IMLebanon

حسن خليل: متمسكون بالحوار

hassan-khalil

 

 

أكد وزير المال علي حسن خليل أن المؤسسات النقابية أقوى من مؤسسات الدولة اليوم.

خليل، وفي كلمة بندوة نقابة الطوبوغرافيين المجازين بإدارة وتنظيم وإدارة المناطق الزراعية، ممثلاً رئيس مجلس النواب نبيه بري، قال: “نحن أمام تحديات كبيرة وآخرها تعليق جلسات الحوار لأنها تطرح تحديات أكبر من الأزمات الموجودة في البلاد ونحن نتمسك بالحوار، وندعو للعودة إليه كونه يجمع العديد من الأطراف السياسية على طاولة واحدة ما يخلق جو من الطمأنينة لدى المواطنين”.

وأضاف: “نصر على البحث عن السبل التي تعيد طاولة الحوار من جديد فالبلد بحاجة الى الوعي للمخاطر التي تمرّ بها المنطقة والتي تفرض منا مقاربة مختلفة”.

وتابع:  “إن التشكيك بوزارة المال بأنها ستصادر بعض المشاعات غير صحيح، ولكن سيتم تحديد من يستفيد من تلك الملكيات وكيف، على أن يكون ذلك ضمن القانون، وعدم استخدامها لغايات خاصة”. موضحاً أنه “لا يمكن للوطن أن يستمر من دون رئيس للجمهورية، وبمؤسسات معطلة”.

النص الحرفي لما قاله حسن خليل:

يشرفني دولة رئيس المجلس النيابي الأستاذ نبيه بري أن أمثله في هذا المؤتمر المتخصص لأنقل إليكم اهتمامه البالغ بهذا العمل الذي تقومون به على المستوى الوطني وعلى المستوى العالمي حيث الشراكة واضحة بين نقابة الطوبوغرافيين في لبنان ومؤسسات العمل الطوبوغرافي على مستوى الإقليم والمنطقة والعالم وهو نشاط لطالما تميز به اللبناني المتطلع دوماً إلى الكمال في اداء اختصاصه وواجبه المهني والمبدع أيضا في كثير من المجالات وخصوصا تلك التي تحناد إلى بجث وجد وكد كبيرين.

اليوم ربما من المستغرب أن نلتقي في مؤتمر متخصص بهذا المستوى وهذه المشاركة الكبيرة في وقت يعاني وطننا لبنان واحدة من أصعب الأزمات السياسية التي واجهها في تاريخه، ومن أكثرها تعقيداً، وهي شلل معظم مؤسساته الدستورية. لكنها إرادة اللبناني التي لم تضعف يوماً ولم تنهزم أمام كل التحديات والمصاعب، وهي الإرادة التي جعلت هذا الوطن الصغير يقوم على الدوام من مشكلاته أكثر حضوراً وإشراقاً وفاعلية على مستوى العالم.

اليوم عندما نلتقي في هذا المؤتمر فإنّنا نجدد إيماننا بهذا الوطن، وبقدرته على الحياة وعلى الإبداع وعلى التجدد وعلى البحث دائماً عن الأفضل بما يكرّسه الوطن الأنموذج الذي نحلم به.

أشهد أمامكم من موقع المسؤولية أن النقابات وقطاعات المجتمع المدني والفاعليات الإقتصادية والإجتماعيّة هي أكبر وأنجح من الدولة ومؤسّساتها، وهذا سر اللبناني على الدوام، كما كان اغترابه أقوى من حضوره. اليوم مؤسساته النقابية والاجتماعيّة هي أقوى من مؤسّسات الدولة فيه. ربما هذه المعادلة لا تستقيم مع الدول ولكن علينا أن نعترف أنها كانت دوماً الروح المجدّدة لقوّة هذا الوطن وبقائه وفاعليته.

