الاخرى في الساحة المسيحية تختزن بدورها حيثية تمثيلية لا يصح تجاهلها.
وتساءلت المصادر المقربة من فرنجية: كيف ارتضى «التيار الحر» انتخاب ميشال سليمان رئيسا للجمهورية ولم تكن لديه مشكلة ميثاقية آنذاك، ثم افتعلها الآن برغم أن هناك تسعة وزراء مسيحيين في الحكومة؟
ورأت المصادر أن ميثاقية الرابية باتت استنسابية، ولا تخضع الى معايير واحدة، بل تُفصل على قياس المصالح المتحركة.