اليوم نحن أمام تحديات كبيرة على المستوى السياسي الداخلي في لبنان وآخرها تعليق جلسات الحوار الوطني والتي نأسف للوصول إليها لأنها تطرح أمامنا تحدياً أكبر إضافة إلى التحديات المطروحة على مستوى تعطيل المؤسسات الدستورية الأخرى. إننا، مع إصرارنا على التمسّك بهذه المساحة من الحوار والتي كانت تشكل عامل اطمئنان للبنانيّين بوجود مركز تجتمع فيه القوى السياسية على اختلافها، ومع تأثُرنا بانعدام هذه الفرصة، فإننا نؤمن ونصرّ على البحث عن السبل التي تعيد انعقاد طاولة الحوار من جديد وهي أمور وإن كانت صعبة ولكنها ليست مستحيلة إذا ما قدّمنا حسابات المصلحة الوطنيّة العليا على مصالحنا الشخصيّة.

إن وطننا لبنان بأمس الحاجة في هذه اللحظة إلى وعي لهذه المخاطر التي تمر بها المنطقة كل المنطقة والتي تفرض منا مقاربة مختلفة تنتبه وتلتفت إلى أنّ حجم التحديات يعكس بأنّ العالم غير مهتم بمشاكلنا الداخليّة وبأن علينا أن نبحث عن صوغ حلول لهذه المشاكل بإرادتنا الوطنية الذاتية وليس أفضل من الحوار الوطني للوصول إلى مثل هذه التفاهمات.

لن أثقل عليكم في السياسة لكنني أقول إن ما تقومون به اليوم يشكل واحداً من أعمدة استمرار وقيام لبنان الجديد الذي نطمح إليه والذي فيه التوازن في إنتاج القطاعات المختلفة بين الزراعة والصناعة والخدمات، وليكن للقطاع الزراعي ببعده الاقتصادي والاستراتيجي مكان أساسي في خططنا نحو المستقبل، وما تقومون به اليوم يصب في خانة رسم هذه الاستراتيجيّة الوطنية التي تفرض أن نستفيد بشكل دقيق من كل المساحات المتروكة من لبنان وخصوصاً أنّ مساحة وطننا ضيّقة وخسارة أيّة بقعة من أراضيه وعدم الاستفادة منها تشكلّ مشكلة إضافة على وقائع وضعه الاقتصادي والزراعي وخلافه.

إننا نتطلع بكثير من الإنتباه والاهتمام إلى ما تقومون به ليشكّل جزءاً من استراتيجية أو خطة الدولة مستقبلاً وأن يُضَم هذا الملف الذي أنتم في صدده إلى خططها المستقبليّة من أجل ان يكون لدينا زراعة مستفيدة من كل الأراضي من دون استثناء وبطرق علميّة مدروسة تراعي وتواكب كل التطوّر الحاصل على مستوى العالم. إنّ مثل هذا الأمر ليس أمراً شكلياً نقوم به تلبية لاهتمام منظمة الفاو مثلاً أو لاهتمام البنك الدولي، بل هو تعبير عن حاجة ماسة رأتها نقابة الطوبوغرافيّين في لبنان وأرادت تسليط الضوء عليها مشكورة لتشكل ورشة العمل هذه واحدة من الأوراق الضرورية عند صوغ أي مشروع مستقبلي لمعالجة الوضع الاقتصادي والاجتماعي مستقبلاً.

قبل 14 عاماً كنت وزيراً للزراعة في لبنان وعملنا جاهدين يومها على النقاش في مثل هذه الخطة لأنّها كانت تعبّر عن مواجهة ما يسمى يومها بالتصحّر في الأراضي والبحث عن كيفية الاستفادة من كل متر من الأراضي اللبنانيّة في مشروع زراعي يعكس اهتمام الدولة بقطاعاتها المختلفة وتنوّع هذه القطاعات.

بالمناسبة، ولأن المسألة تتصل بالطوبوغرافيين الذين لهم دور أساسي في عمليّة المساحة في لبنان، دار نقاش غير مسؤول في البلد خلال الأيام الماضية حول ماذا تريد الدولة وماذا تريد وزارة المال من عمليات المسح العقاري على المستوى الوطني ككل. أعود وأؤكد أنّ واجبنا ومسؤوليّتنا هي الحفاظ على القوانين المرعيّة وحقوق الناس والبلدات والبلديّات والدولة في اراضيها ولسنا في وارد أن نمسّ في هذه الملكيات والخصوصيات العقاريّة في أي منطقة من المناطق. إننا نعمل تحت سقف القانون وفي إطار القانون في كل العمليات التي تقوم بها، وهدفنا الأساسي والأول هو الحفاظ على مصالح كل المعنيين في هذا الشأن من المواطنين إلى البلديات إلى عموم الأهالي وإلى الدولة التي وللأسف خلال عقود طويلة من الزمن سُرقت أراضيها والكثير منها أصبح في تصرّف أشخاص خلافاً للقانون وهذا ما لن نسمح به على عهدنا في وزارة المال بأن يتكرّر وسنعمل جاهدين لانتزاع حقوق الدولة من مغتصبيها وسارقيها أيًا كان هؤلاء السارقون أو المغتصبون.

إن محاولة البعض التشكيك بنيّة وزارة المال في أن تصادر الأراضي المتعلّقة بمشاعات القرى هو في غير مكانه الصحيح. ما هو لعموم أهالي القرى سيؤكّد على انتفاع عموم أهالي القرى به. وما هو موثّق وفق الأعراف المحليّة سيبقى موثّقاً وفق الأعراف المحليّة ولكن المسألة تتعلّق بتحديد النوع الشرعي لهذا الملك ومن هي الجهة المالكة ومن هم المنتفعون من هذه الأراضي.

إن قرارنا واضح في هذا المجال ولا لبس فيه ولن نسمح باستغلاله لأهداف وغايات سياسية بعيداً عمّا نطمح إليه. والحمد لله أنّ المعركة هي معركة بين أن تكون الأراضي للدولة والدولة لكل الناس أن تكون الأراضي للجمهوريّة اللبنانيّة والجمهوريّة اللبنانيّة حاضنة لكل الناس، وبين أن يتم التصرّف بها خلافاً للقانون وخلافاً للأصول على حساب حقّ كل الناس وأن تستخدم لغايات شخصيّة وخاصة. ربما البعض يمارس أدواره بطريقة مختلفة عمّا نفكّر ولهذا يحصل مثل هذا التباين أو الانقسام.

مجدداً أعبّر عن سعادتي الكبيرة لوجودي اليوم في هذا المؤتمر المتخصّص الذي يعطينا أملاً كبيراً بحياتنا بوجودنا باستمرار وطننا الوطن القادر على التميّز وعلى الإبداع على الدوام بإرادة أبنائه. يعطينا الأمل بأنّه رغم الظروف الصعبة التي نمرّ بها والتي تأتي انعكاساً ربما بجزء منها لما يجري في المنطقة، تعطي انعكاساً بأننا قادرون على النهوض في أيّ لحظة من اللحظات من الكبوة التي نعيش.

لا يمكن لهذا الوطن أن يستمر في واقعه الحالي لا يمكن له أن يستمر من دون رأس للجمهوريّة ومن دون حكومة فاعلة ومجلس نيابي مُنتِج. ولكن وللأسف ما نحن اليوم في صدده أنّ كل هذه المؤسسات مؤسّسات مشلولة، فلتعوّضوا بإرادتكم بمؤتمركم وتشكّلوا بنتيجة أعمال هذا المؤتمر ورقة عمل يستفيد منها كل من يريد أن يخطّط لمستقبل هذا الوطن لبنان.

عشتم وعاش لبنان.

September 6, 2016 12:03 PM